الألفات السبع في القرآن الكريم: تعريفها، مواضعها، وحكمها
تتناول هذه المقالة شرحًا مفصلًا لظاهرة الألفات السبع في القرآن الكريم كما وردت في رواية حفص عن عاصم، وتوضح حكمها عند الوقف والوصل، ومواضعها في السور، والعلامة المميزة لها في المصحف، وهي الصفر المستطيل. كما تُبيّن المقالة الفرق بينها وبين الصفر المستدير، مع أمثلة من الآيات وتوضيح الأحكام التجويدية المتعلقة بها. المقالة موجهة لطلاب التجويد، والمعلمين، وكل من يسعى لضبط تلاوته وفق الرسم العثماني.

-
مقدمة
القرآن الكريم كتابٌ معجزٌ في ألفاظه، متينٌ في بيانه، دقيقٌ في رسمه، وكل حرفٍ فيه مرسومٌ وفق ضوابط راسخة علمها أهل التجويد والقراءات. ومن دقائق هذا الرسم القرآني ما يُعرف بـ "الألفات السبع"، وهي مواضع سبعة جاءت فيها ألفات خاصة لها حكم معين في النطق، وميزت في المصحف بعلامة تُعرف بـ "الصفر المستطيل". سنتناول في هذه المقالة تعريف هذه الألفات، ومواضعها في القرآن الكريم، وحكمها، مع فوائد علمية وتجويدية تتعلق بها، معززة بأقوال العلماء وأمثلتهم.
-
تعريف الألفات السبع
الألفات السبع هي ألفات زائدة رسماً لا نطقاً في حال الوصل، وردت في سبع كلمات في القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم. تُثبت وقفًا وتُحذف وصلاً، ويُعبر عنها في المصحف برمز الصفر المستطيل الفارغ فوق الألف، تمييزًا لها عن الألفات الأصلية.
-
الفرق بين الصفر المستدير والمستطيل
لفهم مواضع الألفات السبع، لا بد من التمييز بين نوعين من العلامات في الرسم القرآني:
· الصفر المستدير (°): علامة توضع فوق الواو أو الألف أو غيرها من الحروف لتدل على أنها محذوفة لفظًا في الوصل والوقف، ككلمة: أُوْلَئِكَ، وقَالُواْ.
· الصفر المستطيل (ٱ): علامة توضع فوق الألف للدلالة على أنها تحذف وصلاً وتثبت وقفًا، وتظهر فقط في سبع كلمات محددة في القرآن الكريم.
-
مواضع الألفات السبع في القرآن الكريم
وردت الألفات السبع في سبع كلمات في سور مختلفة، وهي على النحو التالي:
1. أَنَا۠
- الموضع: في كل مواضع كلمة "أنا" في القرآن الكريم.
- المثال: ﴿إِنْ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ [ص: 70].
- الحكم: تثبت الألف وقفاً (أنا)، وتحذف وصلاً (إن أنا إلا...).
2. لَٰكِنَّا۠
- الموضع: سورة الكهف، الآية 38.
- الآية: ﴿لَٰكِنَّا۠ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي﴾.
- الأصل: (لكن أنا).
- الحكم: تثبت الألف وقفًا (لكنا)، وتحذف وصلاً (لكنّا الله ربي).
3. ٱلظُّنُونَا۠
- الموضع: سورة الأحزاب، الآية 10.
- الآية: ﴿وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠﴾.
- الحكم: تثبت الألف وقفًا (الظنونا)، وتحذف وصلاً (الظنونَ بالله).
4. ٱلرَّسُولَا۠
- الموضع: سورة الأحزاب، الآية 66.
- الآية: ﴿وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولَا۠﴾.
- الحكم: تثبت الألف وقفًا (الرسولا)، وتحذف وصلاً (الرسولَ...).
5. ٱلسَّبِيلَا۠
- الموضع: سورة الأحزاب، الآية 67.
- الآية: ﴿فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠﴾.
- الحكم: تثبت الألف وقفًا (السبيلا)، وتحذف وصلاً (السبيلَ...).
6. سَلَٰسِلَاْ
- الموضع: سورة الإنسان، الآية 4.
- الآية: ﴿إِنَّا۠ أَعْتَدْنَا لِلْكَٰفِرِينَ سَلَٰسِلَاْ﴾.
- الحكم: تثبت الألف وقفًا (سلاسلَا)، ويصح الوقف بحذفها أيضًا: (سلاسلْ)، لذا فيها وجهان في الوقف.
7. قَوَارِيرَا۠
- الموضع: سورة الإنسان، الآية 15.
- الآية: ﴿وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا۠﴾.
- الحكم: تثبت الألف وقفًا (قواريرا)، وتحذف وصلاً (قواريرَ...).
- الموضع: في كل مواضع كلمة "أنا" في القرآن الكريم.
-
الحكمة من هذه الألفات
يرى أهل العلم أن هذه الألفات زيدت رسماً في المصحف لضبط التلاوة، وللحفاظ على قراءة معينة متواترة، حيث إن بعض هذه الكلمات أصلها تركيب كلمتين مثل (لكنا = لكن أنا)، فأثبتت الألف في الرسم للتنبيه على الأصل. كما أن هذا الضبط يساعد القارئ على مراعاة أحكام الوقف والوصل بدقة.
-
العلامة المميزة: الصفر المستطيل
جميع هذه الألفات وضعت فوقها في المصحف علامة الصفر المستطيل الفارغ (ٰـا) لتدل على أنها:
- تثبت وقفًا: أي تُنطق وتُمد بالألف عند الوقوف.
- تحذف وصلاً: أي لا تُنطق بالألف عند الوصل، وكأنها غير موجودة.
هذه العلامة من خصائص رسم المصحف العثماني، ويجب على قارئ القرآن أن يكون على دراية بها، خصوصًا من يقرأ برواية حفص عن عاصم.
- تثبت وقفًا: أي تُنطق وتُمد بالألف عند الوقوف.
-
أقوال العلماء
- قال صفوت محمود سالم في كتاب فتح رب البرية شرح المقدمة الجزرية: "الألفات السبع تثبت وقفاً وتحذف وصلاً، وعبر عنها بالصفر المستطيل، وهي مواضع مخصوصة في كلمات محددة".
- وذكر الشيخ الضباع أن الوقف على كلمة سلاسلا فيه وجهان: إثبات الألف أو حذفها، بخلاف بقية الألفات التي لا يصح فيها إلا الوقف بإثبات الألف.
- قال صفوت محمود سالم في كتاب فتح رب البرية شرح المقدمة الجزرية: "الألفات السبع تثبت وقفاً وتحذف وصلاً، وعبر عنها بالصفر المستطيل، وهي مواضع مخصوصة في كلمات محددة".
-
أهمية معرفة الألفات السبع
معرفة هذه المواضع يُعد من تمام الإتقان في التلاوة، ويُعين على:
- صحة النطق وضبط الأحكام.
- تجنب اللحن الجلي والخفي.
- فهم عُمق الرسم القرآني وأسراره.
- تحقيق التواتر في رواية حفص عن عاصم.
- صحة النطق وضبط الأحكام.
-
خاتمة
الألفات السبع من المسائل الدقيقة التي تُبرز روعة الإعجاز في رسم القرآن الكريم، وهي أحد مظاهر الدقة في نقل كتاب الله من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا. وقد أولى العلماء هذا الموضوع عناية كبيرة لما فيه من تعلق وثيق بجودة التلاوة وسلامة الأداء. لذا ينبغي لكل من قرأ القرآن أن يعي هذه المواضع ويتقن أحكامها، وأن يعلم أن الوقوف عند حدود الله يشمل حتى الألف إن ثبتت أو حذفت.