أحكام الجنابة عند النساء: الموجبات، الطهارة، والمسائل الفقهية

تعد الطهارة من أهم القضايا التي أولتها الشريعة الإسلامية عنايةً خاصة، فهي شرط لصحة الصلاة والعبادات. ومن أبرز ما يتعلق بالطهارة عند المرأة معرفة أحكام الجنابة، ومتى يجب عليها الغُسل، وكيف تميّز بين الحالات المختلفة كالمني والمذي. وقد وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية نصوص واضحة تبين موجبات الغسل وكيفية الطهارة منها، قال الله تعالى:

﴿وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6].

• لغةً: مأخوذة من الجنْب، أي البُعد.
• اصطلاحًا: الحدث الأكبر الموجب للغسل، ويشمل الرجل والمرأة.

فالمرأة تكون جُنبًا إذا حصل منها أحد الأمور الموجبة للغسل، وسيأتي تفصيلها.

1- الجماع (إيلاج الذكر في الفرج)

• إذا غاب حشفة الرجل في فرج المرأة، فقد وجب الغسل على كليهما، سواء حصل إنزال أو لم يحصل.
• الدليل: حديث النبي ﷺ:

«إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» (رواه مسلم).

2- إنزال المني بشهوة

• إذا شعرت المرأة بالذروة الجنسية وخرج منها المني بلذة وتدفق، وجب الغسل.
• الدليل: قول النبي ﷺ:

«إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» (رواه مسلم).

3- الاحتلام (رؤية المني بعد النوم)

• قد ترى المرأة في منامها ما يثير شهوتها، فإذا استيقظت فوجدت أثر المني، وجب عليها الغسل.
• الدليل: حديث أم سليم رضي الله عنها أنها سألت النبي ﷺ: «هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟» فقال ﷺ:

«نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ» (متفق عليه).

1.   خروج المذي: و يخرج عند التفكير أو المداعبة، لكنه ليس منيًّا. لا يوجب الغسل، وإنما يكفي الوضوء وغسل المكان.

2.   خروج الإفرازات الطبيعية: وهي التي تنزل من المرأة عادةً، فهذه طاهرة ولا توجب غسلاً.

3.   مداعبة الزوج دون إيلاج أو إنزال منها: في هذه الحالة لا يجب عليها الغسل، إنما يجب على الزوج فقط إذا أنزل.

المني عند المرأة

• اللون والصفة: غالبًا ما يكون أصفر رقيقًا، وقد يكون أبيض عند بعض النساء.
• الرائحة: له رائحة قريبة من رائحة الطلع (أي طلع النخل) أو رائحة العجين إذا كان رطبًا، وتصبح رائحته قريبة من رائحة بياض البيض إذا جفّ.
• كيفية الخروج: يخرج بدفق عند ذروة الشهوة (اللذة الكبرى)، ويعقبه فتور في الجسد وشعور بالارتياح.
• الحكم: إذا خرج بهذه الصفات وجب الغسل بالإجماع.

المذي عند المرأة

• اللون والصفة: سائل رقيق شفاف أو مائل للبياض.
• سبب خروجه: يخرج عند التفكير في الجماع، أو عند المداعبة، أو عند التهيج الجنسي دون دفق ولا فتور.
• الحكم: لا يوجب الغسل، وإنما يجب غسل مكانه والوضوء فقط.

الإفرازات الطبيعية

• هي إفرازات معتادة تخرج من رحم المرأة دون شهوة، وتكون غالبًا بيضاء أو شفافة.
• هذه لا تُنقض الغسل، لكن تنقض الوضوء عند كثير من الفقهاء.

خلاصة التمييز للمرأة:

• إذا خرج السائل مع شعور بالذروة والفتور بعدها = مني (يوجب الغسل).
• إذا خرج السائل مع مجرد إثارة أو تفكير دون فتور = مذي (يوجب الوضوء فقط).
• إذا خرج السائل بغير شهوة (إفرازات طبيعية) = لا يوجب الغسل، لكنه ينقض الوضوء.

جاءت السنة النبوية لتبيّن صفة الغسل الكامل:

1.   النية: تنوي رفع الحدث الأكبر.

2.   التسمية: بقول "بسم الله".

3.   غسل اليدين ثلاثًا.

4.   غسل الفرج وما أصابه من أذى.

5.   الوضوء كوضوء الصلاة.

6.   غسل الرأس ثلاثًا حتى يصل الماء إلى أصول الشعر.

7.   إفاضة الماء على الجسد كله مع الدلك.

• الدليل: حديث عائشة رضي الله عنها في صفة غسل النبي ﷺ:

«كان رسول الله ﷺ إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه... ثم يفيض الماء على جسده كله» (رواه البخاري ومسلم).

1.    هل يصح صيام المرأة وهي جُنُب؟
نعم، يصح الصيام إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر، لكن لا يجوز تأخير الغسل عن وقت الصلاة.

2.    هل يصح قراءة القرآن أو الذكر وهي جُنُب؟
لا يجوز مسّ المصحف أو قراءة القرآن حتى تغتسل، لكن يمكنها الذكر والدعاء.

3.    هل يكفي الغسل عن الوضوء؟
نعم، إذا اغتسلت بنية رفع الجنابة، أجزأها عن الوضوء.

4.    هل يجب فك الضفائر أثناء الغسل؟
يكفي وصول الماء إلى أصول الشعر، فإذا كان الشعر مضفورًا لا يجب نقضه ما دام الماء يصل إلى الجذور.

إن معرفة المرأة بأحكام الجنابة والطهارة من الأمور الضرورية، لأنها تتعلق بعبادات أساسية كالصلاة والصيام وقراءة القرآن. والقاعدة العامة: الغسل يجب عند نزول المني بشهوة أو حصول جماع، أما غير ذلك فيكفي الوضوء. وقد جاءت الشريعة بتيسير الأحكام ورفع الحرج، لتكون الطهارة وسيلة قرب من الله لا مشقة.