الحكمة من تحريم إتيان المرأة في دبرها

الحكمة من تحريم إتيان المرأة في دبرها تكشف عن مقاصد عظيمة في التشريع الإسلامي؛ فالإسلام نهى عنه لحفظ الفطرة، وصيانة العلاقة الزوجية، ومنع الأضرار الطبية والنفسية. اكتشف الأدلة الشرعية والأسباب الصحية والاجتماعية لهذا التحريم.

الحكمة من تحريم إتيان المرأة في دبرها
الحكمة من تحريم إتيان المرأة في دبرها
  • مقدمة

    جميع التشريعات الإسلامية قائمة على أسس الحكمة والرحمة، فهي ليست أوامر عشوائية، بل تشريعات تحقق مقاصد عظيمة في حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال. ومن بين المحرمات التي شدّد الإسلام على النهي عنها: إتيان المرأة في دبرها، وهو ما يُعرف اليوم بالجماع الشرجي. وقد وردت النصوص الشرعية الصريحة في تحريمه، وأجمع العلماء على ذلك، بل عدّوه من الكبائر العظيمة. وفي هذا المقال نتناول الحكمة من هذا التحريم من الجوانب الشرعية والطبية والاجتماعية والنفسية، بما يوضح عمق التشريع الإسلامي وتمام رحمته.

  • الحكم الشرعي في إتيان المرأة في دبرها

    اتفق الفقهاء من جميع المذاهب على أن إتيان الزوجة في دبرها محرم تحريمًا قاطعًا، ولا خلاف بينهم في ذلك، وإن كان بعضهم قد ذكر كراهة التنزيه في أول الأمر، إلا أن جمهور العلماء حسموا المسألة بالتحريم.

    ·        قال الله تعالى:
    ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: 223].

    ·        وقد أجمع المفسرون على أن "موضع الحرث" هو القُبُل، حيث يكون موضع الإنجاب، لا غيره.

    ·        وعن النبي ﷺ قال: «ملعون من أتى امرأة في دبرها» [رواه أبو داود والنسائي].

    ·        وقال أيضًا ﷺ: «إن الله لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن» [رواه أحمد].

    هذه النصوص تدل على التحريم القطعي، بل وبيان أنه من الكبائر التي تُغضب الله تعالى.

  • الحكمة التشريعية من التحريم

    تحريم هذا الفعل ليس مجرد اختبار طاعة، بل يحمل وراءه حكمًا ومقاصد عظيمة، منها:

    • مخالفة الفطرة السليمة: فقد خلق الله للإنسان موضعًا طبيعيًا للنكاح وهو القُبُل، وجعل فيه اللذة والسكنى والمودة، أما الدبر فهو موضع إخراج الأذى والنجاسات، وإتيانه يُفسد الفطرة.
    • حفظ النسل والذرية: إذ لا يمكن أن يكون الحمل إلا من القبل، فجعل الله الإباحة فيه حفاظًا على استمرار البشرية.
    • حماية العلاقة الزوجية: حيث إن هذا الفعل يولّد النفور والاشمئزاز بين الزوجين، ويهدم السكينة التي جعلها الله بينهما.
  • الحكمة الطبية من تحريم إتيان المرأة في دبرها

    من أهم ما يكشف عظمة الشريعة موافقتها للحقائق الطبية الحديثة، حيث أثبت الأطباء أضرارًا جسيمة لهذا الفعل، ومنها:

    1.   انتقال الأمراض الجنسية مثل الإيدز، السيلان، الزهري.

    2.   التمزقات والنزيف بسبب ضعف جدار المستقيم وعدم تهيئته للجماع.

    3.   فقدان التحكم الشرجي عند تكرار الفعل، مما يسبب مشكلات صحية مزمنة.

    4.   تلوث الأعضاء التناسلية بفضلات وبكتيريا خطيرة.

    هذه الأضرار تؤكد أن النهي الشرعي لم يكن عبثًا، بل رحمةً بالعباد وصيانةً لأجسادهم.

  • الحكمة النفسية والاجتماعية

    • الانحراف عن الفطرة: ممارسة هذا الفعل تُعد مدخلًا إلى الشذوذ الجنسي.
    • تفكك الأسرة: إذ تشعر الزوجة بالإهانة والضغط النفسي، وقد يؤدي ذلك إلى النفور أو الطلاق.
    • فقدان السكينة: التي جعلها الله أساس العلاقة الزوجية في قوله تعالى:
      ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾ [الروم: 21].
  • المخاطر والنتائج المترتبة على الفعل

    • غضب الله تعالى والوقوع في كبيرة من الكبائر.
    • احتمال انهيار العلاقة الزوجية وفقدان المودة.
    • انتشار الأمراض التي قد تهدد الحياة.
    • تحول الممارسة إلى عادة محرمة تؤدي إلى الانحراف والشذوذ.
  • الخاتمة

    يتضح مما سبق أن تحريم إتيان المرأة في دبرها ليس مجرد نهي تعبدي، بل هو تشريع قائم على مقاصد عظيمة، تحمي الفطرة، وتحفظ النسل، وتصون الأجساد، وتبني أسرة قائمة على السكينة والرحمة. وكلما التزم المسلم بأوامر الله تعالى، عاش حياة طيبة في الدنيا، ونجاة في الآخرة.

    قال تعالى:
    ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ [طه: 123].