كم مرة يجوز للخاطب رؤية وجه خطيبته المنتقبة؟

تعرف في هذا المقال على الحكم الشرعي لرؤية الخاطب وجه خطيبته المنتقبة، كم مرة يجوز النظر إليها؟ وهل يمكن تكرار النظر كل شهر مرة؟ مع ذكر الأدلة وأقوال العلماء وضوابط الخطبة الشرعية.

كم مرة يجوز للخاطب رؤية وجه خطيبته المنتقبة؟
كم مرة يجوز للخاطب رؤية وجه خطيبته المنتقبة؟
  • مقدمة

    تُعد فترة الخطوبة من المراحل المهمة في بناء الأسرة المسلمة، حيث شرع الإسلام النظر الشرعي للمخطوبة لتحقيق الطمأنينة والقبول بين الطرفين، لكن يبقى السؤال المطروح: كم مرة يجوز للخاطب رؤية وجه خطيبته المنتقبة؟ وهل يحق له تكرار النظر بشكل دوري، كأن يراها كل شهر مرة؟ هذا المقال يقدم بيانًا فقهيًا مفصلاً، مدعومًا بالأدلة وأقوال العلماء.

  • حكم النظر إلى المخطوبة

    ·        أجمع العلماء على أن الخاطب يجوز له النظر إلى من يريد خطبتها، وقد وردت عدة أحاديث صحيحة تحث على ذلك:

      • قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    "إذا خَطَبَ أحدُكُم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل"
    (رواه أحمد وأبو داود).

      • وقال صلى الله عليه وسلم لرجل أراد خطبة امرأة:

    "انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"
    (رواه أحمد وأصحاب السنن).

    ·        ذهب جمهور الفقهاء (الحنفية، المالكية، الشافعية) إلى أن النظر يباح للوجه والكفين فقط؛ لأن الوجه يدل على الجمال، والكفين يدلان على خصب البدن.

    ·        بينما ذهب الحنابلة في رواية مشهورة إلى أنه يجوز النظر إلى ما يظهر غالباً في البيت كاليدين والقدمين ونحو ذلك، وفي رواية أخرى عندهم: الاقتصار على الوجه.

  • هل يجوز تكرار النظر إلى المخطوبة؟

    • الأصل أن يكتفي الخاطب بالنظر مرة واحدة تكفي لتحقيق الغرض.
    • لكن أجاز العلماء تكرار النظر أكثر من مرة عند الحاجة، كأن لم يحصل الاطمئنان من المرة الأولى، أو نسي الخاطب ملامحها، أو أراد التأكد من أمر في وجهها.
    • قال ابن مفلح في الفروع:

    "وله تكراره وتأمّل المحاسن بلا إذن".

    وعليه، فإن النظر مشروع حتى يطمئن الطرفان إلى الرغبة في الزواج، فإذا تحقق الغرض وجب الكف؛ لأن المرأة لا تزال أجنبية عنه حتى يتم العقد.

  • هل يجوز للخاطب أن يرى خطيبته كل شهر مرة؟

    رأي بعض العلماء:

    • الشيخ خالد بهاء الدين أفتى بعدم جواز النظر المتكرر لمجرد النظر فقط، وقال:

    "لكن إذا كان لرؤيتها أثر في تثبيت الخطوبة، كأن تكون نسيت شكلها، أو احتجت إلى التيقن من شيء في وجهها، أو أردت أن تراجع الخطوبة، فيجوز تكرار النظر كلما احتجت إلى ذلك. أما النظر لمجرد النظر فقط فلا يجوز".

    وبيّن أن السبب في المنع هو أن الخاطب قد ينظر إلى المخطوبة نظر شهوة، وهو محرم بالاتفاق، حتى لو لم تكن منتقبة.

    • الشيخ أحمد سالم وضّح الفكرة بأسلوب واقعي فقال:

    "مفيش لخطيبتك بدون شهوة إلا إذا خطبت خالتك... بدون شهوة أي لا يزيد ما في قلبك عند النظر على ما يكون لأختك وأمك، وهذا صعب جدًا مع خطيبتك، إلا لو خطبتها صدقة عشان تكفّر ذنوبك".

    خلاصة الأمر:

    • لا يجوز جعل النظر عادة متكررة (مثل مرة كل شهر)؛ لأن الرؤية ليست للتمتع، بل لتحقيق غرض محدد وهو الاطمئنان.
    • فإذا تحقق هذا الغرض من النظرة الأولى أو الثانية، انتهت الحاجة وبقي الأصل وهو غض البصر.
  • هل تكشف المخطوبة وجهها ويديها طوال فترة الخطوبة؟

    ·        أجاب الشيخ ابن باز رحمه الله عن هذا السؤال فقال:

    "لا حرج على الخاطب في النظر إلى مخطوبته، ولا حرج عليها في النظر إليه، حتى يطمئن كل واحد منهما للآخر، فإذا اطمأنا كفى، والمقصود أن النظر لا بأس به من دون خلوة، حتى يطمئن إلى الرغبة أو عدمها".

    ·        وهذا يعني أن الكشف يكون لمرة أو مرات معدودة حتى يتحقق الاطمئنان، وليس طوال فترة الخطوبة.

  • محادثة الخاطب للمخطوبة في الهاتف

    • الأصل أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يتم عقد الزواج، ولذلك لا يجوز التواصل معها إلا في حدود الحاجة وبإذن وليها.
    • الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي وضّح أنه:
      • يجوز الكلام للمصلحة الشرعية فقط، مثل النصح أو التوجيه.
      • يجب أن يكون بضوابط شرعية، بعيدًا عن الخضوع بالقول أو المبالغة في الكلام.
      • إذا رفض ولي الفتاة المكالمات، وجب الالتزام برأيه، لأن الولي لا يزال مسؤولًا عنها.
  • ضوابط النظر الشرعي للمخطوبة

    1.   أن يكون النظر بغير خلوة، بل بحضور وليها أو أحد محارمها.

    2.   أن يكون بقدر الحاجة فقط، لا لمجرد التلذذ.

    3.   أن يقتصر على الوجه والكفين، إلا عند من أجاز من الحنابلة الزيادة على ذلك.

    4.   أن ينتهي عند تحقق الغرض، فلا يتحول إلى عادة أو لقاءات متكررة بلا حاجة.

    5.   أن يكون بنية الخطبة الجادة، لا للعب أو التسلي.

  • الخلاصة

    • يشرع للخاطب أن يرى وجه خطيبته المنتقبة عند الحاجة للاطمئنان إلى القبول.
    • يجوز تكرار النظر أكثر من مرة عند الضرورة، لكن لا يجوز جعله عادة (مثل رؤيتها كل شهر مرة)، لأن الأصل هو بقاء الأحكام الشرعية التي تجعلها أجنبية عنه.
    • بعد تحقق الغرض من النظرة الشرعية، يجب الكف عن النظر حتى يتم عقد الزواج.
    • التواصل بين الخاطب والمخطوبة في الهاتف أو غيره لا يكون إلا للحاجة المعتبرة وبإذن وليها، وبالضوابط الشرعية.