حكم لبس المرأة لحمالات الصدر (البوش أب والسيليكون) في الإسلام

هل لبس حمالة الصدر البوش أب أو البرا السيليكون جائز في الإسلام؟ تعرفي على الحكم الشرعي بالتفصيل مع الأدلة من القرآن والسنة، وأقوال العلماء في جواز ارتدائها للزوج أو تحت الثياب الواسعة، وحكمها أمام الأجانب، وفق فتاوى اللجنة الدائمة وابن عثيمين رحمه الله.

حكم لبس المرأة لحمالات الصدر (البوش أب والسيليكون) في الإسلام
حكم لبس المرأة لحمالات الصدر (البوش أب والسيليكون) في الإسلام
  • مقدمة

    مع تطور صناعة الملابس الداخلية النسائية، انتشرت أنواع متعددة من حمالات الصدر (البرَا) التي تهدف إلى التجميل وإبراز الشكل الخارجي للجسم، ومن أشهرها ما يُعرف بـ البوش أب (Push-up Bra) والبرا السيليكون والسراويل النسائية المحشوة التي تُبرز حجم المؤخرة أو الصدر.
    ولأن الإسلام دينُ الحياء والاعتدال، فقد جاءت أحكامه متوازنة بين حفظ العفة وصيانة الجسد من الفتنة، وبين السماح للمرأة بالتزين المباح في حدود الشرع.

    في هذا المقال نعرض الحكم الشرعي المفصل لهذه الأنواع من الملابس، مدعمًا بالأدلة من القرآن والسنة وأقوال العلماء، مع توضيح الضوابط الشرعية للتجمّل والستر في حياة المرأة المسلمة.

  • تعريف حمالة الصدر "البوش أب" وأنواعها

    البوش أب (Push-up Bra) هي حمالة صدر تحتوي على حشوات إسفنجية أو سيليكونية داخل الأكواب، تعمل على رفع الثديين ودفعهما إلى الأعلى وإلى الداخل، مما يجعل الصدر يبدو أكبر حجماً وأكثر امتلاءً مما هو عليه في الحقيقة.

    وتنقسم إلى أنواع:

    1.   حمالة البوش أب الإسفنجية: وفيها بطانة من القطن أو الإسفنج الصناعي.

    2.   حمالة البرا السيليكون: وتكون غالباً لاصقة على الجلد، تستعملها بعض النساء تحت الثياب المفتوحة أو الفساتين.

    3.   السراويل المحشوة أو السراويل السيليكونية: وتُستخدم لإبراز حجم الأرداف والمؤخرة.

    هذه الأنواع صُنعت لأغراض تجميلية بحتة، لكن الشريعة الإسلامية تُفرّق بين ما يكون زينة مشروعة للزوج وبين ما يُعد تبرجاً أو إظهاراً للعورة أمام الناس.

  • القاعدة العامة في لباس المرأة

    الإسلام أوجب على المرأة ستر عورتها بلباس لا يشفّ ولا يصف، فلا يجوز أن يكون اللباس ضيقاً يُظهر حجم الأعضاء أو تفاصيل الجسد.

    قال الله تعالى:

    "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا"
    (سورة النور: 31).

    وقال النبي ﷺ:

    «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا... نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ...»
    رواه مسلم (2128).

    ومعنى "كاسيات عاريات" أي يلبسن ثيابًا لا تستر أجسادهنّ حقيقةً، إما لأنها شفافة أو ضيقة تصف تفاصيل الجسم، وهذا يشمل الملابس التي تُظهر شكل الصدر أو المؤخرة ولو كانت مغطاة بالقماش.

  • الحكم الشرعي في لبس حمالات الصدر والبوش أب

    . لبسها للزوج داخل البيت: جائز ومندوب أحياناً

    يجوز للمرأة أن تتجمل لزوجها بما شاءت من الزينة المباحة، ومن ذلك لبس حمالات الصدر التجميلية التي تُظهر مفاتنها لزوجها؛ لأنها من باب التجمّل المشروع بين الزوجين.

    قال تعالى:

    "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" (النساء: 19).
    ومن المعروف أن تتجمل المرأة لزوجها ويَتجمل هو لها.

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

    «لا بأس أن تضع المرأة شيئاً يجمل ثديها لزوجها، فهذا من التجمّل، أما الشابة غير المتزوجة فلا ينبغي أن تفعل ذلك، لما فيه من إثارة الفتنة وحب الظهور».
    (فتاوى نور على الدرب)

    2. لبسها أمام النساء أو المحارم: مباح بشرط الستر

    يجوز لبسها إذا كانت الثياب فوقها فضفاضة لا تُظهر حجم الثديين ولا تُحدد معالم الجسد، لأن المقصود من اللباس هو الستر لا الوصف.
    أما إن كانت الملابس ضيقة تُظهر تفاصيل الجسد حتى أمام النساء، فقد نهى العلماء عن ذلك لما فيه من كسر الحياء وانتشار ثقافة التعري داخل البيوت.

    3. لبسها في الأماكن العامة أو أمام الرجال الأجانب: محرم

    حرّم العلماء لبس حمالات الصدر التي تُبرز حجم الثديين أو ترفعهما بحيث يظهر شكل الجسد، لأنها تدخل في النهي عن اللباس الواصف للعورة.

    وقد ورد في حديث أُسامة بن زيد رضي الله عنهما قال:

    «كَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُبْطِيَّةً كَانَتْ مِمَّا أَهْدَاهَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلَالَةً، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا»
    رواه أحمد (21834) والبيهقي وحسّنه الألباني.

    فالحديث دليل على أن الثياب التي تُظهر حجم الجسد أو صفته محرّمة شرعاً.

  • حكم البوش أب والبرا السيليكون والسراويل المحشوة

    1.    البوش أب:
    إذا لبسته المرأة تحت ثيابٍ واسعة فضفاضة لا تُظهر حجم الصدر، فلا حرج في ذلك.
    أما إن كانت الثياب ضيقة تصف الحجم أو تبرزه، فهو محرم، لأنه يدخل في النهي عن اللباس الواصف.

    2.    البرا السيليكون:
    وهي تُلبس غالباً تحت الثياب المفتوحة أو الكاشفة، وقد تُستخدم لإظهار شكل الصدر أو رفعه، ولذلك يحرم لبسها خارج البيت أو أمام الأجانب.
    ويجوز استخدامها للزوج فقط داخل البيت.

    3.    السراويل المحشوة:
    إذا كانت تُلبس بغرض إظهار حجم المؤخرة أو التدليس على الخاطب، فهي محرّمة لما فيها من الغش والغرور والفتنة.
    أما إن كانت لأغراض طبية (كتعويض عن نقص أو بعد عملية جراحية)، فيجوز بقدر الحاجة.

  • أقوال العلماء والهيئات الشرعية

    • اللجنة الدائمة للإفتاء سُئلت عن لبس حمالات الثدي، فأجابت:

    "لبس حمالات الثدي يحدده، ويجعل النساء كواعب، فتكون بذلك مثار فتنة، فلا يجوز لها أن تظهر به أمام الرجال الأجانب."
    (فتاوى اللجنة الدائمة 17/107)

    • الشيخ ابن باز رحمه الله قال:

    "يجب على المرأة أن تلبس ما يستر عورتها، ولا يصف حجم أعضائها، لأن في ذلك فتنة عظيمة."

  • ضوابط شرعية للزينة المباحة

    1.   أن تكون الزينة داخل البيت أو للزوج فقط.

    2.   ألا يكون اللباس ضيقاً ولا شفافاً ولا واصفاً للجسد.

    3.   أن يكون المقصود الزينة المشروعة لا لفت الأنظار أو التدليس.

    4.   أن تُراعى آداب الحياء والستر، فهي تاج المرأة المسلمة.

  • الخاتمة

    إن الإسلام لا يمنع المرأة من التجمّل والتزين، بل يرشدها إلى ما يرفع شأنها ويحفظ كرامتها ويصون أنوثتها.
    فكل زينة تؤدي إلى الفتنة أو كشف العورة أو التدليس فهي محرّمة، وكل زينة تقع في دائرة الزوجية والستر فهي مباحة بل محمودة.

    ولهذا فإن حمالات الصدر والبوش أب والبرا السيليكون:

    • جائزة للزوج في البيت.
    • مباحة تحت ثياب فضفاضة ساترة.
    • محرّمة أمام الأجانب أو في الثياب الضيقة.

    قال ﷺ:

    «إن لكل دين خلقًا، وخلق الإسلام الحياء»
    رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

    فلتجعل المسلمة حياءها شعارًا، وزينتها طاعة، وجمالها سترًا.