قصة نزول الحجاب وأحكامه الشرعية
"تعرف على القصة الكاملة لنزول الحجاب في الإسلام، من زواج زينب بنت جحش إلى حادثة سودة بنت زمعة، مع بيان أسباب نزول آية الحجاب وأحكامه الشرعية في القرآن والسنة، والرد على الشبهات حول فرض الحجاب وأدلته."

-
مقدمة
يُعدّ الحجاب في الإسلام أحد أهم الأحكام الشرعية التي ارتبطت بالعفة وصيانة المجتمع، وقد نزلت آياته بالتدرّج، في سياق وقائع تاريخية جسّدتها حياة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن. ولأن الحجاب مرتبط بمقصد شرعي عظيم وهو حفظ الأعراض وصيانة المجتمع من الفتنة، فقد حظي باهتمام خاص في القرآن والسنة وأقوال العلماء.
وقد تعددت أسباب نزول آيات الحجاب، فهناك حادثة زواج النبي ﷺ من زينب بنت جحش، وهناك أيضًا حادثة خروج سودة بنت زمعة رضي الله عنها، كما لعبت مواقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه دورًا في إظهار شدة الحاجة إلى الحجاب حتى وافق رأيه ما أنزله الله عز وجل.
في هذه المقالة نستعرض قصة نزول الحجاب كاملة، مع بيان أحكامه الشرعية والفروق بين وقائع النزول، والرد على الشبهات المثارة حوله.
-
الحجاب لغة واصطلاحًا
- لغةً: الحجاب في اللغة هو الساتر، ومنه قول الله تعالى: ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ﴾ [الأعراف:46].
- اصطلاحًا: هو ما تستر به المرأة بدنها وزينتها عن نظر الأجانب، سواء كان ذلك جدارًا أو ثوبًا أو غطاءً.
- لغةً: الحجاب في اللغة هو الساتر، ومنه قول الله تعالى: ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ﴾ [الأعراف:46].
-
قصة نزول الحجاب في زواج زينب بنت جحش
ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ لما تزوج زينب بنت جحش رضي الله عنها دعا القوم لطعام، فلما فرغوا جلس بعضهم يتحدثون، فاستحيا النبي ﷺ أن يطلب منهم الانصراف، فأنزل الله قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ... وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الأحزاب: 53].
هذه الآية كانت بداية تشريع الحجاب، إذ تضمنت:
- منع الدخول بغير إذن.
- فرض الحجاب بين الرجال الأجانب وأمهات المؤمنين.
- تعليم آداب الاستئذان وزيارة البيوت.
وقد كان نزولها في السنة الخامسة من الهجرة كما ذكر ابن حجر في فتح الباري.
- منع الدخول بغير إذن.
-
قصة سودة بنت زمعة رضي الله عنها
روى البخاري ومسلم أن سودة رضي الله عنها خرجت لقضاء حاجتها بعد فرض الحجاب، وكانت امرأة جسيمة يعرفها من يراها، فرآها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: "أما والله ما تخفين علينا يا سودة"، فذكرت ذلك للنبي ﷺ، فنزل الوحي وهو يأكل عرقًا (عظمًا فيه لحم)، فقال:
"قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن"
وبهذا قرر الإسلام التوازن: الحجاب مع السماح بالخروج للحاجة دون حرج.
-
دور عمر بن الخطاب رضي الله عنه
جاء في الحديث الصحيح أن عمر بن الخطاب قال:
"وافقت ربي في ثلاث… ومنها آية الحجاب".فقد كان شديد الغيرة على نساء النبي ﷺ، وأشار عليه بحجبهن حتى لا يراهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب موافقة لرأيه.
لكن، لا يعني ذلك أن القرآن نزل من رأي عمر، بل كان رأيه موافقة لقدر الله وعلمه السابق، والدليل أن الأحكام الشرعية تنزل مرتبطة بمقاصد كلية، وليس استجابة لآراء بشرية مجردة. -
المواضع القرآنية لذكر الحجاب
وردت آيات الحجاب في مواضع متعددة، منها:
1. النور/31: الأمر بغض البصر وحفظ الفرج وضرب الخمار على الجيوب.
2. النور/60: تخفيف الحكم عن القواعد من النساء.
3. الأحزاب/33: الأمر بالقرار في البيوت والنهي عن التبرج.
4. الأحزاب/53: فرض الحجاب في بيوت النبي ﷺ.
5. الأحزاب/59: فرض إدناء الجلباب على جميع نساء المؤمنين.
-
الفرق بين قصة زينب وقصة سودة
- في زواج زينب: كان التشريع متعلقًا بالآداب الاجتماعية داخل بيت النبي ﷺ وفرض الحجاب بين أزواجه والأجانب.
- في حادثة سودة: كان الأمر متعلقًا بمدى ضرورة خروج النساء وقضاء حوائجهن، فجاء التوازن بين الحجاب ورفع الحرج.
- في زواج زينب: كان التشريع متعلقًا بالآداب الاجتماعية داخل بيت النبي ﷺ وفرض الحجاب بين أزواجه والأجانب.
-
الرد على الشبهات
يُشيع بعض المشككين أن الحجاب نزل استجابة لرأي عمر رضي الله عنه، وكأن الوحي يتبع آراء البشر. والرد على ذلك من وجوه:
1. الوحي مستقل: الأحكام نزلت بمقاصد كلية مرتبطة بالعفة والطهارة.
2. موافقة الرأي لا تعني السببية: عمر أبدى رأيًا نابعًا من غيرته، فوافق حكم الله الذي كان سينزل على كل حال.
3. النبي ﷺ لم يكن يعمل برأي عمر حتى ينزل الوحي، وإنما كان ينتظر أمر الله.
4. الحجاب شُرع للعموم: فلم يقتصر على أزواج النبي ﷺ فقط، بل شمل نساء المؤمنين كافة كما في قوله تعالى: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: 59].
-
الأحكام الشرعية المستفادة.
1. وجوب الحجاب على المرأة المسلمة أمام الرجال الأجانب.
2. جواز خروج المرأة للحاجة مع الالتزام بالستر.
3. مشروعية الاستئذان عند دخول البيوت.
4. حرمة التبرج وإظهار الزينة لغير المحارم.
5. سد الذرائع المفضية للفتنة، وهو مقصد شرعي عظيم.
-
الخاتمة
إن الحجاب في الإسلام ليس عادة اجتماعية ولا استجابة لرأي بشري، بل هو حكم رباني شرعه الله لحفظ الطهارة وصيانة الأعراض. وقد نزل مرتبطًا بوقائع أظهرت حاجة المجتمع إليه، فجاءت الآيات لتقرر هذا الحكم الخالد.
والأمة اليوم أحوج ما تكون للتمسك بالحجاب باعتباره هوية إيمانية، وشعارًا للعفة، وامتثالًا لأمر الله تعالى.قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ [الأحزاب: 59].