سحر التصفيح: الأعراض والعلاج الشرعي

يعد سحر التصفيح (أو سحر ربط البنات) من أخطر أنواع السحر التي تنتشر في بعض المجتمعات الإسلامية والعربية، وخاصة في بلدان المغرب العربي. ويقوم هذا النوع من السحر على اعتقاد خاطئ بأن الفتاة يجب أن تُحصّن بطريقة سحرية لحماية عذريتها حتى الزواج، ثم يتم فك هذا الربط قبل الدخول بها. لكن الحقيقة أن هذا الفعل ليس إلا سحرًا محرّمًا شرعًا، له أضرار جسدية ونفسية واجتماعية جسيمة، ويؤثر سلبًا على حياة الفتاة الزوجية والإنجابية.

سحر التصفيح هو نوع من سحر الربط، يتم من خلاله الاستعانة بالجن والشياطين لسدّ موضع الجماع عند الفتاة. فيمنع ذلك أي علاقة زوجية طبيعية حتى وإن تم الزواج.

• التصفيح لغةً: مأخوذ من كلمة "صفح" أي تحصين الشيء وتغليفه.
• اصطلاحًا: سحر يُعمل للفتيات قبل البلوغ، بهدف منع أي محاولة لفضّ بكارتهن حتى الزواج.

هذا السحر عادةً يُمارس عبر طقوس شعبية تتضمن جروحًا في جسد الفتاة، أو المرور فوق أدوات معينة (مثل الغربال أو الخيط)، مع تلاوة تعاويذ شركية تستحضر الشياطين.

تختلف طرق التصفيح من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى، لكن أشهرها:

1.   طريقة الجروح (التشلاط): إحداث سبعة جروح في فخذ الفتاة أو ركبتها، ثم خلط الدم الناتج مع تمر أو زبيب وإجبارها على أكله.

2.   طريقة الغربال أو الخيط: تمر الفتاة فوق خيط أو غربال أو سيف سبع مرات ذهابًا وإيابًا مع ترديد تعاويذ شيطانية.

3.   طريقة التعويذة: جعل الفتاة تردد عبارات مثل: "أنا حيط وابن الناس خيط" تعبيرًا عن قوتها المزعومة أمام الرجال.

ويُشترط غالبًا أن يتم ذلك قبل سن البلوغ، ظنًا أنه يمنعها من فقدان عذريتها.

قد تختلف الأعراض من فتاة إلى أخرى، لكنها غالبًا تشمل:

• آلام متكررة في الرأس والعينين.
• وجع شديد في أسفل الظهر والجانبين.
• قوة اندفاع دم الحيض وعدم انتظام الدورة الشهرية.
• ظهور بقع في الفخذين تظهر وتختفي.
• شعور الفتاة وكأنها متزوجة ومجامعة من قِبل جني (مس فاحش).
• عزوف الخطّاب عنها أو كثرة المشاكل وقت الخطبة.
• سرعة الغضب، حب العزلة، النفور من العبادات.
• في حال الزواج: صعوبة المعاشرة، النزيف غير المبرر، أو انسداد كلي يمنع الدخول.

1. أضرار جسدية

• آلام مزمنة في الرحم والبطن.
• تأخر الإنجاب أو العقم.
• نزيف غير مبرر عند محاولة الجماع.
• اضطرابات الدورة الشهرية.

2. أضرار نفسية

• القلق والاكتئاب.
• وساوس مستمرة متعلقة بالاغتصاب أو فقدان العذرية.
• العزلة والانطواء.
• الميل إلى الانتحار عند بعض الحالات.

3. أضرار اجتماعية وزوجية

• تعطل الزواج أو فشل الخطبة.
• نفور الأزواج وخراب البيوت.
• كره الزوج أو الأولاد في حال الإنجاب.
• انعدام المتعة الزوجية.

أجمع العلماء على أن سحر التصفيح محرّم وكبيرة من الكبائر، بل هو كفر أكبر إن تضمن الاستعانة بالشياطين.

قال تعالى:

﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 102]

وقال النبي ﷺ:

«اجتنبوا السبع الموبقات. قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق...» (متفق عليه).

فتوى العلماء

• التصفيح باطل ومحرم ولا يجوز بحال.
• من فعله فقد ارتكب إثمًا عظيمًا وشارك في جريمة سحرية.

لا يجوز الذهاب إلى السحرة لفكه، ومن فعل فقد وقع في الكفر

العلاج المشروع والوحيد هو الرقية الشرعية، وليس بالذهاب إلى السحرة أو الكهنة. ومن أبرز طرق العلاج:

1. قراءة القرآن الكريم

• سورة الفاتحة سبع مرات.
• آية الكرسي.
• خواتيم سورة البقرة.
• الآيات المتعلقة بالسحر مثل:
• ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ...﴾ [الأعراف: 117-122]
• ﴿فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 118]

2. الأذكار والدعاء

• الإكثار من أذكار الصباح والمساء.
• الدعاء باسم الله الشافي: «اللهم رب الناس أذهب البأس اشفِ أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك».

3. العلاج بالماء والزيت المرقي

• قراءة الآيات على ماء وزيت زيتون.
• شرب الماء يوميًا.
• الاغتسال بالماء المرقي صباحًا ومساءً.
• دهن الجسد بزيت الزيتون قبل النوم.

4. الصبر واليقين

• قد يحتاج العلاج أيامًا أو أسابيع، لكنه بإذن الله مؤكد إذا صاحبه إيمان ويقين.

من المهم التنبيه أن بعض الفتيات قد يظنن أنهن مصابات بسحر التصفيح لمجرد تأخر الزواج أو مواجهة مشكلات حياتية، بينما تكون الأسباب طبيعية أو نفسية. لذا يجب التريث والتشخيص الصحيح عبر رقاة شرعيين موثوقين.

• الالتزام بالصلاة والأذكار.
• قراءة سورة البقرة في البيت.
• الابتعاد عن المشعوذين والدجالين.
• تحصين النفس بالأذكار الشرعية.
• الثقة بالله وعدم الانجرار وراء العادات الباطلة.

إن سحر التصفيح من أخطر ما يُبتلى به بعض الفتيات والنساء في مجتمعاتنا، وهو في حقيقته شرك وكفر بالله. والواجب على الآباء والأمهات الحذر من هذه العادات الشيطانية، وتعليم بناتهم التمسك بدين الله والاعتصام بكتابه وسنة نبيه ﷺ. العلاج منه سهل بإذن الله بالرقية الشرعية والصبر واليقين، والحماية تكون بالالتزام بالطاعات والتحصينات.

إعداد: فريق موقع مؤمنة