حكم تعليق التمائم والحجاب في الإسلام

تعرف على الحكم الشرعي للتمائم والأحجبة في الإسلام، وهل يجوز تعليق الحجاب من القرآن للوقاية من العين والحسد والسحر؟ مع عرض الأدلة من القرآن والسنة، وأقوال العلماء، والبدائل المشروعة كالرقية الشرعية والأذكار.

حكم تعليق التمائم والحجاب في الإسلام
حكم تعليق التمائم والحجاب في الإسلام
  • مقدمة

    مقدمة
    حكم تعليق التمائم

    انتشرت في المجتمعات الإسلامية وغيرها مظاهر متعددة تتعلق باستخدام التمائم والأحجبة، سواء كانت مكتوبة بآيات قرآنية، أو أحاديث نبوية، أو طلاسم غير مفهومة، بدعوى دفع العين والحسد والسحر، أو لجلب النفع والرزق. وقد شغل هذا الموضوع حيزاً كبيراً من النقاش بين العلماء قديماً وحديثاً، لما له من صلة مباشرة بالعقيدة والتوحيد.

    قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثاراً وعواقب، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته." وهذا ينطبق كذلك على الذنوب المرتبطة بالشركيات والاعتقادات الفاسدة، ومنها التمائم والأحجبة.

  • تعريف التمائم والأحجبة

    • التمائم لغة: جمع تميمة، وهي ما يُعلّق على الإنسان أو الحيوان من خرز أو عظام أو ورق أو غيرها دفعاً للبلاء أو جلباً للنفع.
    • التمائم اصطلاحاً: ما يُعلّق لدفع العين أو السحر أو المرض أو جلب النفع، سواء كان من القرآن أو غيره.
    • الأحجبة: ما يُكتب في أوراق أو يُخاط في قماش ويحمل أو يُعلّق على الجسد، اعتقاداً بحمايته من الشرور.
  • الحكم الشرعي في التمائم

    أولاً: التمائم من غير القرآن

    • أجمع العلماء على أنها محرمة، بل هي من الشرك الأكبر إذا اعتُقد أن النفع والضرر منها بذاتها، ومن الشرك الأصغر إذا اعتُقد أنها مجرد سبب، مع أن الشرع لم يجعلها سبباً.
    • قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له» (رواه أحمد).
    • وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» (رواه أبو داود).

    ثانياً: التمائم من القرآن الكريم أو الأدعية النبوية

    ·        الخلاف بين العلماء:

      • ذهب الجمهور إلى الجواز، لأن فيها كلام الله وأدعية صحيحة، ولا تُعد شركاً. وهو قول بعض السلف، كعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
      • وذهب الحنابلة وجماعة من السلف كابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهما إلى التحريم مطلقاً، حتى لو كانت من القرآن، سداً للذريعة ومنعاً للاعتقاد الفاسد.

    ·        الراجح عند كثير من المحققين: المنع، لأن النصوص الواردة في النهي عامة لم تستثن شيئاً، ولأن البركة والشفاء بالقرآن إنما تكون بتلاوته وتدبره والعمل به، لا بمجرد تعليقه.

    قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "القول الراجح أنه لا يجوز تعليق التمائم من القرآن على الصدر، ولا أن تجعل تحت الوسادة، ومن أراد الاستشفاء بالقرآن فليستشفِ به على حسب ما جاءت به السنة."

  • أدلة التحريم

    1.    من القرآن الكريم

    o       قال تعالى:

    ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: 17]
    أي أن الله وحده هو المتصرف، ولا يملك أحد رفع الضر إلا بإذنه.

    o       وقال سبحانه:

    ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ﴾ [الزمر: 38].

    2.    من السنة النبوية

    o       حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في يده حلقة من صفر فقال: «انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً» (رواه أحمد).

    o       حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له» (رواه أحمد وأبو داود).

  • أقوال العلماء

    • قال الإمام البغوي في شرح السنة: "أمره صلى الله عليه وسلم بقطع القلائد لاعتقاد أهل الجاهلية أنها تدفع العين، فأعلمهم أنها لا ترد من أمر الله شيئاً."
    • وقال ابن باز رحمه الله: "التمائم محرمة مطلقاً، سواء كانت من القرآن أو غيره، لأنها وسيلة إلى الشرك."
    • وقال النووي: "أجاز بعض العلماء تعليق القرآن دفعاً للعين، والأصح المنع."
  • الحكمة من المنع

    1.   سدّ الذريعة ومنع التوسع في تعليق طلاسم غير شرعية.

    2.   حماية العقيدة من التعلق بغير الله.

    3.   إحياء مبدأ التوكل على الله وحده، فهو النافع الضار.

    4.   البركة بالقرآن لا تكون بمجرد حمله أو تعليقه، بل بقراءته وتدبره والعمل به.

  • البديل المشروع للوقاية من العين والسحر

    • الرقية الشرعية بالقرآن والأدعية الصحيحة، مثل:
      • قراءة الفاتحة.
      • آية الكرسي.
      • خواتيم سورة البقرة.
      • سور الإخلاص والمعوذتين.
    • الأذكار النبوية، ومنها:
      • دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم» (رواه الترمذي).
      • قول: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق».
    • التحصين بالأعمال الصالحة، مثل الصدقة، والمحافظة على الصلوات، وبر الوالدين.
  • آثار التمائم على الفرد والمجتمع

    1.   من الناحية العقدية: تضعف التوحيد وتورث تعلق القلب بغير الله.

    2.   من الناحية الاجتماعية: تساهم في انتشار الخرافة والدجل.

    3.   من الناحية النفسية: تجعل الإنسان يعيش في وهم الاعتماد على غير الأسباب المشروعة.

    4.   من الناحية الاقتصادية: فتحت أبواباً للدجالين والمشعوذين لاستغلال الناس وبيع الأحجبة والتمائم.

  • الخاتمة

    يتضح مما سبق أن التمائم والأحجبة، سواء كانت من غير القرآن أو من القرآن نفسه، ليست من الهدي النبوي، بل قد نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم سداً للذريعة وصيانةً للعقيدة. والواجب على المسلم أن يكتفي بالأذكار المشروعة والرقية الشرعية، وأن يتوكل على الله وحده في جلب النفع ودفع الضرر.

    قال تعالى:
    ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: 3].