حكم تهييج الشهوة بين الزوجين بالشتائم البذيئة وقبيح الكلام والضرب

تعرف على الحكم الشرعي للكلام البذيء والضرب بين الزوجين أثناء العلاقة الزوجية في الإسلام، مع الأدلة الشرعية والضوابط الفقهية، وكيفية بناء علاقة قائمة على المودة والرحمة بعيدًا عن الفحش والإهانة

حكم تهييج الشهوة بين الزوجين بالشتائم البذيئة وقبيح الكلام والضرب
حكم تهييج الشهوة بين الزوجين بالشتائم البذيئة وقبيح الكلام والضرب
  • مقدمة

    إن العلاقة الزوجية في الإسلام تقوم على المودة والرحمة، كما قال الله تعالى:
    ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].
    وهذه العلاقة لم تُبنَ على العنف والإهانة، بل على العفة والإشباع الفطري المشروع، والبعد عن صور الانحراف أو التشبّه بأهل الفساد. ومع كثرة التساؤلات في هذا العصر حول ما يفعله بعض الأزواج من ألفاظ نابية أو ضربٍ أثناء الجماع بغرض التهييج، كان لا بد من بيان الحكم الشرعي لهذه الممارسات.

  • مقاصد النكاح في الإسلام

    • تحقيق العفة: الزواج وسيلة لحفظ الفرج وغض البصر وصون النفس عن الحرام.
    • إشباع الغريزة بالحلال: الجماع بين الزوجين من أسباب الاستقرار النفسي والجسدي، كما قال ابن القيم رحمه الله: "ومن منافعه غض البصر، وكف النفس، والقدرة على العفة عن الحرام".
    • تعزيز المودة والرحمة: العلاقة الحميمة طريق لتوثيق رابطة الحب والسكينة بين الزوجين.
  • الكلام بين الزوجين أثناء الجماع

    أجازت الشريعة الكلام بين الزوجين بما يعين على زيادة اللذة وتحقيق الأنس، ككلمات الغرام والعشق، بل وحتى ذكر الأعضاء باسمها العرفي أو الصريح، بشرط أن يكون ذلك في إطار مشروع.

    • قال تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: 187].
    • وفسر العلماء الرفث بأنه يشمل الجماع ومقدماته والكلام المتعلق به.
    • لكن هذه الإباحة لا تعني فتح الباب للفحش والسب والشتم، لأن المؤمن مأمور بحفظ لسانه عن القبيح.
  • حكم استخدام الشتائم البذيئة لإثارة الشهوة

    • الأصل أن السب والقذف منهي عنه شرعًا، حتى لو لم يقصد به حقيقة الإهانة، لقول النبي ﷺ:
      (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ) رواه الترمذي وصححه الألباني.
    • هذه الألفاظ تشابه ما يجري في بيوت الدعارة بين أهل الفساد، فلا يليق بالمؤمن أن يعتادها مع زوجه الطاهرة العفيفة.
    • الخطر الأكبر أن تصبح عادة لازمة للزوجين، بحيث يفتر حبهما ويفقدان الرغبة الطبيعية دون هذه الألفاظ، مما ينعكس سلبًا على العلاقة.
  • حكم الضرب أثناء العلاقة الزوجية

    • الضرب المباح في الشرع جاء مقيدًا، وهو في سياق نشوز الزوجة، على أن يكون غير مبرح ولا مهينًا، وليس في العلاقة الحميمة.
    • أما اتخاذ الضرب وسيلة لإثارة الشهوة، وخاصة إذا كان على أنحاء الجسد مع الألم والإهانة، فهو خارج عن حدود الشرع ويمثل تعديًا على كرامة الزوجة.
    • قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19]. والمعاشرة بالمعروف تنافي الإهانة والاعتداء.
  • مخاطر هذه الممارسات

    1.   مخالفة مقاصد الشريعة التي تبني العلاقة على المودة والرحمة.

    2.   التشبه بأهل الفاحشة من الزواني والساقطين.

    3.   الآثار النفسية السلبية على الزوجة، خصوصًا إذا كانت تعاني من أمراض نفسية كالاكتئاب.

    4.   تحول الأمر إلى عادة قهرية تضعف التواصل الطبيعي بين الزوجين.

  • التوبة والرجوع إلى المنهج الصحيح

    على الزوجين أن يتقيا الله في هذه العلاقة، وألا يجعلا من الشهوة مدخلًا للشيطان. فإن ما أباحه الله من الكلمات الجميلة والمداعبات والمقدمات يكفي لإرواء الغريزة.
    قال ﷺ: (وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ) رواه البخاري.
    فالواجب أن يضبطا نفسيهما ويبتعدا عن المحرمات، حتى تكون حياتهما مبنية على الطهر والعفة.

  • التوجيه لمن هو في فترة الخطوبة

    من أخطر ما ورد في بعض الاستشارات أن الحوار في هذه الأمور وقع قبل الزواج بين الخاطب وخطيبته، وهو أمر محرم؛ لأن الخطيبة أجنبية حتى يتم عقد النكاح.

    • فلا يجوز الحديث معها في تفاصيل المعاشرة أو إثارة الغرائز.
    • المطلوب الالتزام بالحدود الشرعية حتى يتم الزواج، ثم ينفتح الباب لكل مباح بين الزوجين.
  • خاتمة

    العلاقة الزوجية في الإسلام ميدان للطهر والسكينة، وليست مجالًا للإهانة والابتذال. والكلام العفيف والمداعبة الحلال يغني عن استخدام الألفاظ البذيئة أو الضرب المهين. إن المؤمنين مدعوون لحفظ ألسنتهم وأجسادهم عن كل ما يشين، ولتحقيق العفة والمودة في أجواء طاهرة تحفظ للزوجين كرامتهما، وتضمن لهما الاستقرار النفسي والشرعي.