حكم طهارة المني وأثره على الصلاة والملبس

تعرف في هذا المقال على حكم المني في الإسلام، وهل يعد طاهرًا أم نجسًا؟ مع عرض أقوال العلماء الثلاثة وبيان القول الراجح بالأدلة الشرعية من السنة النبوية، وذكر الفرق بين المني والمذي من حيث الطهارة.

حكم طهارة المني وأثره على الصلاة والملبس
حكم طهارة المني
  • مقدمة

    يعد موضوع طهارة المني من المسائل الفقهية التي اختلف فيها العلماء، وهو أمر يمس حياة المسلم اليومية، خاصة في مسائل الطهارة والصلاة. فهل المني نجس يجب غسله كالبول؟ أم أنه طاهر لا يؤثر وجوده على الثياب أو البدن؟ وهل تختلف طهارته إذا كان رطبًا أو يابسًا؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذه المقالة المفصلة، المعززة بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال العلماء، بأسلوب يناسب محركات البحث ويخدم القارئ المتدين والمطلع على أحكام دينه.

  • تعريف المني وحقيقته

    المني: ماء الرجل الغليظ الذي يخرج بلذة واندفاع، غالبًا بعد الجماع أو الاحتلام. وهو ما يقع به التناسل والتكاثر، ويعد خروجه من نواقض الوضوء.

    وقد ورد في الحديث الصحيح: "الماء من الماء" أي الغسل يجب بخروج المني، ما يدل على عظم شأنه في أبواب الطهارة.

  • أقوال العلماء في طهارة المني

    القول الأول: المني نجس كالبول

    ذهب الإمام مالك وبعض أهل العلم إلى أن المني نجس، ويجب غسله سواء كان رطبًا أو يابسًا.
    قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: "فأما المني فهو من الآدمي نجس بلا إشكال."
    واعتبروا أن خروجه من السبيلين يجعله في حكم الخارج النجس كالبول.

    القول الثاني: المني نجس ويكفي فركه إن كان يابسًا

    وهو مذهب الحنفية، حيث قالوا إن المني نجس، ولكن إن جف على الثوب يكفي فركه لإزالته، ولا يشترط غسله بالماء.
    جاء في العناية شرح الهداية: "المني نجس يجب غسله إن كان رطبًا، فإذا جف على الثوب أجزأ فيه الفرك."
    واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها: "كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسًا." رواه الدارقطني.

    القول الثالث: المني طاهر مستخبث (وهو الراجح)

    قال به الشافعية والحنابلة، وبه قال ابن تيمية، والإمام الشافعي، وأحمد بن حنبل، وهو القول المفتى به في مواقع الفتوى المعتبرة مثل إسلام ويب والإسلام سؤال وجواب.

    قال الشافعي في "الأم": "المني ليس بنجس."
    واستدلوا بحديث عائشة في "الصحيحين": "كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه."
    ولم تأمره بغسله، ولو كان نجسًا لما صحت صلاته إلا بعد تطهيره.

    وفي "مسند الإمام أحمد" حديث صحيح عن عائشة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر، ثم يصلي فيه." أي يمسحه دون غسل.

  • الحكم الشرعي المختار

    القول الراجح أن المني طاهر، لكنه مستخبث، أي مما تستقذره النفوس، فيستحب غسله أو حكه من الثياب لا لكونه نجسًا، بل لأنه غير محبذ بقاؤه.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا من خصائص المستقذرات لا من أحكام النجاسات، فإن عامة القائلين بنجاسته لا يجوزون مسح رطبه."

    الفتوى الراجحة

    أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وموقع الإسلام سؤال وجواب، بأن المني طاهر، ولا يجب غسله من البدن أو الثوب إلا استحبابًا.
    لكنهم أكدوا على أن المذي يختلف عنه، فهو نجس ويجب غسله.

  • هل تصح الصلاة في ثوب أصابه مني؟

    نعم، الصلاة صحيحة في الثوب الذي عليه مني، بناءً على القول الراجح بطهارته. لكن الأفضل إزالته خروجًا من الخلاف، خاصة إن كان رطبًا.

    قال الشيخ ابن باز: "المني طاهر، فإذا كان في ثوبك وصليت فيه، فالصلاة صحيحة، لكن الأفضل حكه إن كان يابسًا، وغسله إن كان رطبًا."

  • الفرق بين المني والمذي في الطهارة

    • المني: طاهر على الراجح، لا يجب غسله، ويكفي فركه إن كان يابسًا.
    • المذي: نجس باتفاق العلماء، ويجب غسله بالماء، سواء من البدن أو الثوب، ويجب غسل الذكر والأنثيين والوضوء بعد خروجه.
  • هل تنتقل النجاسة إلى الملابس الأخرى إذا جف المني؟

    إذا كان المني جافًا فلا ينتقل أثره إلى ملابس أخرى جافة، ولا تعتبر هذه الملابس نجسة.

    قال الخرشي المالكي: "الشيء المتنجس يجوز الانتفاع به، إلا في الصلاة."
    ويجوز النوم على فراش أصابه مني جاف، ولا يجب غسله ما لم يُرد الصلاة عليه.

  • خاتمة

    تبين لنا أن الراجح من أقوال العلماء أن المني طاهر لا نجس، ولا يجب غسله من الثوب أو البدن، إلا استحبابًا للنظافة والتخلص من المستقذرات، وهو ما يعزز رحمة الشريعة ويسرها. لكن في ذات الوقت، يجب التفريق بينه وبين المذي، الذي يُعد نجسًا باتفاق، ويترتب عليه غسل ووضوء.

    ولذلك يُنصح من ابتُلي بهذا الأمر ألا يوسوس، وأن يعتمد على القول الراجح، ولا يلتفت للشكوك بعد غسل الثياب أو فرك المني اليابس