حكم أخذ الشعر والأظافر لمن أراد أن يضحي

تعرف على الحكم الشرعي في أخذ الشعر والأظافر لمن أراد الأضحية في عشر ذي الحجة، مع الأدلة من السنة وآراء العلماء وفتاوى موثوقة، ومتى يبدأ النهي ومتى ينتهي، وحكم من خالفه.

حكم أخذ الشعر والأظافر لمن أراد أن يضحي
حكم اخذ الشعر والأظافر للمضحي
  • مقدمة

    مع اقتراب موسم الأضاحي وفضل أيام العشر من ذي الحجة، يتكرر السؤال بين المسلمين: هل يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره أو أظافره شيئًا؟ وهل الحكم مختلف بين من يذبح بنفسه أو يوكل غيره؟ وهل يأثم من خالف ذلك؟ في هذا المقال، نُبين الحكم الشرعي في ضوء أقوال العلماء، وفتاوى المعاصرين، والحكمة من هذا النهي، حتى يكون المسلم على بصيرة في عبادته وطاعته.

  • الدليل من السنة النبوية

    أصل المسألة ما رواه الإمام مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    «إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئًا».
    وفي رواية: «فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره، شيئًا حتى يضحي».

  • حكم أخذ الشعر والأظافر للمضحي

    أولاً: من عزم على الأضحية

    اتفق جمهور العلماء على أن من أراد أن يُضحي، سواء بنفسه أو عن غيره، يُستحب له أن لا يأخذ من شعره أو أظافره أو بشرته شيئًا من بداية دخول شهر ذي الحجة وحتى يذبح أضحيته.

    أقوال العلماء:

    • قال الإمام النووي في شرح مسلم:

    "قال أصحابنا: والحكمة أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار".

    • وذكر ابن قدامة في المغني:

    "فإن فعل استغفر الله، ولا فدية عليه، لا عمدًا ولا نسيانًا".

    • وقال النووي في المجموع:

    "مذهبنا أن إزالة الشعر والظفر مكروهة كراهة تنزيه، لا تحريم".

    • أما الإمام أحمد، وسعيد بن المسيب، وداود الظاهري فقالوا:

    "يحرم على من أراد الأضحية أخذ شيء من شعره وأظفاره وبشرته بعد دخول عشر ذي الحجة حتى يضحي".

    ثانياً: من أوكِل له الذبح ولم يُضحِ عن نفسه

    من كان وكيلاً عن غيره في ذبح الأضاحي، لا يُمنع من أخذ شيء من شعره أو أظفاره، لأنه ليس هو المضحي الحقيقي، بل صاحب الأضحية هو المخاطب بالحكم.

    ثالثاً: الحاج الذي سيهدي

    • إذا كان الحاج ليس من أهل الأضحية، وأراد أن يهدي فقط (كمن عليه هدي التمتع أو القِران)، فلا يُمنع من الأخذ.
    • أما من أراد الحج ويجمع بين الأضحية والهدي، فالحكم يختلف، فإن كان سيذبح أضحية عن نفسه وأهله، فيدخل في النهي.
  • متى يبدأ المنع ومتى ينتهي؟

    • يبدأ الامتناع عن الأخذ بمجرد رؤية هلال ذي الحجة، أي من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي القعدة.
    • ينتهي المنع بعد ذبح الأضحية، أي في يوم النحر أو أيام التشريق لمن أخر الذبح.
  • ما يُمنع منه المضحي

    ما يُمنع منه المضحي

    • لا يأخذ من:
      • شعر الرأس أو الوجه (الشارب).
      • شعر الإبط والعانة.
      • الأظافر.
      • أي جزء من البشرة.

    ويجوز له:

    • الاغتسال.
    • التطيب.
    • الجماع ومباشرة الأهل.
    • قص شعر أولاده أو غيره من أفراد الأسرة.
  • الحكمة من النهي

    ذكر العلماء عدة حكم لهذا المنع، منها:

    1.   التشبه بالمحرم في بعض الأمور، إشعارًا بعظم الشعيرة.

    2.   ليُعتق من النار كامل الجسد، كما أن الأضحية كاملة، يُرجى أن يكون المضحي كذلك.

    3.   أن تكون الأضحية فداء عن كل جزء من جسد المضحي، فلا ينقص منه شيء حتى تتم رمزية الفداء.

    قال المناوي في فيض القدير:

    "فليجتنب المضحي إزالة شعر نفسه ليبقى كامل الأجزاء فيُعتق كله من النار"

  • ماذا لو أخذ من شعره أو أظافره ناسيًا أو متعمدًا؟

    • لا فدية عليه باتفاق العلماء.
    • الأضحية تبقى صحيحة ولا تتأثر.
    • يُستحب أن يستغفر الله إذا فعل ذلك عمدًا.

    قال ابن قدامة:

    "فإن فعل استغفر الله تعالى ولا فدية فيه إجماعًا، سواء فعله عمدًا أو نسيانًا".

  • رأي دار الإفتاء المصرية

    • اعتبرت دار الإفتاء أن النهي ليس على وجه التحريم بل على وجه الاستحباب، وأن قص الشعر والأظافر للمضحي مكروه تنزيهًا وليس حرامًا.
    • وأكدت أن من فعل ذلك فلا يؤثر على صحة الأضحية ولا يُطلب منه الكفارة أو التوبة إلا بالاستغفار العام.
  • الأسئلة الشائعة حول حكم أخذ الشعر والأظافر للمضحي

    1. هل قص الشعر للمضحي يُبطل الأضحية؟
    لا، قص الشعر أو الأظافر لا يُبطل الأضحية، لكن يُخالف السنة لمن تعمد فعله، ويُستحب له الاستغفار.

    2. هل النهي يشمل المرأة التي تضحي؟
    نعم، إذا نوت المرأة أن تضحي عن نفسها، فيشملها الحكم كالرجل تمامًا.

    3. إذا وكلت شخصًا في الذبح، هل أمتنع عن الأخذ من الشعر؟
    نعم، لأنك أنت المضحي الحقيقي، أما الوكيل فلا يشمله النهي.

    4. ماذا أفعل إن حلقت شعري دون أن أعلم بدخول ذي الحجة؟
    لا شيء عليك، ولا إثم، والأضحية صحيحة بإجماع العلماء.

    5. هل يجوز إزالة الشعر الزائد أو الحلاقة للعروس التي ستتزوج في العشر؟
    إذا كانت هي المضحية، فيُستحب تأجيل الأخذ من الشعر والأظافر حتى الذبح، أما إذا لم تضحي بنفسها فلا حرج.

  • خلاصة الأحكام في نقاط

    • النهي عن أخذ الشعر والأظافر والبشرة يشمل من عزم على التضحية فقط.
    • الحكم يبدأ من أول ليلة من ذي الحجة، وينتهي بذبح الأضحية.
    • لا فدية ولا إثم على من أخذ شيئًا منها ناسيًا أو جاهلاً.
    • الحكم لا يشمل الوكيل أو من يذبح عن غيره فقط.
    • النهي ليس تحريمًا عند جمهور الفقهاء، لكنه مستحب عندهم، وبعضهم ذهب إلى التحريم.
  • خاتمة

    إن الالتزام بسنن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها عدم أخذ شيء من الشعر أو الأظفار لمن أراد الأضحية، من علامات تعظيم شعائر الله، وقد قال تعالى:
    {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].
    فلنحرص على تعظيم هذه الشعيرة، سواء باعتقادنا بسنيتها أو وجوبها، مع الحرص على الالتزام بالهدي النبوي في جميع العبادات.