حق الزوجة في طلب الجماع ومداعبة زوجها في الإسلام
تعرف على حق الزوجة في طلب الجماع ومداعبة زوجها في الإسلام، مع الأدلة الشرعية من القرآن والسنة، وآراء الفقهاء حول العشرة بالمعروف، وكيف يحقق ذلك السعادة الزوجية والمودة والرحمة بين الزوجين.

-
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تُثار بين الحين والآخر تساؤلات في الأوساط الزوجية عن حدود العلاقة الخاصة بين الزوجين، وهل للزوجة أن تطلب من زوجها المعاشرة كما يطلب هو منها؟ وهل في ذلك تعارض مع الحياء أو سوء أدب؟ هذه الأسئلة تنطلق غالبًا من تصورات اجتماعية موروثة أكثر مما تنطلق من النصوص الشرعية الصحيحة. والحق أن الشريعة الإسلامية جاءت بمنظور متوازن يراعي الطبيعة الإنسانية للرجل والمرأة على حد سواء، وجعلت العلاقة الزوجية قائمة على المودة والرحمة والتكامل، لا على الاستئثار والهيمنة.
-
الأصل في العلاقة الزوجية الإباحة والاستمتاع المتبادل
لقد جعل الله تعالى الزواج ميثاقًا غليظًا، وجعل له مقاصد عظيمة، من أهمها تحصيل العفاف والسكينة وغضّ البصر عن الحرام، قال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].ومن مقاصد الزواج كذلك حصول المتعة الحلال، وهو أمر مشروع للطرفين، قال صلى الله عليه وسلم:
«وفي بضع أحدكم صدقة» رواه مسلم.
فإذا كان الرجل مأجورًا على إعفاف نفسه وزوجته، فكذلك المرأة مأجورة إذا نوت بعلاقتها الحلال حفظ نفسها وزوجها من الوقوع في الفاحشة. -
حق الزوجة في طلب الجماع ومداعبة زوجها
كثير من النساء يعتقدن أن طلب الجماع حق خالص للرجل، وأن إبداء الرغبة من طرف الزوجة يعد خروجًا عن الحياء، بينما الأدلة الشرعية تبين خلاف ذلك.
1. النصوص النبوية الدالة على الملاعبة والمداعبة المتبادلة:
في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجابر:
«فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك» (رواه البخاري ومسلم).
وهذا دليل صريح على أن الملاعبة والمداعبة حق مشترك بين الزوجين.2. إباحة إظهار المرأة رغبتها:
ورد في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأتى أهله زينب رضي الله عنها فقضى حاجته، ثم قال:
«إذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله؛ فإن ذلك يرد ما في نفسه» (رواه مسلم).
وهذا المعنى ليس مقصورًا على الرجال؛ بل يشمل النساء أيضًا، لأن الشهوة مركوزة في طبائع البشر من الجنسين.3. إجماع الفقهاء على حق الزوجة في الوطء:
ذكر الإمام المرداوي في الإنصاف: "واختار الشيخ تقي الدين وجوب الوطء بقدر كفايتها ما لم ينهك بدنه أو يشغله عن معيشته".
وبهذا يتضح أن للمرأة أن تطلب حقها من زوجها، وليس ذلك من سوء الأدب، بل هو حق شرعي. -
العلاقة بين الحياء المشروع والجرأة المحمودة
الحياء خُلق محمود في الإسلام، لكنه إذا وضع في غير موضعه صار عائقًا عن استقرار الحياة الزوجية. فالزوجة التي تظن أن طلبها للجماع عيب أو حرج قد تسبب نفور زوجها، أو تدفعه للبحث عن المتعة خارج نطاق الحلال. لذا كان من الحكمة أن تتحرر المرأة من القيود الاجتماعية الخاطئة، وتفهم أن التعبير عن رغبتها أمر لا ينقص من حيائها الشرعي، بل هو من تمام العشرة بالمعروف.
-
التزامات الزوج تجاه رغبة زوجته
- يجب على الزوج أن يجيب رغبة زوجته في حدود قدرته، ما لم يكن مريضًا أو منهكًا.
- لا يجوز له الإعراض عن زوجته من غير سبب معتبر، لأن ذلك قد يعرضها للفتنة.
- يجب عليه أن يعدل بين زوجاته – إن كان متزوجًا بأكثر من واحدة – فلا يحرم إحداهن حقها ليتفرغ للأخرى، كما نص فقهاء المالكية.
- يجب على الزوج أن يجيب رغبة زوجته في حدود قدرته، ما لم يكن مريضًا أو منهكًا.
-
الآثار الإيجابية للتوازن في العلاقة الخاصة
1. تعزيز المودة والرحمة: عندما تبادر الزوجة بطلب الجماع أو المداعبة، فإن ذلك يرسخ الألفة ويقوي الروابط العاطفية.
2. الاستقرار النفسي: إشباع الغريزة بالحلال يقي الزوجين من الانحرافات والسلوكيات السلبية.
3. تحقيق مقصد العفاف: وهو مقصد أساسي من مقاصد الزواج، يحقق الطمأنينة لكلا الزوجين.
4. زيادة فرص الذرية الصالحة: بما يترتب على تكرار المعاشرة من طلب الولد.
-
معالجة الأخطاء في هذا الباب
- بعض الأزواج قد يخطئ في التعامل مع رغبة زوجته، فيقابل طلبها بالجفاء أو العنف، وقد يصل الأمر إلى الضرب، وهذا لا يجوز بحال، لا سيما إذا كان لأسباب تتعلق بطلبها المشروع.
- الإسلام حرم الضرب المبرح وعدّه ظلمًا وعدوانًا، قال صلى الله عليه وسلم:
«لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يجامعها آخر اليوم» (رواه البخاري ومسلم). - على الزوج أن يتعامل بحكمة وصبر، فإن كانت رغبة الزوجة تفوق طاقته، وجب عليه أن يبين لها حاله، ويوجهها إلى ما يشغل قلبها ويعينها على الصبر.
- بعض الأزواج قد يخطئ في التعامل مع رغبة زوجته، فيقابل طلبها بالجفاء أو العنف، وقد يصل الأمر إلى الضرب، وهذا لا يجوز بحال، لا سيما إذا كان لأسباب تتعلق بطلبها المشروع.
-
الخاتمة
إن العلاقة الزوجية في الإسلام مبنية على التوازن والتكامل، وليست قائمة على طرف واحد. فللزوجة أن تطلب الجماع، وأن تبدأ بالملاعبة والمداعبة، كما أن للزوج الحق في ذلك، ولا حرج في أي منهما. بل إن هذا من صميم "المعاشرة بالمعروف" التي أمر الله بها.
وعليه، فالواجب على الزوجين أن يتحليا بالحكمة والرحمة في إدارة هذا الجانب الحساس من حياتهما، وأن يدركا أن التعبير عن الرغبة ليس عيبًا ولا خروجًا عن الحياء، بل هو من الحقوق المشروعة التي تحفظ للبيت استقراره، وتزيده مودة ورحمة.
قال الله تعالى:
﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19].والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
-
مقالات ذات صلة
حدود طاعة الزوج وأحكامها في الشريعة الإسلامية
عدم طاعة المرأة لزوجها في الإسلام
حكم امتناع الزوجة عن فراش الزوج في الإسلام
كرامة المرأة في الإسلام بين الصبر والخذلان
حق الزوجة في طلب الجماع ومداعبة زوجها في الإسلام
حكم الكلام الفاحش والضرب بين الزوجين أثناء العلاقة الزوجية
كيف يطلب الزوج زوجته للفراش في الإسلام
لماذا تلعن الملائكة الزوجة إذا امتنعت عن فراش زوجها