حكم الاستمناء بين الزوجين حال السفر
تعرف في هذا المقال على الحكم الشرعي للاستمناء بين الزوجين أثناء السفر أو المحادثات الهاتفية، مع أقوال العلماء، الأدلة الشرعية، ونصائح عملية للابتعاد عن الحرام والحفاظ على مقاصد الزواج.

-
مقدمة
الزواج في الإسلام هو ميثاق غليظ ومقصد عظيم شرعه الله تعالى لتسكين النفوس، وحفظ الفروج، وتحقيق المودة والرحمة بين الزوجين. غير أنّ الواقع المعاصر يفرض أحياناً على بعض الأزواج الغياب المتكرر أو الطويل بسبب ظروف العمل أو السفر، مما يثير تساؤلات حول كيفية ضبط الغريزة الجنسية، وهل يجوز للزوجين ممارسة الاستمناء (العادة السرية) حال البعد عبر المحادثات أو غيرها. هذه المقالة تسعى إلى بيان الحكم الشرعي، أقوال العلماء، الأدلة الفقهية، والتوجيهات العملية التي تعين الزوجين على تجاوز هذه الابتلاءات.
-
حكم العادة السرية في الإسلام بشكل عام
أجمع جمهور العلماء على أن الاستمناء باليد أو بوسيلة أخرى محرم، وهو من كبائر الذنوب إذا أصرّ العبد عليه ولم يتب. قال الله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: 5-7].وقد نص العلماء على أن الاستمناء خارج نطاق العلاقة الزوجية المباشرة داخل في قوله تعالى: "فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون".
-
هل يختلف الحكم إذا كان الاستمناء بين الزوجين أثناء السفر؟
أولاً: الاستمناء المباشر باليد أو الأصبع
- إذا قامت الزوجة بالاستمناء بنفسها أو قام الزوج بذلك بنفسه ولو كان بمشاهدة أو سماع الطرف الآخر عن بُعد، فهذا يدخل في حكم العادة السرية المحرمة.
- لا فرق هنا بين أن يكون ذلك في حضور الزوجة أو عبر الهاتف أو الفيديو أو الرسائل، لأن حقيقة الفعل هي الاستمناء بالنفس، لا ببدن الزوج.
ثانياً: الاستثارة بالمحادثة فقط دون استعمال اليد
- إذا كان الأمر مقتصراً على الكلام العاطفي أو المثير بين الزوجين مما يترتب عليه نزول المني من أحدهما دون تدخل يد أو وسيلة أخرى، فإن هذا لا حرج فيه. لأنه أشبه بتأثر الزوج برؤية زوجته مباشرة، وهو داخل في دائرة الاستمتاع المباح.
ثالثاً: الاستمناء بمباشرة الزوج لزوجته أو العكس
- إن حصل خروج المني بسبب مباشرة الزوجة لزوجها أو العكس (مثل التفخيذ أو باليد مباشرة) فهذا جائز وحلال لأنه من الاستمتاعات المشروعة بين الزوجين.
- أما إن حصل الاستمناء بفعل أحدهما بنفسه دون تدخل بدن الآخر، فهو حرام حتى لو كان بحضور الزوج أو بمحادثة مباشرة.
- إذا قامت الزوجة بالاستمناء بنفسها أو قام الزوج بذلك بنفسه ولو كان بمشاهدة أو سماع الطرف الآخر عن بُعد، فهذا يدخل في حكم العادة السرية المحرمة.
-
أقوال العلماء في المسألة
- الغزالي في إحياء علوم الدين: أشار إلى ضرورة مراعاة الزوج لحق زوجته الجنسي، وألا يفرغ شهوته قبلها، حتى لا يلحقها الضرر النفسي والجسدي.
- ابن قدامة في الكافي: نص على كراهة نزع الزوج قبل قضاء زوجته حاجتها، استناداً لحديث مرفوع ضعفه المحدثون، لكنه يحمل معنى صحيحاً في حسن العشرة.
- الشيخ عطية صقر – رحمه الله: أكد أن الزواج شرع أساساً لعفة الزوجين وتنظيم الغريزة، وأن غياب الزوج الطويل قد يعرّض كليهما للفتنة، وأن الاستمناء ليس حلاً، بل العلاج في التعجيل بلمّ الشمل أو الصبر والاستعفاف.
- الشيخ ابن عثيمين: شدد على أن من حقوق الزوجة على زوجها ألا يغيب عنها طويلاً، إلا برضاها، وإلا كان مضيعاً لحقوقها الشرعية.
- الشيخ ابن جبرين: أفتى بأن غياب الزوج لا يجوز أن يتجاوز نصف سنة إذا طلبت الزوجة حضوره، وإلا كان لها حق رفع أمرها للقاضي.
- الغزالي في إحياء علوم الدين: أشار إلى ضرورة مراعاة الزوج لحق زوجته الجنسي، وألا يفرغ شهوته قبلها، حتى لا يلحقها الضرر النفسي والجسدي.
-
الآثار السلبية للاستمناء بين الزوجين حال السفر
1. تضييع مقصد الزواج الذي هو السكن والإشباع الجنسي المشروع.
2. الاعتياد على الحرام بحجة الضرورة، مما قد يؤدي إلى ضعف العلاقة الزوجية عند اللقاء.
3. التنافر النفسي بين الزوجين، حيث يشعر أحدهما بأن الطرف الآخر لا يلبي حاجته بالطريق الشرعي.
4. الفتور العاطفي بمرور الوقت، إذ يفرغ أحد الزوجين شهوته دون الآخر، فيتأثر جوّ المودة والرحمة.
-
الحلول الشرعية لتجاوز غياب الزوج أو الزوجة
1. تقليل مدة السفر قدر المستطاع: فالمقصد من الزواج لا يتحقق مع الغياب الطويل.
2. الحرص على التواصل المباح: بالكلام الطيب والتعبير العاطفي، دون اللجوء للاستمناء المحرم.
3. الاستعفاف بالصوم: كما أوصى النبي ﷺ الشباب بالصوم عند فقدان الزوجة.
4. غض البصر وسد أبواب الفتنة: بالابتعاد عن المثيرات البصرية والسمعية.
5. الموازنة بين طلب الرزق وحفظ العرض: فالمال لا يغني عن ضياع الشرف أو وقوع أحد الزوجين في الحرام.
6. الرفع إلى القضاء عند الضرورة: إذا طال الغياب وخشيت الزوجة على نفسها الفتنة، كان لها أن تطلب عودة زوجها أو فسخ عقد النكاح.
-
حكم الغسل في هذه الحالات
- إذا حصل نزول المني بشهوة سواء بالاستمناء أو بالكلام أو غيره، وجب الغسل.
- أما إذا كان مجرد إثارة دون إنزال، فلا غسل، ويكفي الوضوء عند الصلاة.
- إذا حصل نزول المني بشهوة سواء بالاستمناء أو بالكلام أو غيره، وجب الغسل.
-
الخلاصة
الاستمناء بالنفس محرم، سواء وقع من الزوج أو الزوجة، وسواء كان بحضور الطرف الآخر أو عبر الهاتف. أما الاستثارة بالكلام فقط حتى نزول المني فهي جائزة. وعلى الزوجين أن يحرصا على صيانة الفروج والابتعاد عن ما حرّم الله، وأن يعملا على تقليل الغياب وتقدير حاجات بعضهما البعض، فالزواج في الإسلام نعمة عظيمة ووسيلة للسكن والمودة، وليس مجرد علاقة جسدية مؤقتة.
-
النصيحة العملية
أيها الزوج الكريم، لا تطل غيابك عن زوجتك بحجة المال، فإن الشرف أغلى من الذهب. وأيتها الزوجة، استعيني بالصبر والدعاء، وابتعدي عن الحرام، فإن الله يغني من فضله من صبر واتقى. والتوبة الصادقة تمحو ما مضى، ومن استغفر تاب الله عليه.