الأحكام المتعلِّقة بزكاة الحليِّ للمرأة
تناول المقال الأحكام المتعلِّقة بزكاة حليِّ المرأة سواء أكان ملبوسًا أو مُتَّخذًا للزِّينة، مع بيان نِصَابِهِ ومقدار زكاته وعيار الذَّهب الواجب الزَّكاة منه، وكيفيَّة حسابه، وبيان حكم زكاة الحليِّ من غير الذَّهب والفضَّة، والحليِّ الموروث، وحكم إخراج الزَّوج زكاة الحليِّ لزوجته.
![الأحكام المتعلِّقة بزكاة الحليِّ للمرأة](https://mumenah.com/uploads/images/202409/image_870x_66f9758aaabae.jpg)
جدول المحتويات
- أوَّلاً: هل تجب الزَّكاة على حليِّ المرأة؟
- ثانيًا: هل يجب إخراج الزَّكاة على الحليِّ الَّذي يُلْبَسُ دائمًا؟
- ثالثًا: ما حكم زكاة حليِّ المرأة على المذاهب الأربعة؟ وما الدَّليل؟
- رابعًا: ما هو النِّصاب في زكاة الحليِّ؟ وكيف يتمُّ حساب زكاة الحليِّ؟
- خامسًا: ما هو عيار الذَّهب الَّذي تُحسَب عليه الزَّكاة؟
- سادسًا: هل تجب الزَّكاة على اللُّؤلؤ والياقوت والألماس وغيرها من الأحجار الكريمة؟
- سابعًا: هل يجب على الزَّوج دفع زكاة حليِّ زوجته؟
- ثامنًا: هل تجب الزَّكاة على الحليِّ الموروث؟
-
أوَّلاً: هل تجب الزَّكاة على حليِّ المرأة؟
المسألة خلافيَّةٌ بين الفقهاء، إذ يوجد أنواعٌ من الحليِّ تجب الزَّكاة فيها بالاتِّفاق بين الفقهاء، وحليٌّ اختلف الفقهاء فيما بينهم بوجوب الزَّكاة فيها، وتفصيل ذلك:
1. الحليُّ الَّتي تجب الزَّكاة فيها بالاتِّفاق:
· الحليُّ المستعمل استعمالاً محرَّمًا، كأن يتَّخذ الرَّجل حليَّ الذَّهب للاستعمال، وإنَّما وجبت الزَّكاة فيه لأنَّ صاحبه استخدمه لغير الغرض الَّذي صنع له، وهو زينة النِّساء، فخرج حكمه عن كونه حليًّا، وبقي على حكم الأصل من وجوب الزَّكاة فيه على كونه ذهبًا.
· الحليُّ المكنوز الَّذي لم يقصد به صاحبه الاستعمال، وإنَّما قصد به الادِّخار فأشبه المال، وخرج عن كونه حليًّا فوجبت فيه الزَّكاة بالاتِّفاق إذا توافرت فيه الشُّروط.
2. الحليُّ الَّتي اختلف الفقهاء في وجوب زكاتها:
الحليُّ المستعمل استعمالاً مباحًا كحلي الذَّهب للمرأة وخاتم الفضَّة للرَّجل.
-
ثانيًا: هل يجب إخراج الزَّكاة على الحليِّ الَّذي يُلْبَسُ دائمًا؟
اختلف الفقهاء فيما بينهم في وجوب الزَّكاة على حليِّ المرأة المستخدم في الزِّينة:
· فذهب بعض الفقهاء إلى عدم وجوب الزَّكاة في ذهب المرأة المستخدم في الزِّينة.
· وذهب البعض الآخر بوجوبها، والأولى إخراج زكاتها لسدِّ حاجة الفقراء.
-
ثالثًا: ما حكم زكاة حليِّ المرأة على المذاهب الأربعة؟ وما الدَّليل؟
اختلف الفقهاء فيما بينهم على حكم وجوب الزَّكاة في الحليِّ المستعمل الَّذي تلبسه المرأة ولا تقصد به الادِّخار:
· فذهب المالكيَّة والحنابلة والشَّافعي -على أحد قوليه- إلى عدم وجوب الزَّكاة في الحليِّ المباح المستعمل. واستدلُّوا:
o بِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي اللَّه عنها- أَنَّهَا كَانَتْ تَلِي بَنَاتِ أَخِيهَا فِي حِجْرِهَا لَهُنَّ الْحُلِيَّ فَلَا تُخْرِجُ مِنْهُ الزَّكَاةَ.
o وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي اللَّه عنهما- أَنَّهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتِهِ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ ثُمَّ لَا يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ.
o وَمَا رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنهما- أَنَّهَا كَانَتْ تُحَلِّي ثِيَابَهَا الذَّهَبَ، وَلَا تُزَكِّيهِ نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ أَلْفًا.
o وَمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً سَأَل جَابِرًا -رضي الله عنه- عَنِ الْحُلِيِّ أَفِيه زَكَاةٌ؟ فَقَال جَابِرٌ لَا، فَقَال: وَإِنْ كَانَ يَبْلُغُ أَلْفَ دِينَارٍ فَقَال جَابِرٌ كَثِيرٌ.
o كما استدلُّوا بقياس الحليِّ المباح على ثياب البدن والأثاث في أنَّها مُرصَدةٌ في استعمالٍ مباحٍ، فسقط وجوب الزَّكاة فيها.
· وذهب الحنفيَّة والشَّافعي -على القول الثَّاني- إلى وجوب الزَّكاة في الحليِّ المباح المستعمل. واستدلُّوا:
o بحديث عبد اللَّه بن عمرو أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَال لَهَا: أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ قَالَتْ: لَا. قَال: أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ قَال: فَخَلَعَتْهُمَا فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.
o كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ -رضي اللَّه عنها- قَالَتْ: دَخَل عَلَيَّ رَسُول اللَّهِ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- فَرَأَى فِي يَدِيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ، فَقَال: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ، فَقُلْتُ: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: أَتُؤْتِينَ زَكَاتَهُنَّ؟ قُلْتُ: لَا، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ قَال: هَذَا حَسْبُكِ مِنَ النَّارِ.
· وبأنَّ الحليَّ مالٌ نامٍ، ودليل النَّماء الإعداد للتِّجارة في أصل خِلْقَتِه.
· وعند الأخذ بمذهب المالكيَّة والحنابلة وقول الشَّافعيَّة بعدم وجوب الزَّكاة في حليِّ النِّساء تُراعَى الضَّوابط التَّالية:
أ- أن يكون الاستعمال مباحًا، فتجب الزَّكاة فيما يستعمل استعمالاً محرَّمًا (كالتَّزيُّن بحليٍّ على صورة تمثال).
ب- أن يُقصَد بالحليِّ التَّزيُّن، فإذا قُصِدَ به الادِّخار أو الاتِّجار، فتَجِبُ فيه الزَّكاة.
ج- أن يكون الاستعمال في حاجةٍ آنيَّةٍ غير مستقبليَّةٍ بعيدة الأجل (كمن يدَّخره لتحلية زوجته في المستقبل).
د- أن يبقى الحليُّ صالحًا للتَّزيُّن به، ولذا تجب الزَّكاة في الحليِّ المتهشِّم الَّذي لا يستعمل إلَّا بعد صياغةٍ وسَبْكٍ.
ه- أن تكون الكمِّيَّة المستعملة من الحليِّ في حدود القصد والاعتدال عُرفًا، أمَّا إذا بلغت حدَّ الإسراف والتَّبذير فتجب الزَّكاة فيما زاد عن حدِّ الاعتدال.
-
رابعًا: ما هو النِّصاب في زكاة الحليِّ؟ وكيف يتمُّ حساب زكاة الحليِّ؟
يُراعَى في بيان مقدار زكاة الحليِّ بيان نصاب الذَّهب والفضَّة، ومقدار الزَّكاة الواجب إخراجها.
· نصاب الذَّهب والفضَّة:
ويقصد بالنِّصاب مقدار المال الَّذي تجب فيه الزَّكاة وهي:
o الذَّهب: (85) جرامًا.
o الفضَّة: (595) جرامًا.
· وكيفيَّة حساب زكاة الحليِّ، أو مقدار الزَّكاة الواجب إخراجها من الذَّهب والفضَّة:
تؤخذ الزَّكاة ممَّا وجبت فيه من الذَّهب والفضَّة بنسبة ربع العشر (2.5)، وهذا باتِّفاق الفقهاء.
-
خامسًا: ما هو عيار الذَّهب الَّذي تُحسَب عليه الزَّكاة؟
· عيار الذَّهب الَّذي يعتمد في تحديد نصاب الزَّكاة هو عيار (24)، لأنَّه هو الذَّهب الخالص، وأمَّا الذَّهب من عيار (18) أو (21) فإنَّه ليس ذهبًا خالصًا، بل فيه معادن وفلزَّات أخرى.
· فمن أراد أن يعلم هل النُّقود الَّتي عنده تبلغ نصابًا أم لا؟ فإنَّه ينظر إلى قيمة (85) جرامًا من الذَّهب عيار (24)، وليس (18) أو (21) أو غيرهما.
· ومن كان عنده جرامات ذهب من عيار (18) أو (21) فإنَّه لا يُزكِّي تلك الجرامات جميعها، وإنَّما يعرف الخالص منها وينظر فيه:
o فإن بلغ الخالص (85) جرامًا من عيار (24) فقد بلغ النِّصاب،
o وإن كان أقلَّ من (85) جرامًا لم يبلغ النِّصاب.· أو يحسب قيمة ما لديه من الذَّهب فإن بلغت قيمته (85) جرامًا من الذَّهب عيار (24) فقد وجبت فيه الزَّكاة.
-
سادسًا: هل تجب الزَّكاة على اللُّؤلؤ والياقوت والألماس وغيرها من الأحجار الكريمة؟
· إذا كان الألماس وغيره من الأحجار الكريمة لا يقصد به صاحبه التِّجارة، بل يراد للزِّينة أو الادِّخار فلا زكاة فيه، ولو كانت له قيمةٌ غاليةٌ جدًّا.
والحكمة من ذلك:
كون الزَّكاة إنَّما تجب في المال الَّذي يعمل صاحبه على تنميته وزيادته أو يكون قابلاً لذلك، فما لا تقصد به التِّجارة من هذه الأحجار الكريمة فهو بمنزلة الحاجة الخاصَّة بصاحبها كالثِّياب والمتاع وهذه بالاتِّفاق لا زكاة فيها.
-
سابعًا: هل يجب على الزَّوج دفع زكاة حليِّ زوجته؟
نفرِّق بين حالتين:
· أن يدفع زكاة حليِّ زوجته من ماله:
في هذه الحالة لا يجوز للرَّجل أن يدفع زكاة زوجته من ماله الخاصِّ، لأنَّ الزَّكاة واجبة عليها في مالها، فوجب عليها إخراجها من مالها.· أن يدفع الزَّوج زكاة حليِّ زوجته من مالها:
ويكون دوره توزيع المال وتفريقه على الفقراء، فهذه الصُّورة لا مانع منها. -
ثامنًا: هل تجب الزَّكاة على الحليِّ الموروث؟
نفرِّق في حكم الذَّهب الموروث بين حالتين:
· أن يكون الذَّهب الموروث متَّخذًا للادِّخار، فهذا الذَّهب تجب الزَّكاة فيه بالاتِّفاق، حكمه حكم المال الموروث.
· أن يكون الذَّهب الموروث متَّخذًا للزِّينة، فالمسألة ههنا خلافيَّة:
o ذهب الجمهور إلى عدم وجوب الزَّكاة فيه.
o وذهب الحنفيَّة وقول للشَّافعيَّة في وجوب الزَّكاة في الحليِّ المتَّخذ للزِّينة.
o والأحوط في حقِّهم إخراج زكاة الحليِّ الموروث، واللَّه تعالى أعلم.تنبيه هام:
إنَّ محتويات هذه المقالة خاصَّةٌ بموقع مؤمنة الإلكترونيِّ، ولا نجيز لأحد أخذها أو الاقتباس منها دون الإشارة لرابطها في موقعنا ولا نسامح على سرقة تعبنا فيها؛ نظرًا للوقت والجهد المبذولين فيها وحفاظًا على الحقوق العلميَّة لمحتوى موقعنا.