ماذا يفعل الزوج إذا امتنعت عنه زوجته في الإسلام؟

اكتشف الحكم الشرعي في امتناع الزوجة عن زوجها في الإسلام، وما يترتب عليه من حقوق وواجبات. تعرف على كيفية تصرف الزوج خطوة بخطوة وفق القرآن والسنة وآراء العلماء مثل ابن قدامة والنووي، بطريقة شرعية رحيمة تحقق العدل والإصلاح الأسري.

ماذا يفعل الزوج إذا امتنعت عنه زوجته في الإسلام؟
ماذا يفعل الزوج إذا امتنعت عنه زوجته في الإسلام؟
  • مقدمة

    الزواج في الإسلام ميثاق غليظ يقوم على المودة والرحمة، وقد جعل الله تعالى لكل طرف حقوقًا وواجبات تحفظ الأسرة وتبني الاستقرار. ومن أبرز هذه الحقوق المعاشرة الزوجية، التي تُعتبر من مقاصد الزواج الأساسية. لكن ماذا لو امتنعت الزوجة عن زوجها؟ وما هو الحكم الشرعي والإجراء الذي ينبغي على الزوج اتباعه؟ هذا ما سنوضحه في هذه المقالة.

  • معنى الامتناع والنشوز شرعًا

    • النشوز لغةً: الارتفاع والتكبر.
    • واصطلاحًا: امتناع الزوجة عن أداء ما يجب عليها من الحقوق الزوجية، مثل المعاشرة أو الإقامة في بيت الزوجية، من غير عذر شرعي.

    قال ابن قدامة في المغني (ج 7 / ص 233):

    "فإن امتنعت من فراشه، أو خرجت من منزله بغير إذنه، فهي ناشز، تسقط نفقتها."

    وهذا يوضح أن الامتناع غير المبرر يدخل في باب النشوز.

  • الأدلة الشرعية من القرآن والسنة

    1.    من القرآن الكريم:
    قال الله تعالى:
    ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: 34].
    هذه الآية وضّحت مراتب التعامل مع النشوز بدءًا بالوعظ، ثم الهجر، ثم الضرب غير المبرح كحلّ أخير.

    2.    من السنة النبوية:
    قال النبي ﷺ:

    «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح» (رواه البخاري ومسلم).

    هذا الحديث يؤكد حرمة الامتناع دون عذر شرعي.

  • الأعذار الشرعية التي تُبيح الامتناع

    ليس كل امتناع يُعتبر نشوزًا؛ فهناك حالات مشروعة، منها:

    • الحيض والنفاس.
    • المرض البدني أو النفسي الذي يجعل الجماع ضررًا.
    • التعب الشديد أو العجز المؤقت.
    • سوء معاملة الزوج أو وقوع ضرر محقق عليها.

    ذكر النووي في المجموع شرح المهذب (ج 16 / ص 409):

    "إذا امتنعت لعذرٍ من مرضٍ أو حيضٍ أو نفاسٍ أو نحو ذلك لم تكن ناشزًا."

  • خطوات علاج امتناع الزوجة في الإسلام

    1- الوعظ والإرشاد

    أول خطوة هي النصح بالحسنى وتذكير الزوجة بحقوق الزوج، مع الاستشهاد بالأحاديث والآيات. الهدف هنا الإصلاح لا الإضرار.

    2- الهجر في المضجع

    إذا استمر الامتناع، ينتقل الزوج إلى الهجر في المضجع، كما جاء في القرآن الكريم، أي ترك مشاركتها الفراش حتى تشعر بأثر امتناعها.

    3- الضرب غير المبرح (كحل أخير)

    أجاز بعض الفقهاء الضرب غير المبرح كمرحلة أخيرة، شريطة أن يكون خفيفًا للتأديب، لا للإيذاء أو الانتقام. قال ابن قدامة في المغني:

    "الضرب المأذون فيه هو غير المبرح، الذي لا يكسر عظمًا ولا يجرح جلدًا."

    4- إنذار بالطاعة

    من الوسائل الشرعية والقانونية أن يقوم الزوج بإنذار زوجته للعودة إلى الطاعة، وهو ما يثبّت حالة النشوز إذا أصرت على الامتناع.

    5- إثبات النشوز وسقوط بعض الحقوق

    إذا ثبت النشوز، تسقط عن الزوجة بعض الحقوق مثل النفقة والسكنى، كما نص ابن قدامة في المغني.

    6- اللجوء إلى القضاء الشرعي

    إذا استمر الخلاف ولم يجدِ الإصلاح نفعًا، يكون اللجوء إلى القضاء الشرعي أو محاكم الأسرة للفصل في الأمر وإعطاء كل ذي حق حقه.

  • الآثار الشرعية للنشوز

    • سقوط النفقة الواجبة.
    • إسقاط حق المبيت إن امتنعت دون عذر.
    • بقاء عصمة النكاح مع إمكانية الإصلاح متى عادت الزوجة للطاعة.

    قال التويجري في موسوعة الفقه الإسلامي:

    "النشوز يسقط بعض الحقوق الزوجية، لكنه لا يسقط عقد النكاح، إذ يبقى للزوج حق الإصلاح أو الطلاق."

  • التوازن بين الحقوق والواجبات

    الإسلام دين رحمة وعدل، لذلك شدّد الفقهاء على أن الزوج يجب أن يكون عادلًا في طلبه، وأن يتجنب التعسف أو الاستغلال. فالمعاملة الطيبة والرفق أساس نجاح العلاقة الزوجية.

  • خاتمة

    امتناع الزوجة عن زوجها في الإسلام بدون عذر شرعي يُعد نشوزًا، وقد تناولت كتب الفقه هذه المسألة بوضوح مثل المغني لابن قدامة والمجموع للنووي وموسوعة الفقه الإسلامي للتويجري. الحل يبدأ بالحوار والوعظ، ثم بالوسائل التدرجية التي شرعها الله، وصولًا إلى القضاء عند الحاجة.

    وبذلك يظل الهدف الأسمى هو الإصلاح وبناء المودة والرحمة، لا مجرد المطالبة بالحقوق بشكل جاف.