حكم لبس الخاتم في السبابة: الضوابط الشرعية والأحكام الفقهية

تعرف على حكم لبس الخاتم في السبابة للرجال والنساء، كما أوضحه العلماء والمذاهب الفقهية، مع بيان الحكمة من النهي النبوي، والدليل من السنة، وتوضيح الفرق بين ما هو جائز وما هو مكروه، في ضوء أقوال أهل العلم والفتاوى المعتمدة.

حكم لبس الخاتم في السبابة: الضوابط الشرعية والأحكام الفقهية
حكم لبس الخاتم في السبابة
  • مقدمة

    يُعد لبس الخاتم من العادات المنتشرة بين الناس، رجالًا ونساءً، وقد حدد الإسلام آدابًا وضوابط لهذا الأمر، خاصة عند الرجال. ومن المسائل التي يكثر حولها السؤال: ما حكم لبس الخاتم في السبابة؟ وهل النهي عنه يشمل النساء أيضًا؟ في هذه المقالة، نعرض الرأي الشرعي بالتفصيل، مدعومًا بالأحاديث النبوية وآراء العلماء والفقهاء.ا

    ولسبابة هي الإصبع الثانية بعد الإبهام، وتُسمى كذلك لأن الإنسان يشير بها عادة في التهديد أو التوجيه أو التسبيح، وقد ورد النهي عن التختم فيها تحديدًا في الحديث:

    عن علي رضي الله عنه قال: "نهاني رسول الله ﷺ أن أتختم في هذه أو هذه، فأشار إلى الوسطى والتي تليها" رواه مسلم.التي تليها" أي السبابة.

  • النهي النبوي عن التختم في السبابة والوسطى للرجال

    ثبت في صحيح مسلم عن الصحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:
    «نهاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أتختم في أصبعي هذه أو هذه، قال: فأومأ إلى الوسطى والتي تليها».

    وقد أجمع أهل العلم على أن النهي خاص بالرجال، وهو نهي كراهة تنزيهية، وليس تحريمًا. والكراهة التنزيهية تعني أنه يُفضل ترك الأمر دون أن يكون فعله محرمًا شرعًا.

  • لسنة في وضع الخاتم عند الرجال

    اتفق الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أن السنة أن يضع الرجل خاتمه في الخنصر من اليد اليمنى أو اليسرى، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم:

    • عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
      «كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه»، وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى.
    • وفي رواية أخرى: «إني لأرى بريقه في خنصره».

    وقد فسر العلماء ذلك بأن الخنصر أبعد عن الامتهان، ولا يشغل اليد فيما تتناوله من أشغال، بخلاف السبابة والوسطى اللتين تستخدمان كثيرًا في الأعمال اليومية.

  • الحكمة من النهي عن التختم في السبابة والوسطى

    بيَّن العلماء أن النهي النبوي عن التختم في السبابة والوسطى نابع من أمور:

    • أن الأصبعين تُستخدمان بكثرة في الأكل والكتابة والتعاملات اليومية، مما يجعل الخاتم عرضة للاحتكاك والامتهان.
    • وضع الخاتم فيهما قد يُشغل اليد ويمنع من أداء بعض الأعمال بدقة.
    • الخنصر يقع في طرف اليد، فلا يعوق حركتها ولا يؤدي إلى الامتهان.
  • حكم لبس الخاتم في السبابة للنساء

    اختلف الحكم بالنسبة للنساء؛ إذ أجمع العلماء على أنه لا كراهة في تختم النساء في أي أصبع من أصابع اليدين أو الرجلين، وذلك لأن المرأة مأذونة في الزينة، وجاء في شرح النووي على مسلم:
    «وأما المرأة فإنها تتخذ خواتيم في أي أصابعها، ولا كراهة في ذلك».

    كما أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بقوله:
    "
    لا بأس إذا كان ذلك من عادة النساء أن يتحلين به، وأما ما ورد من النهي في وضع الخاتم في السبابة فقد يقال إن هذا خاصٌ بالرجال، وأما النساء فإن العادة في التجمل تبيح ذلك والله أعلم".

  • هل لبس الخاتم في السبابة حرام

    الجواب: لا. النهي لا يدل على التحريم بل على الكراهة التنزيهية للرجال فقط. ويجوز للرجل التختم في السبابة والوسطى، لكن الأفضل اتباع السنة بوضعه في الخنصر. أما النساء، فيجوز لهن التختم في أي أصبع دون كراهة.

  • حكم التختم في السبابة: كراهة تنزيهية أم تحريمة؟

     

    • النهي عن التختم في السبابة لا يعني التحريم، بل هو كراهة تنزيه، وهي مرتبة من مراتب الأحكام الفقهية تدل على ترك الفعل أولى، مع عدم الإثم إن فُعل.
    • قال النووي في شرح مسلم: "والمقصود من النهي الكراهة لا التحريم، بدليل إجماع الأمة على جواز التختم".
  • هل الكراهة عامة أم خاصة؟

    • الكراهة خاصة بـ الرجال دون النساء، لأن التختم للرجال يكون زينة مقيدة بالسنة، بخلاف النساء فزينة الخواتم مباحة لهن في جميع الأصابع.
    • قال الشيخ العثيمين: "الظاهر أن النهي عن التختم في السبابة والوسطى خاص بالرجال، أما النساء فلهن أن يلبسن الخاتم في أي إصبع اعتدن عليه".
  • هل يختلف الحكم في المناسبات أو الزينة المؤقتة؟

    • لا يختلف الحكم، فالمكروه يبقى مكروهًا حتى لو كان التختم في السبابة ليوم أو مناسبة، لأن الكراهة متعلقة بمكان التختم لا بزمنه.
    • إلا إذا اقترن ذلك باعتقاد أنه سنة، فهذا يُخشى منه البدعة.
  • هل الكراهة تشمل اليمنى واليسرى؟

    • نعم، الكراهة تشمل السبابة من اليد اليمنى واليسرى معًا، لأن الحديث لم يفرق بين اليدين.
    • قال العلماء: "الحديث أطلق النهي عن السبابة والوسطى، ولم يُقيّد بيد دون أخرى، فيدخل فيه الجميع".
  • أقوال أهل العلم في المسألة

    • قال الإمام النووي: "وأجمع المسلمون على أن السنة جعل خاتم الرجل في الخنصر، ويُكره في السبابة والوسطى".
    • وقال ابن حجر: "كراهة التختم في السبابة والوسطى جاءت من جهة مخالفة الهيئة المستحبة، لا من جهة التحريم".
  • الخاتمة

    يتبين من خلال ما سبق أن لبس الخاتم في السبابة والوسطى مكروه للرجل تنزيهًا، وهو خلاف السنة الثابتة عن النبي ﷺ، بينما لا حرج على النساء في التختم في أي أصبع، لأن الزينة مباحة لهن. والسنة للرجل أن يضع خاتمه في الخنصر، لما فيه من البعد عن الامتهان وتيسير حركة اليد. ومن المهم أن يلتزم المسلم بسنن النبي ﷺ في الظاهر والباطن، طلبًا للأجر والاقتداء الكامل بهدي الحبيب صلى الله عليه وسلم.