المد الشبيه بالبدل وأحكامه في علم التجويد

تعرف على أحكام المد الشبيه بالبدل في التجويد، الفرق بينه وبين مد البدل الأصلي، مع أمثلة قرآنية توضيحية، وبيان أنواعه وحالاته وصلاً ووقفاً وابتداءً، بطريقة مبسطة وشاملة للدارسين والمهتمين بعلوم القرآن.

المد الشبيه بالبدل وأحكامه في علم التجويد
المد الشبيه بالبدل وأحكامه في التجويد
  • مقدمة

    مقدمة
    المد الشبيه بالبدل

    يُعدّ علم التجويد من أشرف العلوم التي تخدم كتاب الله تعالى، إذ به يُؤدَّى القرآن الكريم كما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم. ومن مباحث التجويد الدقيقة: أنواع المدود الفرعية التي تنشأ بسبب وجود همز أو سكون. ومن هذه الأنواع ما يسمى المد الشبيه بالبدل أو الملحق بالبدل، وهو فرع يرتبط بمدّ البدل الأصلي، إلا أنّ له خصائصه وأحكامه الخاصة.

  • تعريف المد الشبيه بالبدل

    • لغةً: الشبه هو المماثلة.
    • اصطلاحاً: هو أن يقع حرف المد بعد همزة، ويكون حرف المد هنا أصلياً في بنية الكلمة، وليس مبدلاً من همزة ساكنة كما هو الحال في مدّ البدل الأصلي.

    أمثلة قرآنية:

    • وصلاً: ﴿يَئُوسٌ﴾، ﴿رُؤُوفٌ﴾، ﴿بَاءُوا﴾، ﴿إِسْرَائِيلَ﴾.
    • وقفاً: ﴿غُثَاءً﴾، ﴿نِدَاءً﴾.
    • وصلاً ووقفاً: ﴿فَآءُوا﴾، ﴿نَبِّئُونِي﴾.
  • الفرق بين مدّ البدل الأصلي والمد الشبيه بالبدل

    • في مدّ البدل الأصلي: حرف المد مبدل من همزة ساكنة. مثال: (آمَنوا ← أَأْمَنوا).
    • في الشبيه بالبدل: حرف المد أصلي، لكنه جاء بعد همز، فشابه مدّ البدل من حيث الصورة لا من حيث الأصل.

    إذن: وجه الشبه هو تقدم الهمزة على حرف المد، ووجه الاختلاف أن حرف المد في الأصلي مبدل، أما في الشبيه فهو أصلي.

  • متى يكون حرف المد مبدلًا؟

    • يكون مبدلًا إذا كان أصله همزة ساكنة، ثم أبدلت الهمزة الثانية بحرف مد من جنس حركة الأولى للتسهيل.
    • أي أن حرف المد لم يكن موجودًا في أصل الكلمة، وإنما جاء نتيجة إبدال همزة ساكنة.

    ???? مثال:

    • ﴿آمَنُوا﴾ أصلها: (أَأْمنوا).
      → الهمزة الثانية ساكنة، أُبدلت ألفًا بعد فتح الأولى.
    • ﴿إِيمَانًا﴾ أصلها: (إِئْمانًا).
      → الهمزة الثانية ساكنة، أُبدلت ياءً بعد كسر الأولى.
    • ﴿أُوتِيَ﴾ أصلها: (أُؤْتي).
      → الهمزة الثانية ساكنة، أُبدلت واوًا بعد ضم الأولى.

    هنا نقول: المد بدل أصلي، لأن حرف المد ليس أصليًا في الكلمة، بل هو مُبدل من همزة ساكنة.

    ثانياً: متى يكون حرف المد أصيلاً؟

    • يكون أصيلاً إذا كان موجودًا في أصل الكلمة كبنية لغوية، وليس نتيجة إبدال.
    • أي أن حرف المد جاء في الكلمة منذ أصلها، وسبقه همز متحرك.

    ???? أمثلة:

    • ﴿يَئُوسٌ﴾: الواو أصلية في الكلمة وليست مبدلة.
    • ﴿رُؤُوفٌ﴾: الواو أصلية.
    • ﴿بَاءُوا﴾: الألف أصلية.
    • ﴿إِسْرَائِيلَ﴾: الألف أصلية.

    ➡️ هنا نقول: المد شبيه بالبدل، لأن الهمز تقدم على حرف المد مثل البدل، لكن حرف المد نفسه أصلي لم يأت من إبدال.

    ثالثاً: طريقة التمييز العملي

    1.    ارجع إلى أصل الكلمة (كما في علم الصرف):

    o       إذا وجدت أن الكلمة كانت تحتوي على همزتين، الثانية ساكنة → هذا بدل أصلي.

    o       إذا لم يكن هناك همزة ساكنة، وإنما كان حرف المد موجودًا من البداية → هذا شبيه بالبدل.

    2.    تسأل نفسك:

    o       هل حرف المد في الكلمة أصلي (جزء من بنيتها اللغوية)؟ → شبيه بالبدل.

    o       هل حرف المد جاء نتيجة إبدال همزة ساكنة؟ → بدل أصلي.

  • مقدار المد الشبيه بالبدل

    اتفق القرّاء على أن مقداره حركتان، سواء كان وصلاً أو وقفاً أو ابتداءً، لأنه في حكم مدّ البدل.

  • أقسام المد الشبيه بالبدل (الملحق بالبدل)

    1- ما يثبت وصلاً ووقفاً

    مثل: ﴿نَبِّئُونِي﴾ [الأنعام: 143].

    • هنا جاء حرف المد بعد همز أصلي، فيثبت مدّاً بمقدار حركتين وصلاً ووقفاً.

    2- ما يثبت وصلاً فقط

    مثل: ﴿تَشَاؤُونَ﴾ [التكوير: 29]، ﴿مَآبٍ﴾، ﴿يُرَاؤُونَ﴾، ﴿لَيَؤُوسٌ﴾.

    • يُمدّ حرف المد حركتين عند الوصل.
    • أما عند الوقف فيعامل معاملة المد العارض للسكون.

    3- ما يثبت وقفاً فقط

    مثل: ﴿دُعَاءً﴾ [البقرة: 171].

    • يمد عند الوقف بمقدار حركتين.
    • أما في الوصل فلا مدّ فيه، لأنه يتصل بما بعده.

    4- ما يثبت في الابتداء فقط

    ويكون إذا اجتمعت همزة وصل مع همزة قطع في أول الكلمة.

    أمثلة:

    ·        ﴿ائْتُونِي﴾ [الأحقاف: 4]

    ·        ﴿ائْذَن لِّي﴾ [التوبة: 49]

    ·        ﴿ائْتِنَا﴾ [الأعراف: 77]

    ·        ﴿اؤْتُمِنَ﴾ [البقرة: 283]

    ·        عند الوصل: لا يُمدّ.

    ·        عند الابتداء: تُبدل الهمزة الثانية حرف مد من جنس حركة الأولى، فيمدّ بمقدار حركتين.القاعدة العامة:

    • يحدث هذا النوع عندما تجتمع همزتا وصل وهمزة قطع في أول الكلمة.

    • عند الوصل: تسقط همزة الوصل (لأنها لا تنطق في درج الكلام)، فتجتمع الحروف دون وجود مد.

    • عند الابتداء بالكلمة: تنطق همزة الوصل، ثم تليها همزة قطع ساكنة. هنا يستحيل النطق بهمزتين متتاليتين (متحركة وساكنة) بسلاسة، فيُبدل حرف المد من جنس حركة الهمزة الأولى، فينشأ مدّ يشبه البدل، ومقداره حركتان.

    أمثلة قرآنية:

    1. ﴿ائْتُونِي﴾ [يوسف: 50]

    o وصلاً: "السماواتْـئـتوني" (بدون مد).

    o ابتداءً: "إيتوني" ← تتحول الهمزة الثانية إلى ياء مدية، فينشأ مدّ بمقدار حركتين.

    2. ﴿ائْذَن لِّي﴾ [التوبة: 49]

    o وصلاً: "ومنهم من يقول ائذن لي" (بدون مد).

    o ابتداءً: "إيذن لي" ← إبدال الثانية ياء مدية ومدها حركتين.

    3. ﴿ائْتِنَا﴾ [الأعراف: 77]

    o وصلاً: "يا صالحْ ائتنا" (بدون مد).

    o ابتداءً: "إيتنا" ← مدّ بمقدار حركتين.

    4. ﴿الَّذِي اؤْتُمِنَ﴾ [البقرة: 283]

    o وصلاً: "والذي اؤتمن" (بدون مد).

    o ابتداءً: "أوتمن" ← تقرأ بالواو المدية، وتُمدّ حركتين.

    ملاحظات هامة:

    • هذا النوع من المدود لا يظهر إلا عند الابتداء، أي إذا بدأتِ القراءة بالكلمة.

    • إذا وُصلت بما قبلها يسقط المد لأن همزة الوصل لا تُنطق.

    • يسمى شبيهاً بالبدل لأن الهمزة الثانية الساكنة أُبدلت بحرف مد (كما في مدّ البدل الأصلي)، ولكن الفرق أن الهمزة الأولى هنا همزة وصل، وليست همزة قطع كما في البدل الأصلي.

     

  • اجتماع المد الشبيه بالبدل مع المد العارض للسكون

    أولاً: قاعدة الاجتماع

    • المد الشبيه بالبدل: سببه اجتماع همزة قبل حرف مد أصلي في الكلمة.
    • المد العارض للسكون: سببه الوقف على الكلمة بالسكوت على آخرها، فيأتي السكون العارض بعد حرف المد.

    وعند اجتماع السببين في كلمة واحدة، يكون لحرف المد حكم المد العارض للسكون عند الوقف، بينما عند الوصل يكون له حكم المد الشبيه بالبدل.

    ثانياً: مثال قرآني

    كلمة ﴿تَشَاؤُونَ﴾ [التكوير: 29]

    • وصلاً: المد هنا شبيه بالبدل فقط، فيمد بمقدار حركتين (تشاؤون).
    • وقفاً: بعد الواو المدية يأتي نون ساكنة بسبب الوقف، فيتحول المد إلى مد عارض للسكون، ومقداره يكون:
      • 2 حركات (القصر)،
      • 4 حركات (التوسط)،
      • 6 حركات (الإشباع).

    مثال آخر: ﴿يُرَاؤُونَ﴾ [الماعون: 6]

    • وصلاً: يمد بمقدار حركتين (مد شبيه بالبدل).
    • وقفاً: تتحول الواو المدية إلى مد عارض للسكون، فيجوز فيه 2 أو 4 أو 6 حركات.

    مثال ثالث: ﴿لَيَؤُوسٌ﴾ [هود: 9]

    • وصلاً: الواو بعد الهمزة مد شبيه بالبدل (حركتان).
    • وقفاً: تصير الواو قبل السكون العارض، فتصبح مدًّا عارضاً للسكون (2 أو 4 أو 6).

    ثالثاً: ضابط القاعدة

    • عند الوصل: لا يوجد سكون عارض، فيبقى الحكم على أنه شبيه بالبدل (حركتان فقط).
    • عند الوقف: يلحق حكم المد العارض للسكون، وتصبح المدود الثلاثة (القصر – التوسط – الإشباع) جائزة.
  • الحكمة من تسميته بالشبيه بالبدل

    سُمّي بذلك لأنه يشبه مدّ البدل الأصلي في وقوع الهمز قبل حرف المد، لكنه يختلف عنه في أن حرف المد هنا أصلي غير مبدل. ولهذا لحقه في الحكم مع بقاء الفرق بينهما.

  • الخاتمة

    إن المد الشبيه بالبدل أو ما يسمى بالملحق بالبدل، يمثل جانباً دقيقاً من جوانب المدود في علم التجويد، يقوم على قاعدة تقدم الهمز على حرف المد، لكن مع اختلاف أصل الحرف. وقد بين العلماء أقسامه وحالاته بوضوح، مما يعين القارئ على الأداء القرآني السليم.

    خلاصة الحكم:

    • يمدّ دائماً بمقدار حركتين.
    • يختلف حكمه باختلاف حالته: وصلاً، وقفاً، أو ابتداءً.
    • يبقى في النهاية شبيهاً بالبدل صورةً لا حقيقة.