حكم تركيب الرموش الصناعية بين التحريم والإباحة

تعرف في هذا المقال على حكم تركيب الرموش الصناعية في الإسلام، بين التحريم والإباحة، مع عرض أقوال العلماء والفقهاء، وبيان الأدلة الشرعية، وآراء دار الإفتاء، وتأثيرها على صحة الوضوء والصلاة.

حكم تركيب الرموش الصناعية بين التحريم والإباحة
حكم تركيب الرموش الصناعية
  • مقدمة

    تعد الرموش الصناعية من أبرز وسائل التجميل التي انتشرت في العصر الحديث، حيث تلجأ إليها كثير من النساء بغرض الزينة أو لإخفاء عيبٍ ما. ومع ذلك، أثار استخدامها جدلاً واسعًا بين العلماء والفقهاء، نظرًا لارتباطها بمسائل شرعية تتعلق بتغيير خلق الله، والتشبه بالوصل المنهي عنه، وتأثيرها على صحة الوضوء والصلاة. في هذا المقال سنتناول حكم تركيب الرموش الصناعية تفصيليًا من خلال أقوال العلماء والفتاوى المعاصرة، مع بيان الضوابط الشرعية التي تضبط هذه المسألة.

  • تركيب الرموش للضرورة

    • إذا كان تركيب الرموش الصناعية لضرورة طبية أو تجميلية بسبب مرض أو حرق أو سقوط الرموش الطبيعية مما يؤدي إلى تشويه شكل العين، فلا حرج في ذلك شرعًا، بشرط أن يقتصر على القدر المطلوب فقط.
    • القاعدة الفقهية تقول: "الضرورات تبيح المحظورات، والضرورات تقدر بقدرها"، وبالتالي فإن التجميل لإزالة عيب أو تشوه جائز، وليس من باب التزين المحض.
  • حكم تركيب الرموش الصناعية للزينة

    أما إذا كان الغرض هو مجرد الزينة والتجمل، فقد حذر العلماء من ذلك، واعتبروا أن فيه عدة محاذير:

    1.    تغيير لخلق الله: وهو منهي عنه لقوله تعالى:
    ﴿ولآمرنهم فليغيرن خلق الله﴾ [النساء: 119].

    2.    التشبه بالوصل المحرم: حيث ورد في الصحيحين أن النبي ﷺ قال:
    "
    لعن الله الواصلة والمستوصلة"، وقد اعتبر بعض العلماء أن تركيب الرموش يشبه وصل الشعر بالرأس.

    رأي الشيخ ابن عثيمين

    • قال رحمه الله في فتاوى نور على الدرب:
      "
      الرموش الصناعية لا تجوز؛ لأنها تشبه الوصل، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة".
  • رأي دار الإفتاء المصرية في حكم تركيب الرموش الصناعية

    بيّن الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن استخدام الرموش الصناعية ليس حرامًا في ذاته إذا كان لوقت محدد؛ لأنها من الزينة الظاهرة، مستشهدًا بقوله تعالى:
    ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها﴾ [النور: 31].

    وأوضح أن الزينة الظاهرة تشمل:

    1.   زينة الوجه نفسه.

    2.   الزينة التكميلية مثل الكحل والأصباغ والرموش.

    3.   زينة الثياب.

    وبالتالي، إذا كانت الرموش ضمن العرف السائد ولم تكن مثيرة للفتنة، فلا حرج فيها.

  • الرموش الصناعية وتأثيرها على صحة الوضوء والصلاة

    من أبرز الإشكالات المرتبطة بالرموش الصناعية مسألة صحة الوضوء، حيث يرى كثير من العلماء أن:

    • إذا كانت الرموش تمنع وصول الماء إلى الرموش الأصلية أو الجلد فإنها تعتبر حاجزًا، وبالتالي يكون الوضوء غير صحيح، ومن ثم تبطل الصلاة.
    • أما إذا كانت قابلة للإزالة بسهولة قبل الوضوء، أو تسمح بنفوذ الماء، فلا حرج في استخدامها.
    • خبراء التجميل أكدوا أن بعض أنواع الرموش تغطي الرمش الأصلي بالكامل، مما يجعلها عائقًا يمنع تمام الطهارة.
  • الفرق في حكم تركيب الرموش المؤقتة والدائمة

    ·        الرموش المؤقتة (لمدة ساعات أو يوم واحد):
    جائز استخدامها للزينة بشرط إزالتها وقت الوضوء والصلاة، وعدم التدليس على الخاطب.

    ·        الرموش الدائمة (لمدة شهور):
    محرمة شرعًا، لأنها تمنع وصول الماء للعين والرمش، ولأنها تدخل في معنى الوصل وتغيير خلق الله.

  • حكم الرموش المصنوعة من شعر الآدمي

    • اتفق العلماء على تحريم تركيب الرموش المصنوعة من شعر الإنسان، لقول النبي ﷺ:
      "
      لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة المغيرات خلق الله" (متفق عليه).
    • علل العلماء التحريم بما يلي:

    1.   الغش والتدليس، خصوصًا عند الخطبة.

    2.   حرمة الانتفاع بشعر الآدمي، لما فيه من امتهان لكرامته.

    3.   احتمال كون الشعر مأخوذًا من مصدر نجس أو محرم.

  • التفريق بين الزينة الطبيعية والزينة المصطنعة

    • الزينة الطبيعية: مثل الكحل، الحناء، ومساحيق الوجه المباحة، لا حرج فيها.
    • الزينة المصطنعة المحرمة: مثل الرموش الدائمة والأظافر الصناعية الدائمة، لأنها تشتمل على زور وتدليس، وقد نهى النبي ﷺ عن ذلك، كما أنها تمنع وصول الماء للبشرة فلا تصح الصلاة معها.
  • الخلاصة

    • جواز تركيب الرموش للضرورة الطبية أو العلاجية.
    • تحريم تركيبها للتزيّن فقط إذا كانت دائمة أو تمنع وصول الماء للوضوء.
    • جواز الرموش المؤقتة للزينة إذا أزيلت قبل الصلاة وكانت ضمن العرف السائد.
    • تحريم الرموش المصنوعة من شعر الإنسان بالإجماع.
    • الأفضل للمسلمة أن تختار الزينة الطبيعية البعيدة عن التدليس والغش، التزامًا بوصية النبي ﷺ وابتعادًا عن مواطن الشبهة.
  • الخاتمة

    إن مسألة تركيب الرموش الصناعية ليست مجرد قضية جمالية، بل هي قضية شرعية تمس أحكام الطهارة والزينة والوفاء بحدود الله. لذلك على المرأة المسلمة أن تراعي الضوابط الشرعية في هذا الباب، وألا تنساق وراء الموضات التي قد تخرجها عن حدود المباح إلى دائرة الحرام. فالزينة المشروعة هي التي تحقق الجمال دون مخالفة شرع الله، قال تعالى:
    ﴿قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق﴾