حُسْنُ العِشْرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ: أَسَاسُ الاسْتِقْرَارِ الأُسَرِيِّ، وَأَمْرٌ شَرْعِيٌّ وَاجِبٌ.

في خضم الحياة المعاصرة ومشكلاتها المتراكمة، يغفل الكثير من الأزواج عن ركنٍ أساسي في العلاقة الزوجية، وهو حسن العشرة. هذا المبدأ ليس فقط خُلقًا كريمًا، بل هو واجب شرعي أكّدت عليه نصوص القرآن والسنة، لما له من أثر في استقرار الأسرة والمجتمع ككل. فالمعاملة بالمعروف، والرفق، والاحترام المتبادل، تشكّل دعائم الحياة الزوجية الناجحة. وفي هذا المقال نعرض مفهوم حسن العشرة، وأدلته، وأهميته، وكيفية تطبيقه عمليًا، مع أمثلة واقعية، وبأسلوب سهل يناسب محركات البحث.

حُسْنُ العِشْرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ: أَسَاسُ الاسْتِقْرَارِ الأُسَرِيِّ، وَأَمْرٌ شَرْعِيٌّ وَاجِبٌ.
حسن العشرة ببن الزوجين
  • أولاً: مفهوم حسن العشرة في الإسلام وأهميتها

    "العِشرة" لغةً مأخوذة من العَشْر، أي المخالطة والملازمة.

    وحسن العشرة في الإسلام تعني: المعاملة الطيبة، والتلطف في القول والفعل، والرفق، والشفقة، والصبر، والتقدير.

    ويشمل حسن العشرة بين الزوجين:

    ·       الرفق واللين في التعامل.

    ·       تفهّم الطباع والاختلافات.

    ·       عدم الإهانة أو التحقير.

    ·       المبادرة بالإحسان.

    ·       ستر الزلات.

    ·       التعاون في المسؤوليات.

    وقد بيّن القرآن الكريم هذا المفهوم بوضوح في قوله تعالى:

     "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" [النساء: 19].

    أي: عاملوا النساء بالمعروف، من غير خشونة أو إيذاء، لا قولًا ولا فعلًا.

    أهمية حسن العشرة في الإسلام

    1. تحقيق السكينة النفسية 

    فالمعاملة الحسنة تزرع الطمأنينة في القلب. 

    2. بناء جيلٍ سوي: الأبناء الذين ينشأون في بيئة محبة يتعلمون القيم الإيجابية. 

    3. التقرب إلى الله: الالتزام بحقوق الزوجية من أعظم العبادات.

  • ثانياً: أدلة حسن العشرة من القرآن الكريم

    1.     المعاملة بالمعروف:

     "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" [النساء: 19]

    يأمر الله تعالى الأزواج أن يعاملوا زوجاتهم بالحسنى، ويشمل ذلك النفقة، الكلام الطيب، وتجنب العنف.

    2. العدل والتكافؤ:

     "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" [البقرة: 228]

    هذه الآية تؤكد أن للمرأة مثل ما عليها، فلا يجوز للزوج أن يطلب منها ما لا يعطيه.

    3. الصبر على الخلافات:

     "فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" [النساء: 19]

    الله سبحانه يلفت نظر الزوج إلى احتمال وجود الخير في الزوجة حتى لو كره منها أمرًا ما.

    4. الحذر من الإهانة:

     "وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ" [الحج: 18]

    هذا وعيد لمن يظلم ويهين غيره، وهو يشمل الزوج إذا أهان زوجته.

  • ثالثاً: أدلة حسن العشرة من السنة النبوية

    1. الوصية بالنساء:

     "استوصوا بالنساء خيرًا" – متفق عليه

    هذه وصية جامعة من النبي ﷺ توصي بحسن معاملة النساء.

    2. خير الناس خيرهم لأهله:

     "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" – رواه الترمذي

    ربط النبي ﷺ الخيرية في المجتمع بالخيرية داخل البيت.

    3.   عدم كره الزوجة:

    "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر" – رواه مسلم

    دعوة صريحة لتقبل الطباع المختلفة وعدم تضخيم العيوب.

    4. الوصية بالنساء  في حجة الوداع:

    "فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله" – مسلم

    يذكر النبي ﷺ بحرمة العلاقة الزوجية، وأنها قائمة على أمانة وعهد.

    من يُحرَم حسن العشرة في الدنيا، فحسابه عند الله عسير. وقد ورد أن المرأة تكون خصمًا لزوجها عند الله إذا ظلمها.

  • رابعاً: الفرق بين حسن العشرة بين الزوجين والإحسان العام للآخرين

    يجب أن نعي أن الزوجة لها حقٌ خاص، يفوق الحقوق العامة لباقي المسلمين، وذلك لدخولها في النصوص الخاصة بالإضافة إلى النصوص العامة. فلا يكفي أن يكون الزوج حسن الخلق مع الناس ويهمل زوجته، بل الأولى أن يبدأ بها.

  • خامسا: أمثلة واقعية على حسن العشرة

    1. الزوجة المتعبة والمعذورة

    زوج عاد إلى بيته ووجد زوجته لم تُنجز الغداء، بدلًا من الصراخ، بادر بالمساعدة، فأثّر موقفه فيها وأحبت خدمته أكثر.

    2. زوجة مشغولة بالأطفال والدراسة

    زوج يتولى رعاية الأطفال كل مساء لتتمكن زوجته من متابعة دراستها، رغم ضغوط العمل. هذا من التعاون على البر والتقوى.

    3. الحوار في الخلاف

    حصل خلاف حول زيارة الأهل، فجلسا بهدوء وتناقشا بصراحة، ووصلا لحل وسط أرضى الطرفين، دون تدخل خارجي.

    4. إهداء بسيط، وأثره كبير

    زوج لاحظ تعب زوجته، فاشترى لها عطرًا بسيطًا مع ورقة كتب فيها: "شكرًا على صبرك". دمعت عيناها، وذهب تعب اليوم كله

  • سادساً: وسائل عملية لتحقيق حسن العشرة بين الزوجين

    أولًا: للزوج

    ·       الرفق واللين في التعامل، ولو في الغضب.

    ·       الاهتمام بمشاعر الزوجة والحديث معها.

    ·       الإنفاق دون منّ ولا أذى.

    ·       عدم التسلط أو احتقار رأيها.

    ·       التزين لها كما تحب أن تتزين له.

    ·       عدم مقارنتها بغيرها.

    ثانيًا: للزوجة

    ·       الطاعة في المعروف، والاحترام.

    ·       الحرص على نظافة بيتها وزوجها.

    ·       تقدير تعبه وكلامه، ولو بكلمات بسيطة.

    ·       عدم كثرة الشكوى.

    ·       عدم إفشاء أسرار الزوج.

  • سابعاً: متى تفقد العلاقة بين الزوجين حسن العشرة؟

    ·       عند سوء الكلام أو استخدام الألفاظ الجارحة.

    ·       عند الضرب أو الإهانة.

    ·       اللامبالاة بمشاعر الطرف الآخر.

    ·       التقصير في الحقوق الأساسية.

    ·       غياب الحوار أو الحلول المشتركة.

    ·       الإفراط في المقارنة أو انتقاد الشكل/المال.

  • الخاتمة

    في النهاية، تبقى العلاقة الزوجية مسؤولية مشتركة قائمة على الاحترام، وحسن المعاملة، والحب الصادق، والتسامح. والأهم أن يتذكر كل طرف أنه سيسأل أمام الله عن حقوق الآخر. فليجعل كلٌ منا هدفه رضا الله في علاقته الزوجية، ولتكن حياتنا قائمة على قوله تعالى:

     "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"

    "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ"