السور التي تسمى السبع المنجيات: حقيقة التسمية والحكم الشرعي

تعرف على حقيقة ما يسمى بالسبع المنجيات، وحكم تخصيص سور معينة بهذا الاسم، مع بيان السور والآيات التي ورد فضلها في الأحاديث الصحيحة، وتصحيح المفهوم وفق النصوص الشرعية.

السور التي تسمى السبع المنجيات: حقيقة التسمية والحكم الشرعي
السور السبع المنجيات
  • مقدمة

    يحرص المسلمون على قراءة القرآن الكريم طلبًا للأجر والفضل، ورغبةً في تحصيل البركة والنجاة من الفتن والعذاب. ومع مرور الزمن، ظهرت بين الناس تسميات واجتهادات لم يثبت لها أصل شرعي، منها ما يُعرف باسم "السبع المنجيات". وتدور حول هذه التسمية تساؤلات عديدة: ما حقيقتها؟ وما حكم تخصيص سور معينة بهذا الوصف؟ وهل ورد ذلك عن النبي ﷺ أو عن الصحابة الكرام؟ هذه المقالة تقدم عرضًا علميًا مفصلًا للمسألة، مع تصحيح المفهوم، وبيان السور والآيات التي ثبت فضلها في النصوص الصحيحة.

  • ما المقصود بـ "السبع المنجيات"؟

    يطلق بعض الناس على مجموعة من السور القرآنية اسم "السبع المنجيات"، ويزعمون أنها سبع سور مخصوصة إذا قرأها المسلم نجا من العذاب، أو تحقق له الحفظ من الشرور. وقد شاع بين الناس أن هذه السور هي:

    • سورة الكهف
    • سورة السجدة
    • سورة يس
    • سورة فصلت
    • سورة الدخان
    • سورة الواقعة
    • سورة الحشر
    • سورة الملك

    والواقع أن ما يذكره البعض يتجاوز الرقم سبعة ليصل إلى ثمان سور، مما يدل على الاضطراب في أصل هذه التسمية وعدد السور التي تُدرج تحتها.

  • حقيقة هذه التسمية في ضوء النصوص الشرعية

    بعد مراجعة نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، وأقوال الصحابة والتابعين، لم يثبت أي دليل على وجود تسمية شرعية لهذه السور باسم "السبع المنجيات"، ولا على تخصيصها بفضل أو مزية جماعية بهذا المعنى.

    • اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء سُئلت عن هذه المطبوعة التي تحتوي على هذه السور بهذا الاسم، فأجابت بأن تخصيصها بهذا الوصف لا أصل له، وأن القرآن كله شفاء ورحمة ونجاة لمن تمسك به.
    • وأكدت اللجنة أن هذا الفعل يُعد من البدع الإضافية، لأنه تخصيص لجزء من القرآن بفضل لم يرد به نص، إضافةً إلى مخالفته ترتيب المصحف العثماني الذي أجمع عليه الصحابة.
    • كما شددت على ضرورة منع توزيع مثل هذه المطويات، حفاظًا على السنة ومنعًا لانتشار البدع.
  • موقف العلماء من تخصيص هذه السور

    اتفق العلماء المحققون على أن تخصيص هذه السور مجتمعة تحت مسمى "المنجيات" أمرٌ محدث لا يجوز التعبد به.

    • الشيخ بكر أبو زيد في كتابه تصحيح الدعاء نص على أن هذه التسمية لا أصل لها، وأن تخصيص هذه السور بزمان أو مكان أو حالة لم يرد به دليل، وبالتالي لا يُشرع التعبد بمثل هذا التخصيص.
    • وبيّن أن الفضل الثابت لبعض هذه السور إنما هو وارد في أحاديث منفصلة لكل سورة على حدة، وليس على شكل مجموعة موحدة تسمى "المنجيات".
  • فضائل بعض السور المذكورة بشكل منفصل

    رغم عدم صحة إطلاق اسم "المنجيات" عليها جماعيًا، إلا أن بعض هذه السور وردت في السنة النبوية بفضائل خاصة، نذكر منها:

    1. سورة الفاتحة

    • ثبت أنها رقية، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة الرجل الذي لُدغ، فقرأ عليه الفاتحة فبرأ بإذن الله، وأقره النبي ﷺ على ذلك.
    • قال ﷺ: «وما يدريك أنها رقية» (رواه البخاري ومسلم).

    2. سورة البقرة

    • قال النبي ﷺ: «اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة» (رواه مسلم).
    • وفيها آية الكرسي التي تحفظ من الشيطان إذا قُرئت عند النوم.

    3. سورة الكهف

    • ورد في فضل حفظ أو قراءة عشر آيات من أولها أو آخرها أنها تحفظ من فتنة المسيح الدجال (رواه مسلم).

    4. سورة الملك

    • قال ﷺ: «هي المانعة، المنجية من عذاب القبر» (رواه الترمذي وحسنه).

    5. المعوذات

    • كان النبي ﷺ يعوذ نفسه بالمعوذات الثلاث: الإخلاص، الفلق، الناس، ويقرأهن ثلاثًا قبل النوم وينفث في كفيه ويمسح بهما جسده.
  • الضابط الشرعي في تخصيص السور والآيات

    الأصل أن كل القرآن شفاء ورحمة، كما قال تعالى:

    ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء: 82]

    ولا يجوز للمسلم أن يخصص سورة أو آية بفضل أو زمان أو مكان إلا إذا ورد بذلك دليل صحيح صريح من الكتاب أو السنة.

  • مخاطر انتشار هذه التسمية

    1.   البدعة الإضافية: إضافة وصف تعبدي لم يأت به الشرع.

    2.   هجر بقية القرآن: إذ قد ينشغل الناس بهذه السور عن باقي المصحف.

    3.   مخالفة ترتيب المصحف العثماني إذا جُمعت مطبوعة مستقلة.

    4.   ترويج معلومات غير موثوقة بين عامة المسلمين.

  • الخلاصة والحكم الشرعي

    • لا أصل شرعي لتسمية سور معينة بـ "السبع المنجيات".
    • تخصيص هذه السور أو الآيات واعتقاد فضل جماعي لها بدعة محدثة.
    • الواجب هو التمسك بالقرآن كله، مع الاستفادة من الأحاديث الصحيحة في فضائل بعض السور بشكل منفصل.
    • يجب على المسلم تحري النصوص الصحيحة، والابتعاد عن التخصيصات المحدثة التي لا دليل عليها.
  • خاتمة

    النجاة الحقيقية ليست في تخصيص سور بأسماء لم ترد عن النبي ﷺ، بل في الإقبال على القرآن كله تلاوةً وتدبرًا وعملاً. فالقرآن الكريم بجميع سوره وآياته هو المنجي من الضلال، والهادي إلى الصراط المستقيم، والشافع لأهله يوم القيامة. قال رسول الله ﷺ:
    «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه» (رواه مسلم)