هل يجوز للعروس أن تجمع بين الصلوات يوم الزفاف؟ حكم الصلاة ليلة العرس
تعرف في هذا المقال على حكم جمع الصلاة للعروس يوم الزفاف، وهل يجوز لها الصلاة بفسـتان الزفاف مع المكياج، وما رأي الفقهاء في الجمع بين المغرب والعشاء أو الظهر والعصر بسبب الحرج والمشقة.

-
مقدمة
تُعد الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الدين الذي لا يسقط عن المسلم في أي حال من الأحوال، لقوله تعالى:
﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].ومع ما يرافق ليلة الزفاف من انشغال العروس والعريس بالضيوف، وارتداء الملابس الخاصة، ومراسم العرس التي قد تمتد لساعات طويلة، يكثر التساؤل: هل يجوز للعروس أن تجمع بين الصلوات يوم الزفاف، أم يجب عليها أداء كل صلاة في وقتها؟
في هذا المقال نستعرض آراء الفقهاء، والأدلة الشرعية، وبيان الحالات التي يجوز فيها الجمع، مع تطبيق ذلك على حال العروس ليلة زفافها.
-
الأصل في الصلاة وأداؤها في وقتها
الأصل الشرعي أن تؤدى كل صلاة في وقتها المحدد، وهذا ما أجمع عليه العلماء، واستدلوا بقوله تعالى:
﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ فقال: «الصلاة على وقتها» [رواه مسلم].
وبناءً على ذلك، فإن مجرد الزفاف ليس مبرراً لتأخير الصلاة أو تركها أو جمعها بلا حاجة.
-
حكم صلاة العروس بفسـتان الزفاف والمكياج
- يجوز للمرأة أن تصلي وهي ترتدي فستان الزفاف إذا كان ساتراً لعورتها لا يشف ولا يصف الجسم.
- إذا كان الفستان غير ساتر (ضيّق أو مكشوف)، فيجب أن ترتدي فوقه عباءة أو جلباباً فضفاضاً مع غطاء رأس، حتى تتحقق شروط صحة الصلاة.
- أما بالنسبة للمكياج فلا يمنع صحة الصلاة، بشرط أن يكون وضوؤها صحيحاً ولم يتأثر بمواد عازلة على البشرة.
إذن، العروس يمكنها أن تصلي في فستانها مع العباءة وغطاء الرأس دون إشكال.
- يجوز للمرأة أن تصلي وهي ترتدي فستان الزفاف إذا كان ساتراً لعورتها لا يشف ولا يصف الجسم.
-
هل يجوز للعروس الجمع بين الصلوات يوم الزفاف؟
مذهب الجمهور
الجمهور (الحنفية، الشافعية، المالكية) لا يجيزون الجمع إلا في حالات محددة مثل:
- السفر
- المطر الشديد
- المرض
- الخوف
ولا يعدّ الزواج من الأعذار المبيحة للجمع عندهم.
مذهب الحنابلة وبعض السلف
ذهب الحنابلة، وابن سيرين، وربيعة، وأشهب، وابن المنذر، وغيرهم، إلى جواز الجمع لرفع الحرج والمشقة، حتى وإن لم يكن هناك سفر أو مطر.
واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما:
«جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر» [رواه مسلم].فلما سُئل ابن عباس عن سبب الجمع قال:
«أراد ألا يحرج أمته».وهذا يدل على أن المشقة إذا وُجدت جاز الجمع رفعاً للحرج.
تطبيق ذلك على حال العروس
- إذا كان بإمكان العروس أن تصلي كل صلاة في وقتها دون مشقة، فيجب عليها ذلك.
- إذا ترتب على أداء الصلاة في وقتها حرج شديد مثل صعوبة تبديل الملابس، أو ضيق الوقت بسبب مراسم العرس، أو الحرج النفسي أمام الناس، فإن لها أن تجمع بين:
- الظهر والعصر جمع تقديم أو تأخير.
- المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير.
لكن ينبغي ألا تتخذ هذه الرخصة عادة، بل تُستعمل بقدر الحاجة فقط.
- السفر
-
حكم جمع الصلاة للعريس يوم الزفاف
العريس أيضاً قد يواجه مشقة بسبب كثرة الضيوف والتنقل بالسيارة أو ضيق الوقت، وقد يخشى من انتقاض وضوئه بسبب الزيت أو تسريحة الشعر.
- الحكم في حقه مماثل للعروس: الأصل أداء الصلاة في وقتها.
- فإن حصلت مشقة معتبرة جاز له الجمع بين المغرب والعشاء أو بين الظهر والعصر.
- ولا يجوز بحال الجمع بين الصلوات الخمس كلها أو جمع أربع صلوات في وقت واحد، فهذا لم يقل به أحد من العلماء.
- الحكم في حقه مماثل للعروس: الأصل أداء الصلاة في وقتها.
-
الفتاوى المعاصرة في المسألة
- أفتى سماحة الشيخ محمد أحمد حسين مفتي القدس بجواز الجمع للعروس يوم زفافها عند الحاجة، استناداً لقول ابن عباس رضي الله عنهما.
- وذهب بعض العلماء المعاصرين إلى أن التزين الطويل للعروس يدخل في باب الحرج الذي ترفع الشريعة فيه المشقة، قياساً على أعذار السفر والمطر.
- أفتى سماحة الشيخ محمد أحمد حسين مفتي القدس بجواز الجمع للعروس يوم زفافها عند الحاجة، استناداً لقول ابن عباس رضي الله عنهما.
-
الضوابط المهمة في جمع الصلاة يوم الزفاف
1. الأصل أداء كل صلاة في وقتها.
2. لا يجوز الجمع إلا إذا تحقق الحرج والمشقة.
3. الجمع يكون بين صلاتين فقط:
o الظهر والعصر.
o المغرب والعشاء.
4. يجب على العروس والعريس أن ينويا الجمع عند الدخول في الصلاة الثانية.
5. لا يجوز اتخاذ ذلك عادة مستمرة.
-
خاتمة
الصلاة فريضة عظيمة وركن من أركان الإسلام، والأصل أن تُؤدى في وقتها مهما كانت الظروف. لكن رحمة الله بعباده اقتضت رفع الحرج عنهم، فأجاز الجمع عند الحاجة والمشقة، ومن ذلك حال العروس أو العريس يوم الزفاف إذا كان في أداء الصلاة في وقتها مشقة معتبرة.
وعليه؛ يجوز للعروس أن تصلي بفسـتانها مع العباءة وغطاء الرأس، والأفضل أن تؤدي كل صلاة في وقتها. فإن وجدت مشقة شديدة فلها أن تجمع بين المغرب والعشاء، وبين الظهر والعصر، اقتداءً برخصة النبي صلى الله عليه وسلم، مع مراعاة الضوابط الشرعية.