هل يؤجر من يقرأ القرآن دون تحريك اللسان؟ الجواب المفصل بالأدلة الشرعية

القرآن الكريم هو كتاب الله الخالد، الذي يُتلى بألسنة المؤمنين آناء الليل وأطراف النهار، وهو أعظم مصدرٍ للسكينة والنور والهداية. وكثيرًا ما يتساءل المسلمون: هل يُؤجر من يقرأ القرآن بعينيه دون تحريك لسانه أو شفتيه؟ وهل تعدّ هذه القراءة عبادة تامة أم مجرد تدبّر؟
في هذا المقال نجيب بالتفصيل عن هذا السؤال، مستندين إلى أقوال العلماء وأدلتهم الشرعية، مع توضيح الفرق بين القراءة اللفظية والقراءة القلبية، وبيان ما يترتب على كلٍ منهما من أجرٍ وثواب.

القراءة في اللغة مأخوذة من «القرء»، أي الجمع، وسُميت قراءةً لأن القارئ يجمع الحروف والكلمات بعضها إلى بعض بالنطق بها.
وأما في الشرع، فهي نطق ألفاظ القرآن بالحروف العربية على الوجه الصحيح. ولهذا قال الله تعالى:

﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: 20].

فالأمر بالقراءة هنا يعني تحريك اللسان وإخراج الحروف من مخارجها، لا مجرد مرورها على القلب أو العينين دون نطق.

أجمع جمهور العلماء من المذاهب الأربعة — الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة — على أن من قرأ القرآن بعينيه دون تحريك لسانه لا يُسمّى قارئًا شرعًا، وإنما هو متفكّر أو متدبّر.

???? دليلهم من السنة

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:

قال رسول الله ﷺ: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها...» (رواه الترمذي).

قال العلماء: الحديث صريح في أن الأجر يترتب على من قرأ الحرف قراءةً حقيقية بلسانه، لأن الحرف لا يُقرأ إلا بالنطق.

·        قال الإمام النووي في الأذكار (ص 35):

"الأذكار المشروعة لا تُعتدّ بها حتى يُسمع الإنسان نفسه إن كان صحيح السمع، فإن لم يُسمع نفسه فلا يُعدّ قارئًا ولا ذاكرًا."

·        وقال الحطاب المالكي في مواهب الجليل (1/3179):

"إذا لم يُحرّك لسانه لم يقرأ، وإنما فكّر."

·        وقال ابن قدامة في المغني (2/216):

"لا يكون قارئًا حتى يُحرّك لسانه بالقراءة، لأن القراءة فعل اللسان لا فعل القلب."

فهذه النصوص تجمع على أن القراءة القلبية أو الصامتة لا يترتب عليها حكم القراءة الشرعية، وإن كانت فيها نية طيبة وتفكّر مبارك.

الجواب: نعم، يُرجى له الأجر، لكن ليس أجر التلاوة اللفظية، بل أجر التدبّر والتفكّر والنية الصالحة.

فالقرآن عبادة متعدّدة الأوجه:

• تلاوته بلسانك عبادة.
• وتدبّره بقلبك عبادة.
• واستحضار معانيه عبادة.

قال ابن حجر في فتح الباري (11/209):

"الذكر على سبعة أنحاء... وذكر القلب بالخوف والرجاء، وذكر الروح بالتسليم والرضا."

فمن قرأ بعينيه متأمّلًا في معاني القرآن، فهو في عبادة قلبية عظيمة، لكن دون أجر التلاوة المخصوص لمن نطق بالحروف.

من قرأ الفاتحة أو القرآن في الصلاة دون تحريك لسانه، لم تصحّ قراءته، لأن القراءة ركن من أركان الصلاة لا يتحقق إلا بالنطق.

قال الإمام النووي في روضة الطالبين (1/278):

"لو أجرى القراءة على قلبه ولم يُحرّك لسانه لم تصح صلاته، لأن القراءة لا تكون إلا بتحريك اللسان."

وقال ابن رشد المالكي في البيان والتحصيل (1/526):

"لا يجزئ أن يقرأ بقلبه دون لسانه في الصلاة، لأن ذلك تفكر لا قراءة."

من كان عاجزًا عن النطق — كالأخرس أو من به مرض يمنعه من تحريك لسانه — فلا يُحرم الأجر، بل يُكتب له ما نوى.
لقول النبي ﷺ:

«إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً» (رواه البخاري).

وهذا من رحمة الله الواسعة، إذ يُعطي الأجر كاملاً لمن حُبس عن العمل بعذر.

الأكمل للمؤمن أن يجمع بين نطق اللسان وحضور القلب، لأن هذا يحقق تمام التلاوة كما أمر الله تعالى في قوله:

﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ [ص: 29].

فالقراءة المثالية هي التي تُحرّك اللسان باللفظ، والعقل بالتدبّر، والقلب بالخشوع، فتجتمع فيها عبادات الجوارح والقلوب معًا.

1.   تحقيق معنى القراءة الشرعية.

2.   إحياء اللسان بذكر الله.

3.   زيادة التركيز في التلاوة.

4.   تثبيت الحفظ، وتنمية الذاكرة القرآنية.

5.   الاقتداء بالنبي ﷺ، فقد كان يحرّك لسانه عند التلاوة كما في حديث ابن عباس في صحيح البخاري.

إذا وجدت نفسك في مكان لا تستطيع فيه رفع الصوت، فحرّك لسانك وشفتك دون أن يسمعك أحد، لأن ذلك كافٍ لتحصيل أجر القراءة الكامل، ولا يلزم الجهر.
أما الاكتفاء بالنظر فقط، فاجعله وسيلة للتدبّر لا بديلاً عن التلاوة.

القراءة بعينيك وتدبّرك لآيات الله عبادة عظيمة، ولكن القراءة المعتبرة شرعًا لا تتحقق إلا بتحريك اللسان والشفتين.
فمن أراد أجر التلاوة الكامل فليُسمع نفسه ولو همسًا، ومن قرأ في نفسه متأمّلًا فله أجر التدبّر بحسب نيّته، ومن منعه عذرٌ كُتب له الأجر كاملاً بفضل الله تعالى.

فاحرص أيها المؤمن أن تُحرك لسانك بذكر الله وتلاوة كتابه، فإن الأجر مرتبط بالحرف المنطوق، كما قال النبي ﷺ:
«من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها...» (رواه الترمذي).

حكم قراءة القرآن وإهداء ثوابه للميت | آراء العلماء والأدلة الشرعية الكاملة

حكم قراءة القرآن وأنت مستلق أو على السرير 

هل يؤجر من يقرأ القرآن دون تحريك اللسان؟

هل يؤجر من قرأ القرآن دون تدبر ؟

حكم قراءة القرآن بالمقامات الموسيقية

حكم قراءة القرآن الكريم من الهاتف او الكمبيوتر وهل يختلف الأجر عن المصحف الورقي؟

حكم قراءة القرآن بالتجويد وأقوال العلماء فيه

حكم قراءة الحائض للقرآن ومس المصحف