حكم تعري الزوجين أثناء الجماع: بين الجواز والكراهة

تعرف على الحكم الشرعي في مسألة تجرد الزوجين من الثياب أثناء الجماع أو المداعبة. هل هو جائز أم مكروه؟ نعرض آراء الفقهاء والأدلة الشرعية بالتفصيل.

حكم تعري الزوجين أثناء الجماع: بين الجواز والكراهة
حكم تعري الزوجين أثناء الجماع
  • مقدمة

    يُعد موضوع العلاقة الزوجية من أدق المواضيع التي تناولها الإسلام بتفصيل ووضوح، حيث لم يُهمل الجوانب الفطرية للإنسان، بل نظمها بأحكام وتوجيهات تحفظ للزوجين كرامتهما وتوازن حياتهما. ومن أبرز المسائل التي قد يطرحها الأزواج: هل يجوز للزوجة والزوج أن يتجردا من الثياب كليًا أثناء الجماع أو المداعبة؟ وهل في ذلك إخلال بآداب العشرة الزوجية؟

  • الأصل الشرعي في العلاقة الزوجية

    الأصل في الاستمتاع بين الزوجين أنه مباح بكل صوره، ما لم يرد نص شرعي صحيح يمنعه. قال الله تعالى:

    ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ • إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: 5-6].

    فالآية صريحة في إباحة كل ما يكون بين الزوجين من نظر ولمس ومباشرة.

  • الأحاديث الواردة في الاستتار أثناء الجماع

    وردت عدة أحاديث تنهى عن التعري الكامل بين الزوجين أثناء الجماع، مثل حديث: «إذا أتى أحدكم أهله فليستتر، ولا يتجرد تجرد العيرين» (رواه ابن ماجه). لكن هذه الأحاديث ضعيفة الإسناد، كما بين ذلك الأئمة كالإمام الألباني في إرواء الغليل، والبوصيري، والحافظ العراقي.

    وبناءً عليه، لم يثبت نص صحيح يمنع التجرد الكامل، وبالتالي يبقى الحكم على الأصل وهو الجواز.

  • أقوال الفقهاء في المسألة

    1- جمهور العلماء (الحنفية والشافعية والمالكية)

    ذهبوا إلى جواز التعري الكامل بين الزوجين أثناء الجماع والمداعبة، واستدلوا بأصل الإباحة، وبالأحاديث الصحيحة التي تقرر أن العورة إنما تحفظ عن غير الزوجة.

    2- الحنابلة

    ذهب بعضهم إلى كراهة التجرد الكامل، اعتمادًا على الأحاديث الضعيفة الواردة في الاستتار. لكنهم لم يصرحوا بالتحريم.

    3- الإمام ابن حزم الظاهري

    شدد على أنه لا يوجد أي دليل صحيح يمنع التعري الكامل، وقال في المحلى:

    "حلال للرجل أن ينظر إلى فرج امرأته، وللمرأة أن تنظر إلى فرج زوجها، ولا كراهة في ذلك أصلاً".

    واستدل بما ثبت في الصحيحين من أن النبي ﷺ كان يغتسل مع بعض أمهات المؤمنين من إناء واحد.

  • هل التعري منافٍ للحياء أو الأدب؟

    • من الناحية الشرعية: لا يُعد التعري بين الزوجين إخلالًا بالآداب، بل هو داخل في إطار الإعفاف المشروع والمتعة المباحة.
    • من الناحية الاجتماعية: قد تستنكر بعض البيئات هذا الفعل بحكم العادات والتقاليد، لكن ذلك لا يغيّر من الحكم الشرعي شيئًا.
    • من الناحية التربوية: نص بعض الفقهاء على أن الأولى ترك النظر المباشر إلى الفرج، معللين ذلك بأسباب طبية أو اجتماعية، لكنها ليست دلائل شرعية.
  • الحكمة من جواز التعري بين الزوجين

    1.   تحقيق السكن النفسي بين الزوجين: قال تعالى:

    ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾ [الروم: 21].

    2.   زيادة الألفة والمودة عبر كسر الحواجز بين الزوجين.

    3.   إعفاف الطرفين بصورة تامة تمنع الانحراف.

    4.   حصول الأجر: لقول النبي ﷺ:

    «وفي بضع أحدكم صدقة» (رواه مسلم).

  • الخلاصة

    • التعري الكامل بين الزوجين أثناء الجماع والمداعبة جائز شرعًا، ولا يوجد حديث صحيح يمنع ذلك.
    • جمهور الفقهاء على الجواز، والحنابلة قالوا بالكراهة لا بالتحريم.
    • الأصل في العلاقة الزوجية الإباحة، ما لم يرد دليل يمنع.
    • لا يُعد ذلك إخلالًا بالحياء أو الأدب، بل يدخل في باب المباحات التي قد تكون سببًا في زيادة المودة بين الزوجين.