هل الدروز مسلمون؟ فحص لعقيدتهم وفرقهم الدينية في ضوء الإسلام
تستعرض هذه المقالة تفاصيل عن الطائفة الدرزية، وتتناول العقائد والممارسات الدينية التي تميزهم عن الإسلام. وتقدم مقارنة بين المعتقدات الدينية لدى الدروز وبين الفهم التقليدي للإسلام، وتوضح السبب في أنهم لا يُعتبرون من المسلمين رغم تسميتهم أنفسهم بذلك.

-
مقدمة
تثير الطائفة الدرزية تساؤلات عديدة بين المسلمين حول هويتهم الدينية، خصوصًا في ظل التسمية التي يطلقونها على أنفسهم بكونهم "مسلمين". وبينما يتسمون في بعض المواقف بالدفاع عن عقيدتهم كجزء من الأمة الإسلامية، يختلف الكثيرون حول صحة هذا الادعاء بسبب الخصائص الفريدة لمعتقداتهم وطريقة حياتهم التي تميزهم عن التيارات الإسلامية الرئيسية. في هذه المقالة، سنحاول تحليل مختلف الجوانب التي تميز عقيدة الدروز عن الإسلام الصحيح من خلال تسليط الضوء على المفاهيم الدينية التي يعتمد عليها كل منهما، وشرح كيف يؤثر ذلك على تصنيفهم ضمن دائرة الإسلام.
-
التاريخ والتأسيس: من أين جاء الدروز؟
تعود بداية نشأة الطائفة الدرزية إلى القرن الحادي عشر الميلادي، وتحديدًا في فترة الخلافة الفاطمية تحت حكم الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (985–1021م)، الذي يعتبره الدروز تجسدًا إلهيًا. ويعد "حمزة بن علي" المؤسس الرئيس للعقيدة الدرزية، والذي عمل على تطوير مفاهيم فلسفية ودينية تباينت كثيرًا عن الفهم التقليدي للإسلام.
ويعتبر هذا التأصيل الزمني أساسيًا في تفريق الدروز عن المسلمين. فبينما يمكن القول إن الفاطميين أنفسهم كانوا جزءًا من الخط الشيعي المتشدد، إلا أن الدروز أخذوا فكرة الظهور الإلهي، وهو مفهوم يناقض التوحيد الخالص الذي يؤمن به المسلمون.
-
المعتقدات الأساسية التي تميز الدروز عن المسلمين
1. التوحيد الإلهي عند الدروز
الإسلام هو دين التوحيد، ويؤمن المسلمون بأن الله واحد لا شريك له. لكن العقيدة الدرزية تختلف تمامًا، إذ يعتقدون بوجود إله تجسد في صورة إنسانية، حيث يعتقد الدروز أن الحاكم بأمر الله كان تجسدًا لله على الأرض. هذا المفهوم للتوحيد الإلهي في العقيدة الدرزية يتناقض مع عقيدة التوحيد في الإسلام، التي ترفض تمامًا أي تجسد أو تشبيه لله.
2. الإيمان بالتناسخ
من المعتقدات الأساسية التي تميز الدروز عن المسلمين هي إيمانهم بالتناسخ. فبينما يُعَتَبر التناسخ في الإسلام من أشنع البدع، يؤمن الدروز أن الأرواح تنتقل بين أجساد مختلفة بعد الموت وفقًا لسلوك الفرد في حياته السابقة. وهذا المفهوم يتعارض تمامًا مع العقيدة الإسلامية التي تؤمن بالحياة الآخرة والحساب في يوم القيامة.
3. رفض الشريعة الإسلامية والطقوس الدينية
في الإسلام، يعتبر الإيمان والشهادة، الصلاة، الزكاة، الصوم، والحج من أركان الدين الخمسة. بينما لا يتبع الدروز هذه الأركان، رغم تلاوتهم للشهادتين كجزء من تقية دينية للحفاظ على سلامتهم في المجتمعات الإسلامية، إلا أن الطائفة الدرزية ترفض الالتزام بمعظم الطقوس الإسلامية مثل الصلاة اليومية، والصوم، والزكاة، وحتى الحج.
4. الزواج والطلاق
تختلف نظرة الدروز للزواج عن الإسلام في عدة نواحٍ، فقد سمح الإسلام بتعدد الزوجات، بينما في العقيدة الدرزية يُمنع تعدد الزوجات بشدة على أساس مبدأ العدل والمساواة بين الزوجين. وعليه، فإن الزواج في الديانة الدرزية يجب أن يتم بين أفراد الطائفة فقط، ويُمنع الزواج من خارجها. كما أن الطلاق جائز في الإسلام في ظل ظروف معينة، لكن الدروز يشترطون شروطًا صارمة في الطلاق ويعاملون الزوجين بالمساواة في الحقوق بعد انفصالهم.
5. الاحتفال بالأعياد الإسلامية
رغم أن الدروز يحتفلون عيد الأضحى ويعدونه أهم عيد لهم، إلا أن احتفالهم يختلف عن الاحتفالات التقليدية التي يقيمها المسلمون. حيث تختلف طقوس الاحتفال عن تلك السائدة لدى غالبية المسلمين، وهم يتبعون تقاليد رمزية أكثر منها عبادة دينية موجهة لله، مما يعكس اختلافتهم في الممارسة الدينية عن باقي المسلمين.
-
الدروز والشهادات الدينية: هل هي تقية؟
أحد أكثر الجوانب المثيرة للجدل في علاقة الدروز بالإسلام هو تلاوتهم للشهادتين: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله". حيث يجادل العديد من العلماء الإسلاميين بأن الدروز يتلون الشهادتين كجزء من التقية، وهي وسيلة لحماية أنفسهم من الاضطهاد والتصنيف الديني السلبي. ويشدد المعارضون لهذا الرأي على أن تقاليد الدروز لا تتوافق مع التفسير الإسلامي الشامل للأركان الدينية.
من جهة أخرى، ترى بعض المصادر الإسلامية، بما في ذلك الفتوى الشهيرة التي أصدرها الشيخ شلتوت في الخمسينيات من القرن العشرين، أن الدروز يمكن اعتبارهم جزءًا من المذهب الإسلامي لأسباب سياسية واجتماعية، لكنهم في النهاية لا يتبعون جميع جوانب الشريعة الإسلامية.
-
الدروز في العالم الإسلامي: موقف المجتمعات الإسلامية تجاههم
المجتمعات الإسلامية، ولا سيما في بلاد مثل سوريا ولبنان وفلسطين، تتعامل مع الدروز بشكل خاص. ففي بعض الحالات، يُعامَلون كطائفة إسلامية بينما يُنظر إليهم في مجتمعات أخرى على أنهم منحرفون عن الإسلام. أما في البلدان مثل إسرائيل، حيث يشكل الدروز أقلية كبيرة، فقد تم التصنيف عليهم بشكل رسمي من خلال النظام الإسرائيلي، إذ يعمل العديد منهم في الخدمة العسكرية ويشكلون جزءًا من المجتمع المدني، رغم تبايناتهم الدينية.
-
الخلاصة: هل الدروز مسلمون؟
بناءً على المراجعة الشاملة لمعتقدات الدروز وممارساتهم، يتضح أن الدروز ليسوا مسلمين وفقًا للتفسير التقليدي والشامل للإسلام. بالرغم من بعض التداخل في العبادات والممارسات مثل تلاوة الشهادتين والاحتفال بعيد الأضحى، فإن الاختلافات الجذرية في العقيدة، مثل إيمانهم بالتناسخ، وتجسد الله في الحاكم بأمر الله، ورفضهم لطقوس الشريعة الإسلامية، تجعلهم ينتمون إلى ديانة مستقلة تختلف عن الإسلام.
الدروز يعبرون عن هويتهم الدينية بشكل منفصل عن المسلمين، ورغم التسامح الذي قد يظهر في بعض الأحيان من المجتمعات الإسلامية، إلا أن المعتقدات الدرزية لا تتوافق مع ما يراه المسلمون الحقائق الأساسية للدين الإسلامي.