تقليم الأظافر في الإسلام وأفضل وقت لقصها وآدابها الشرعية

تعرف على حكم تقليم الأظافر في الإسلام، وأفضل وقت لقصها، وآدابها الشرعية، وفق الأحاديث الصحيحة وأقوال العلماء، لتتعلم السنن النبوية في النظافة والطهارة الشخصية.

تقليم الأظافر في الإسلام وأفضل وقت لقصها وآدابها الشرعية
تقليم الأظافر في الإسلام وأفضل وقت لقصها وآدابها الشرعية
  • مقدمة

    تقليم الأظافر من السنن النبوية التي تندرج تحت عنوان "سنن الفطرة"، وهي الشعائر التي تميز المسلم بهيئته وطهارته ونظافته. هذه السنن ليست مجرد مظهر خارجي، بل تعبّر عن التزام المؤمن بنقاء الباطن والظاهر، وتنعكس أثرًا في السلوك والطهارة الشخصية.
    وفي هذا المقال نبيّن الحكم الشرعي لتقليم الأظافر، وأفضل وقته، وضوابطه وآدابه، مستندين إلى الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وإلى أقوال الفقهاء المعتبرين من المذاهب الأربعة.

  • معنى تقليم الأظافر وحكمه الشرعي

    تقليم الأظافر لغةً: القطع أو القصّ.
    وفي الاصطلاح الشرعي: هو إزالة ما طال من الظفر بحيث لا يبقى ما يضرّ أو يمنع وصول الماء عند الطهارة.

    أما حكم تقليم الأظافر فهو سنة مؤكدة من سنن الفطرة التي أمر بها النبي ﷺ.
    فقد روى الإمام البخاري ومسلم عن النبي ﷺ أنه قال:

    «خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط»
    (رواه البخاري ومسلم).

    وهذه السنن كما قال العلماء هي مما فُطر عليه الإنسان، ومن شعائر الإسلام الظاهرة التي تدل على النظافة والطهارة والاهتمام بالهيئة الحسنة.

    قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:

    “تقليم الأظافر سنة بإجماع العلماء، وهو من مكارم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام”.

    كما ذكر الشيخ عطية صقر في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:

    "تقليم الأظافر من سنن الفطرة التي حثّ عليها النبي ﷺ لحكمة الطهارة ومنع تجمع الأوساخ والجراثيم".

  • الأدلة الشرعية على استحباب تقليم الأظافر

    1.    من السنة النبوية:
    وردت عدة أحاديث صحيحة تدل على استحباب تقليم الأظافر، منها:

    o       عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

    "وُقّت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة"
    (رواه مسلم).

    2.    ويدل الحديث على وجوب عدم ترك الأظافر حتى تطول أكثر من أربعين يومًا، أي أن تقليمها دون هذا الحد من السنن المؤكدة.

    3.    من مقاصد الشريعة:
    الإسلام دين الطهارة والنظافة، قال تعالى:

    ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾
    (سورة البقرة: 222).
    فكل ما يؤدي إلى النظافة هو من الطهارة الحسية والمعنوية التي يحبها الله تعالى.

  • الحكمة من مشروعية تقليم الأظافر

    ذكر العلماء في كتبهم أن الحكمة من تقليم الأظافر تتجلى في عدة نقاط:

    • منع تجمع الأوساخ والجراثيم تحت الأظفار، مما يحافظ على نظافة اليدين ويمنع الأمراض، خاصة أثناء الأكل والوضوء.
    • تحقيق كمال الطهارة التي حثّ عليها الإسلام في الظاهر والباطن.
    • صيانة الجسد من الأذى والخدوش الناتجة عن طول الأظفار.
    • إظهار الجمال والهيئة الحسنة للمسلم، فإن الإسلام يحب التجمل في حدود الشرع.

    قال الإمام القرطبي في تفسيره (ج2/ص102) عند حديثه عن الأظافر:

    "إن طول الأظفار يجمع الوسخ ويمنع وصول الماء في الطهارة، ويشبه أظفار الطير، فكان قصها من الفطرة التي جاء بها الإسلام."

  • أفضل وقت لتقليم الأظافر

    لم يرد حديث صحيح يخص يومًا معينًا لتقليم الأظافر، إلا أن العلماء استحبّوا فعل ذلك يوم الجمعة؛ لأنه يوم اجتماع المسلمين والنظافة العامة.

    ·        قال ابن رجب الحنبلي في فتح الباري:

    "من كمال التنظف المشروع في يوم الجمعة تقليم الأظفار وقص الشارب والاغتسال والطيب، فيكون مستحبًا في هذا اليوم."

    ·        وروى البيهقي عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان:

    "يقلّم أظفاره ويقص شاربه كل جمعة."
    (رواه البيهقي بإسناد صحيح).

    أما من لم يتمكن من ذلك يوم الجمعة، فله أن يفعل في أي يوم من الأسبوع عند الحاجة، فالعبرة بالنظافة لا بالزمان.

  • ترتيب الأصابع عند تقليم الأظافر

    لم يثبت عن النبي ﷺ حديث صحيح في ترتيب معين لتقليم الأظافر.
    قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:

    “لم يثبت في ترتيب الأصابع شيء من الأحاديث الصحيحة.”

    لكن بعض الفقهاء استحبوا ترتيبًا معينًا بناءً على الاجتهاد:

    ·        النووي ذكر في شرح مسلم:
    أن الأفضل البدء بمسبحة اليد اليمنى ثم الوسطى ثم البنصر ثم الخنصر ثم الإبهام،
    وفي اليسرى بالعكس.

    ·        وذكر ابن مفلح في الآداب الشرعية ترتيبًا آخر، لكنه أكد أن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة، فلا يُبنى عليها حكم.

    إذن: يُستحب البدء باليد اليمنى ثم اليسرى، اتباعًا لقاعدة التيمن في كل الأمور، كما في حديث عائشة رضي الله عنها:

    "كان النبي ﷺ يعجبه التيمن في شأنه كله"
    (رواه البخاري).

  • المدة القصوى لترك الأظافر دون تقليم

    بيّن النبي ﷺ في الحديث السابق أن المدة القصوى أربعون ليلة، فلا يجوز ترك الأظافر أكثر من ذلك؛ لأن في تركها إهمالًا للسنة ومخالفة للفطرة.

    قال الإمام النووي:

    “اتفق العلماء على أن ترك الأظافر أكثر من أربعين يومًا مكروه كراهة شديدة، ويُخشى أن يأثم إن تركها حتى تتشوه وتمنع الطهارة.”

  • ضوابط وآداب تقليم الأظافر

    1.   النية الصالحة: أن يقصّها المسلم اتباعًا للسنة لا لمجرد العادة.

    2.   التيمن في البدء: البدء باليد اليمنى ثم اليسرى.

    3.   عدم المبالغة في القص حتى لا يضر الجلد.

    4.   دفن الأظافر أو التخلص منها بطريقة لائقة، تعظيمًا لنعمة الله في خلق الإنسان.

    5.   عدم تقليم الأظافر في المقابر أو الأماكن غير النظيفة.

    6.   عدم إطالتها تشبهًا بالكفار أو النساء المترفات كما ورد في كتب الفقه.

  • حكم إطالة الأظافر للزينة

    اتفق العلماء على أن إطالة الأظافر مكروهة للرجال والنساء إذا كانت لغير حاجة شرعية.
    أما طلاء الأظافر بمادة تمنع وصول الماء فهو مانع من صحة الوضوء والغسل.

    قال الشيخ عطية صقر رحمه الله:

    "إطالة الأظافر وصبغها عادة دخيلة على المسلمات، تمنع الطهارة وتدل على التكلف، ولا تفعلها إلا من غلبت عليها المظاهر."

    كما قال الإمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

    "وفروا الأظفار في أرض العدو فإنها سلاح."
    أي للحاجة فقط، لا للزينة.

  • الأخطاء الشائعة في تقليم الأظافر

    • الاعتقاد بوجود حديث صحيح يحدد ترتيبًا معينًا أو يوصي ببدء الإصبع الخنصر: وهذه روايات ضعيفة.
    • ترك الأظافر طويلاً بحجة الجمال أو الموضة: وهو مخالف للفطرة.
    • قصّها في الحمام دون أدب أو احترام: مما يعدّ من قلة النظافة والأدب الشرعي.
  • الخاتمة

    تقليم الأظافر عبادة منسية من سنن الفطرة، تجمع بين النظافة والطاعة والجمال المشروع. وهي دليل على الالتزام بسنة النبي ﷺ في أدق تفاصيل الحياة اليومية.
    فينبغي للمسلم أن يحرص على تطبيقها بانتظام، تطهيرًا لجسده وروحه، وإظهارًا لجمال الإسلام في السلوك والمظهر.

    قال ﷺ:

    «إن الله جميل يحب الجمال»
    (رواه مسلم).

    فمن تمام الجمال، أن يكون المسلم نظيف الظاهر، طيب الرائحة، حسن الهيئة، موافقًا لفطرته التي فطره الله عليها.