دعاء «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» صحته، معناه، وكيفية الدعاء به
اكتشف في هذا المقال التحقيق الكامل لدعاء «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث»، من حيث صحة الحديث، ودلالاته العميقة، وكيفية استعماله في الصباح والمساء، مع بيان فضله في جلب السكينة والطمأنينة القلبية.

-
درجة صحة الدعاء
أولًا: درجة صحة الدعاء
الأحاديث الواردة في نص الدعاء
ورد في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ كان إذا كَرَبَه أمر قال:
«يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث»
(رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4777).كما ورد في روايةٍ أطول، أنه ﷺ قال لفاطمة رضي الله عنها:
«ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؟ أن تقولي إذا أصبحتِ وإذا أمسيتِ: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين»
(رواه النسائي في السنن الكبرى، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في عمل اليوم والليلة).وقد قال المنذري في الترغيب والترهيب: إسناده صحيح،
وعدّه الألباني في السلسلة الصحيحة حديثًا حسنًا.أما بعض الطرق الأخرى، فقد وُصفت بأنها غريبة أو ضعيفة، لا سيما في الألفاظ الزائدة، إلا أن المتن الأصلي للدعاء ثابت باعتبار معناه ومضمونه الصحيح.
✅ الخلاصة الحديثية
- العبارة الأصلية «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث»: حديث حسن الإسناد.
- الزيادة «أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين»: ثابتة في بعض الروايات المقبولة.
- لا يوجد نصٌّ يُحدد عددًا معينًا أو وقتًا محددًا لقول الدعاء.
???? النتيجة: الدعاء مشروع ومأثور، ثابت في الجملة، ومباح الدعاء به في كل الأوقات.
- العبارة الأصلية «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث»: حديث حسن الإسناد.
-
شرح معاني الدعاء ودلالاته الروحية
العبارة
المعنى والدلالة
يا حيّ يا قيّوم
الحي: الذي لا يموت ولا يفنى، والقيوم: الذي يقوم بتدبير أمر خلقه ويحفظهم ويقيمهم. وهذان الاسمان يجمعان كمال الذات والصفات، ومن توسل بهما فقد دعا الله بأعظم أسمائه.
برحمتك أستغيث
أي أطلب عونك بصفة الرحمة التي وسعت كل شيء، فليس لي ملجأ إلا رحمتك. الاستغاثة هنا توحيد خالص وتفويض تام.
أصلح لي شأني كله
أي أصلح أموري كلها: الدينية والدنيوية، الظاهرة والباطنة، الخاصة والعامة.
ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين
أي لا تتركني ولو لحظةً واحدة إلى نفسي، فإني ضعيف عاجز، لا أستطيع صلاحًا إلا بعونك.
-
حكم الدعاء وفضله وكيفية استعماله
فضله:
- من أعظم الأدعية في أوقات الكرب والضيق، لما يتضمنه من توحيد وتفويض.
- فيه توسل بأسماء الله الحسنى، وقد قال تعالى:
﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180].
وقته:
- يستحب قوله في الصباح والمساء، كما ورد في رواية فاطمة رضي الله عنها.
- يجوز قوله في أي وقت من أوقات الحاجة، أو عند الكرب، أو في الدعاء العام.
حكمه:
- دعاء مشروع وليس واجبًا.
- لا يُشرع تقييده بعدد أو زمان معيّن إلا بدليل.
- لا بأس بجمعه مع غيره من الأدعية النبوية.
تنبيه: لا يجوز اعتقاد أن له عددًا خاصًا (كثلاث مرات بعد الفجر) دون نص صحيح يثبت ذلك.
- من أعظم الأدعية في أوقات الكرب والضيق، لما يتضمنه من توحيد وتفويض.
-
نقاط تحقيق وتنبيهات مهمة
1. الإسناد الكامل
بعض الروايات فيها ضعف، لكن أصل الدعاء ثابت بإسناد حسن.2. عدم التقييد بعدد أو توقيت
لا دليل على تكرار محدد أو وقت مخصوص.3. عدم الخلط بين الروايات
يجب التفريق بين ألفاظ الأحاديث وعدم دمجها بغير تحقيق.4. الخشوع أولًا
العبرة في الدعاء بخشوع القلب وحضور النية لا بمجرد تكرار اللفظ. -
البعد الروحي والوجداني في الدعاء
إن قول «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» ليس مجرد ترديدٍ لفظي، بل هو مناجاة روحٍ فقيرة إلى ربها، وإعلان خضوعٍ واعترافٍ بالعجز الإنساني أمام القدرة الإلهية المطلقة.
يستشعر الداعي حينها أنه بين يدي الله، مستجير بصفاته، راجٍ رحمته، واثقٌ أن الله لا يخذل من قصده بقلبٍ صادق. -
خاتمة
دعاء «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» هو من جوامع الكَلِم النبوية التي جمعت معاني التوحيد والافتقار والرجاء، وله أصل صحيح في السنة، ومعناه عظيم في إصلاح القلب والدنيا.
من أخلص فيه الدعاء، وأدرك معناه، وجد فيه بابًا من أبواب السكينة والطمأنينة، وذوقًا من ذوق المقربين في عبوديتهم لرب العالمين.