آدابُ قضاءِ الحاجةِ في الإسلامِ

تَتَنَاوَلُ هَذِهِ المَقَالَةُ "آدَابُ قَضَاءِ الحَاجَةِ فِي الإِسْلَامِ" وَتُسَلِّطُ الضَّوْءَ عَلَى التَّنْظِيمِ الإِسْلَامِيِّ لِهَذَا الأَمْرِ الفِطْرِيِّ لِضَمَانِ النَّظَافَةِ الشَّخْصِيَّةِ وَالسِّتْرِ وَالحِفَاظِ عَلَى البِيئَةِ. تُوَضِّحُ المَقَالَةُ مَفْهُومَ الإِسْتِنْجَاءِ وَأَهَمِّيَتَهُ وَحُكْمَهُ، مَعَ شَرْحِ كَيْفِيَّةِ اِسْتِخْدَامِ المَاءِ وَالمَوَادِّ الصَّلْبَةِ فِي الإِسْتِنْجَاءِ. كَمَا تَتَنَاوَلُ آدَابَ قَضَاءِ الحَاجَةِ، مِثْلَ التَّسَتُّرِ، الاِبْتِعَادِ عَنِ النَّاسِ، وَتَجَنُّبِ الكَلَامِ أَثْنَاءَ الحَاجَةِ، مَعَ اِسْتِشْهَادَاتٍ بِالأَدِلَّةِ مِنَ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ. المَقَالَةُ تُقَدِّمُ تَطْبِيقَاتٍ عَمَلِيَّةً مُعَاصِرَةً لِهَذِهِ الآدَابِ، مَعَ تَأْكِيدٍ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الحِفَاظِ عَلَى النَّظَافَةِ وَالآدَابِ الإِسْلَامِيَّةِ فِي جَمِيعِ جَوَانِبِ الحَيَاةِ اليَوْمِيَّةِ.

آدابُ قضاءِ الحاجةِ في الإسلامِ
  • المُقدِّمَةُ

    قَضاءُ الحاجَةِ أَمْرٌ طَبيعِيٌّ وفِطْرِيٌّ للنّاسِ جَميعًا، لكنَّ الإسلامَ اهتَمَّ بتنظيمِ هذا الأَمْرِ ووَضَعَ آدابًا له تَضْمَنُ النَّظافَةَ والسِّتْرَ والحِفاظَ على البِيئَةِ. في هذه المَقالَةِ، سَنَشْرَحُ بالتَّفْصِيلِ آدابَ قَضاءِ الحاجَةِ في الإسلامِ مع ذِكْرِ أَمْثِلَةٍ وتَطْبيقاتٍ عَمَلِيَّةٍ مُعاصِرَةٍ.

  • أَوَّلًا: الاسْتِنْجاءُ

         تَعْريفُهُ:

    الاسْتِنْجاءُ هو إزالَةُ النَّجاسَةِ الخارِجَةِ مِنَ السَّبيلَيْنِ (مَوْضِعِ البَولِ أَوِ الغائِطِ) باسْتِخْدامِ الماءِ أَوِ المَوادِّ الصُّلْبَةِ الطّاهِرَةِ مِثْلِ الحِجارَةِ أَوِ المَناديلِ الوَرَقِيَّةِ.

         حُكْمُهُ:

    الاسْتِنْجاءُ واجِبٌ مِن أَجْلِ الصَّلاةِ أَوِ الطَّوافِ أَوْ غَيْرِهِما مِنَ العِباداتِ الّتي تَشْتَرِطُ الطَّهارَةَ.

         كَيْفِيَّتُهُ:

         الاسْتِنْجاءُ بالماءِ: وهو الأَفْضَلُ والأَكْمَلُ، ويَتِمُّ بصَبِّ الماءِ على مَوْضِعِ النَّجاسَةِ حَتّى تَزولَ تَمامًا.

         الاسْتِنْجاءُ بالمَوادِّ الصُّلْبَةِ: إذا لَمْ يَتَوَفَّرِ الماءُ، يَجوزُ الاسْتِنْجاءُ بالحِجارَةِ أَوِ المَناديلِ الوَرَقِيَّةِ أَوْ أَيِّ مَادَّةٍ صُلْبَةٍ طاهِرَةٍ تُزيلُ النَّجاسَةَ، ويُشْتَرَطُ اسْتِعْمالُ ثَلاثِ مَسَحاتٍ أَوْ أَكْثَرَ حَتّى يُنَقّى المَحَلُّ.

         أَهَمِّيَّتُهُ:

         النَّظافَةُ الشَّخْصِيَّةُ: الاسْتِنْجاءُ يُحافِظُ على نَظافَةِ الجِسْمِ، ويَمْنَعُ انْتِشارَ البَكْتيرْيا والجَراثيمِ.

         صِحَّةُ العِبادَةِ: الطَّهارَةُ شَرْطٌ أَساسِيٌّ لِصِحَّةِ العِبادَةِ، والاسْتِنْجاءُ جُزْءٌ مِنَ الطَّهارَةِ.

         الوِقايَةُ مِنَ الأَمْراضِ: الاسْتِنْجاءُ يَقي مِنَ العَديدِ مِنَ الأَمْراضِ الجِلْدِيَّةِ والْتِهاباتِ المَسالكِ البوليَّةِ.

         تَطْبيقاتٌ عَمَلِيَّةٌ مُعاصِرَةٌ:

         اسْتِخْدامُ الماءِ والصّابونِ في دَوْراتِ المِياهِ الحَديثَةِ.

         اسْتِخْدامُ المَناديلِ الوَرَقِيَّةِ المُبَلَّلَةِ لِلِاسْتِنْجاءِ في حالَةِ عَدَمِ تَوَفُّرِ الماءِ.

         تَوْفيرُ أَماكِنَ خاصَّةٍ لِلِاسْتِنْجاءِ في المَساجِدِ والأَماكِنِ العامَّةِ.

  • ثانِيًا: آدابُ قَضاءِ الحاجَةِ

         أَهَمِّيَّتُها:

    آدابُ قَضاءِ الحاجَةِ تَعْكِسُ أَخْلاقَ المُسْلِمِ وحِرْصَهُ على النَّظافَةِ والسِّتْرِ واحْتِرامِ الآخَرينِ.

         الأَدِلَّةُ:

         قَوْلُهُ تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأَعْرافِ: 31]،

    فَقَدْ فَسَّرَ العُلَماءُ الزّينَةَ بالطَّهارَةِ واللِّباسِ النَّظيفِ.

         أَحاديثُ كَثِيرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ تُرْشِدُ إِلى آدابِ قَضاءِ الحاجَةِ، مِثْلَ حَديثِ:

    "لا يَسْتَقْبِلْ أَحَدُكُمُ القِبْلَةَ بِبَوْلٍ ولا غائِطٍ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

         بَعْضُ الآدابِ:

         التَّسَتُّرُ عَن عُيونِ النَّاسِ: يَجِبُ اخْتِيارُ مَكانٍ مَسْتورٍ لِقَضاءِ الحاجَةِ، وعَدَمُ التَّبَوُّلِ أَوِ التَّغَوُّطِ أَمامَ النَّاسِ، أَوْ في الأَماكِنِ المَكْشوفَةِ.

         الابْتِعادُ عَنِ النَّاسِ: يَجِبُ الابْتِعادُ عَنِ النَّاسِ مَسافَةً كافِيَةً، حَتّى لا يَتَأَذَّوا بالرّائِحَةِ أَوِ المَنْظَرِ.

         تَجَنُّبُ طَرِيقِ النَّاسِ: لا يَجوزُ التَّبَوُّلُ أَوِ التَّغَوُّطُ في طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ مَكانِ جُلوسِهِمْ أَوِ اسْتِظْلالِهِمْ.

         عَدَمُ التَّبَوُّلِ أَوِ التَّغَوُّطِ تَحْتَ الشَّجَرِ المُثْمِرِ: لأَنَّ ذلِكَ يُؤَدِّي إِلى تَلَوُّثِ الثِّمارِ.

         تَجَنُّبُ الثُّقوبِ: لأَنَّها مَأْوَى لِلْهَوامِّ، وَقَدْ تُؤْذِي الإِنْسانَ.

         عَدَمُ الكَلامِ في أَثْناءِ قَضاءِ الحاجَةِ: إِلّا لِضَرورَةٍ مِثْلَ السَّلامِ على مَن دَخَلَ.

         التَّأَكُّدُ مِن خُروجِ آخِرِ البَوْلِ: وَذلِكَ بالانْتِظارِ قَليلًا أَوِ الضَّغْطِ بُرْفُقٍ على المَثانَةِ.

         تَقْديمُ الرِّجْلِ اليُسْرى عِنْدَ الدُّخولِ إِلى بَيْتِ الخَلاءِ واليُمْنَى عِنْدَ الخُروجِ.

         الدُّعاءُ عِنْدَ الدُّخولِ والخُروجِ:

    مِثْلَ قَوْلِ: "بِسْمِ اللهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ والخَبائِثِ" عِنْدَ الدُّخولِ،

    وقَوْلِ: "غُفْرانَكَ" عِنْدَ الخُروجِ.

         عَدَمُ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ أَوِ اسْتِدْبارِها في الصَّحْراءِ: احْتِرامًا لِلْقِبْلَةِ، ويجَوزُ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ أَوِ اسْتِدْبارِها في الأَماكِنِ المُعَدَّةِ لِذلِكَ: مِثْلَ دَوْراتِ المِياهِ.

         تَطْبيقاتٌ عَمَلِيَّةٌ مُعاصِرَةٌ:

         الحِرْصُ على نَظافَةِ دَوْراتِ المِياهِ واسْتِخْدامِ المُعَطِّراتِ.

         تَوْفيرُ أَماكِنَ خاصَّةٍ لِقَضاءِ الحاجَةِ في الأَماكِنِ العامَّةِ.

         اسْتِخْدامُ المَرافِقِ الصِّحِّيَّةِ بِطَريقَةٍ صَحيحَةٍ وعَدَمُ إِلْقاءِ النِّفاياتِ فيها.

         الالْتِزامُ بالآدابِ العامَّةِ مِثْلَ غَسْلِ اليَدَيْنِ بَعْدَ قَضاءِ الحاجَةِ.

         آدابُ قَضاءِ الحاجَةِ في الإسلامِ تَعْكِسُ شُمولِيَّةَ هذا الدِّينِ واهْتِمامَهُ بِكُلِّ جَوانِبِ حَياةِ الإِنْسانِ، فَهِيَ تُعَلِّمُ المُسْلِمَ النَّظافَةَ والسِّتْرَ واحْتِرامَ الآخَرينَ والحِفاظَ على البِيئَةِ. وعلى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَحْرِصَ على الْتِزامِ هذِهِ الآدابِ في كُلِّ وَقْتٍ وحِينٍ.

  • مُلَخَّصُ المَقالَةِ (بإيجازٍ)

         الاسْتِنْجاءُ:

         إِزالَةُ النَّجاسَةِ مِنَ السَّبيلَيْنِ.

         واجِبٌ قَبْلَ الصَّلاةِ والطَّوافِ.

         الأَفْضَلُ بالماءِ، يَجوزُ بالمَوادِّ الصُّلْبَةِ (مِثْلِ الحِجارَةِ أَوِ المَناديلِ) إِنْ لَمْ يَتَوَفَّرْ.

         الآدابُ:

         التَّسَتُّرُ عَنِ الأَنْظارِ.

         الابْتِعادُ عَنِ النَّاسِ.

         عَدَمُ الكَلامِ إِلّا لِضَرورَةٍ.

         الدُّعاءُ عِنْدَ الدُّخولِ والخُروجِ.

         تَقْديمُ الرِّجْلِ اليُسْرى عِنْدَ الدُّخولِ، واليُمْنَى عِنْدَ الخُروجِ.

         عَدَمُ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ أَوِ اسْتِدْبارِها في الصَّحْراءِ، ويجَوزُ ذلِكَ في الأَماكِنِ المُخَصَّصَةِ (دَوْراتِ المِياهِ).

    تنبيه هام:

    إنَّ محتويات هذه المقالة خاصَّةٌ بموقع مؤمنة الإلكترونيِّ، ولا نجيز لأحد أخذها أو الاقتباس منها دون الإشارة لرابطها في موقعنا ولا نسامح على سرقة تعبنا فيها؛ نظرًا للوقت والجهد المبذولين فيها وحفاظًا على الحقوق العلميَّة لمحتوى موقعنا.