ماذا يفعل المسلم بالشعر والأظافر بعد قصها؟ الحكم الشرعي
ما حكم التخلص من الشعر والأظافر بعد قصها في الإسلام؟ وهل يجب دفنها أم يجوز رميها في القمامة؟ تعرف على أقوال العلماء، الأدلة الشرعية، وحكم الاحتفاظ بها أو التخلص من الأعضاء المبتورة والمشيمة والقلفة، وفق منهج الفقه الإسلامي.

جدول المحتويات
-
مقدمة
من المسائل التي يكثر السؤال عنها بين المسلمين: ما حكم التخلص من الشعر والأظافر بعد قصها؟ وهل يستحب دفنها أم يجوز رميها في القمامة أو في أماكن النجاسة؟ وهل الاحتفاظ بها على سبيل الذكرى يعد جائزًا أم مكروهًا؟ هذه الأسئلة تتصل بجانب مهم من الشريعة، وهو تكريم الله تعالى للإنسان وصيانة أعضائه وجسده حيًا وميتًا.
قال الله تعالى:
﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].ومن مقتضيات هذا التكريم أن يحافظ المسلم على حرمة ما ينفصل من جسده من شعر وأظافر ودم ونحو ذلك، فلا يستهان بها ولا تلقى في مواضع القاذورات.
-
السنة والآثار الواردة في دفن الشعر والأظافر
وردت عدة آثار وأحاديث يستفاد منها استحباب دفن الشعر والأظافر وما ينفصل من جسد الإنسان:
- روى الطبراني وابن أبي شيبة والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن الشعر والأظافر.
- وجاء عن بعض السلف أنهم كانوا يدفنونها، فقد روي أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يدفن ما يقلم من أظفاره وما يحلق من شعره.
- وعن ميل بنت مشرح الأشعرية قالت: رأيت أبي يقلم أظفاره ويدفنها، ويقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
ورغم أن كثيرًا من هذه الأحاديث في أسانيدها ضعف، إلا أن مضمونها يتوافق مع مقاصد الشريعة في صيانة الآدمي وكرامته، ولهذا قال العلماء: العمل بها على سبيل الاستحباب مشروع.
- روى الطبراني وابن أبي شيبة والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن الشعر والأظافر.
-
أقوال الفقهاء في المسألة
. المذهب الحنبلي
قال الإمام أحمد رحمه الله: كان ابن عمر يدفنه، وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بدفن الشعر والأظفار، وقال: لا يتلعب به سحرة بني آدم.
وبناء على ذلك رجح الحنابلة استحباب دفن الشعر والأظافر، حماية للإنسان من امتهان أجزائه أو استخدامها في السحر.2. المذهب الشافعي
قال الإمام النووي في المجموع: يستحب دفن ما أخذ من هذه الشعور والأظفار ومواراته في الأرض، نقل ذلك عن ابن عمر، واتفق عليه أصحابنا.
3. المذهب الحنفي
ذكر صاحب الدر المختار: (وكل عضو لا يجوز النظر إليه قبل الانفصال، لا يجوز بعده)، كالشعر الذي يغطي العورة، أو قلامة الأظافر من القدمين، فيجب دفنه صيانة لحرمة العورة.
4. المذهب المالكي
رغم أنهم لم يشددوا كغيرهم، إلا أن المالكية أقروا أن دفن ما ينفصل من الإنسان أدعى إلى صيانة الكرامة الإنسانية.
-
حكم رمي الشعر والأظافر في القمامة أو الحمام
- ذهب بعض العلماء إلى أنه لا إثم في ذلك، لكنه خلاف الأولى. فقد قال الشيخ ابن عثيمين: الأولى ألا يفعل تكريمًا لها، ولكن لو فعل فلا إثم عليه.
- أما إذا كان الشعر أو الأظافر من العورة (كعانة الرجل أو شعر المرأة)، فهنا يتأكد وجوب سترها ودفنها، حتى لا يراها أحد.
- ذهب بعض العلماء إلى أنه لا إثم في ذلك، لكنه خلاف الأولى. فقد قال الشيخ ابن عثيمين: الأولى ألا يفعل تكريمًا لها، ولكن لو فعل فلا إثم عليه.
-
حكم الاحتفاظ بالشعر أو الأظافر للذكرى
- نص الفقهاء على أن الاحتفاظ بهذه الأشياء مكروه؛ لأنه ضرب من العبث الذي يتنزه عنه المسلم.
- وقد يؤدي ذلك إلى مفسدة، وهي وقوع هذه الأجزاء في أيدي السحرة والمشعوذين الذين يستعملونها في الإضرار بالناس.
- وإذا كان الاحتفاظ بها يتضمن جزءًا من العورة (شعر أو ظفر من موضع محرم النظر إليه)، فإنه يكون محرمًا.
- نص الفقهاء على أن الاحتفاظ بهذه الأشياء مكروه؛ لأنه ضرب من العبث الذي يتنزه عنه المسلم.
-
ماذا عن الأعضاء المبتورة والمشيمة والقلفة؟
- الأعضاء المبتورة: إذا اضطر الطبيب إلى بتر عضو من جسد إنسان، فإنه يُدفن تكريمًا له، كما يدفن جسده بعد وفاته.
- المشيمة (ما يخرج بعد الولادة): استحب العلماء دفنها، اقتداءً بما ورد في آثار السلف.
- القلفة (جلدة الختان): مما استحب الفقهاء دفنه أيضًا، حفظًا لحرمة الإنسان.
- الأعضاء المبتورة: إذا اضطر الطبيب إلى بتر عضو من جسد إنسان، فإنه يُدفن تكريمًا له، كما يدفن جسده بعد وفاته.
-
الحكمة من دفن الشعر والأظافر
1. صيانة كرامة الإنسان: فالإسلام يحرص على أن يبقى جسد المسلم مكرمًا، حيًا وميتًا.
2. الوقاية من الامتهان: حتى لا تُلقى هذه الأشياء في القاذورات أو تُعبث بها الحيوانات.
3. سد باب السحر والشعوذة: فقد كان السحرة يستعملون هذه المخلفات في أعمالهم، فشرع دفنها حماية للإنسان.
4. الاقتداء بالسلف: إذ كانوا يحرصون على دفنها اتباعًا لأثر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
-
الرد على شبهة: "هل يُسأل الإنسان عن أظافره وشعره يوم القيامة؟"
لا أصل لما يتداوله البعض من أن الإنسان يُسأل يوم القيامة عن شعره وأظفاره التي ألقاها. فالشريعة لم ترد بنص في هذا المعنى، وإنما ورد الاستحباب في دفنها، أما السؤال عنها فمحض خرافة لا دليل عليها.
-
الخلاصة
- الأفضل للمسلم أن يدفن ما يقص من شعره وأظافره، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح.
- يجوز رميها في القمامة أو المجاري، ولا إثم في ذلك، لكنه خلاف الأكمل.
- يحرم إلقاء شعر العورة أو أظافرها في مواضع يطلع عليها الناس، بل يجب سترها ودفنها.
- لا يجوز الاحتفاظ بالشعر والأظافر للذكرى أو العبث، لما في ذلك من مخالفة لمقصود الشريعة واحتمال الضرر.
- الأعضاء المبتورة والمشيمة والقلفة تستحب دفنها تكريمًا للإنسان.
وبهذا يظهر أن الإسلام دين يراعي تفاصيل حياة الإنسان، حتى في أمور قد تبدو صغيرة كالاهتمام بما يسقط من شعره وأظفاره، وهذا من عظيم مقاصده في تكريم بني آدم.
- الأفضل للمسلم أن يدفن ما يقص من شعره وأظافره، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح.