مد الفرق عند حفص: تعريفه، مواضعه، أحكامه
يقدم هذا المقال شرحًا وافيًا لمد الفرق، مبينًا حالاته في القرآن الكريم وطرق أدائه المعتمدة، سواء بوجه الإبدال – وهو الأشهر عند حفص – أو بوجه التسهيل، مع توضيح الفرق بين المد المثقل والمخفف، وأمثلة عملية تسهّل الفهم والتطبيق.

-
مقدمة
علم التجويد هو علمٌ شريفٌ يُعنى بكيفية أداء كلمات القرآن الكريم على النحو الذي أُنزل به، ومن ضمن أبوابه الهامة ما يُعرف بـ"المدود". ومن هذه المدود الخاصة: مد الفرق، وهو من أنواع المد اللازم الكلمي، وقد انفرد بخصائص فريدة تظهر في مواضع معدودة في القرآن الكريم. وفي هذا المقال، نسلط الضوء على مد الفرق عند حفص عن عاصم، من حيث التعريف، والمواضع، والأحكام، مع توضيح السبب في التسمية، وحكمه من حيث اللزوم.
-
ما هو مد الفرق؟
مد الفرق هو: أن تدخل همزة الاستفهام على اسم معرف بأل، فتُبدل همزة الوصل التي تبتدأ بها الكلمة ألفًا مدِّيَّةً، يُمد بمقدار ست حركات، وذلك للتفريق بين الأسلوب الاستفهامي والخَبري.
ويُعد هذا المد فرعًا من المد اللازم الكلمي، وقد سُمِّي "مد الفرق" لأنه يُستخدم للفرق بين الاستفهام والخبر عند السامع، ويُعرف أيضًا باسم مد الإبدال عند بعض العلماء.
-
مواضع مد الفرق في القرآن الكريم
ورد مد الفرق في ثلاث كلمات فقط، في ستة مواضع من القرآن الكريم، وبيانها كما يلي:
1. ءآلله: وردت في موضعين:
o سورة يونس: الآية 59
o سورة النمل: الآية 59
2. ءآلذكرين: وردت في موضعين من سورة الأنعام:
o الآية 143
o الآية 144
3. ءآلآن: وردت في موضعين من سورة يونس:
o الآية 51
o الآية 91
-
أوجه أداء هذه الكلمات عند حفص
مدّ الفرق له وجهان صحيحان في الأداء، وهما:
1. وجه الإبدال (وهو الأشهر والمعمول به عند حفص من الشاطبية):
- يتم إبدال همزة الوصل ألفًا مدية بعد دخول همزة الاستفهام.
- فيُقرأ اللفظ بهمزة الاستفهام متبوعة بألف مشبعة بمقدار ست حركات (مد لازم كلمي).
- مثال:
- "ءآلله أذن لكم" تُقرأ: (ءا:لله) بمد الألف ست حركات.
طريقة الأداء:
- تبدأ بهمزة الاستفهام (ءا).
- ثم تمد الألف بعد الهمزة بمقدار ست حركات.
- ثم تكمل الكلمة: "ءآلله"، "ءآلذّكرين"، "ءآلآن"... إلخ.
2. وجه التسهيل:
- تُبقى همزة الوصل، ولكن تُسهّل الثانية بين الهمزة والألف، بحيث تُنطق شبيهة باللين.
- أي: تنطق الهمزتان بتخفيف الثانية، دون مدها مد لازم.
- مثال:
- "ءآلله" تُقرأ بتقريب الهمزة الثانية للألف، دون مدها ست حركات.
طريقة الأداء:
- تنطق همزة الاستفهام (ءَ).
- ثم تُسهل الهمزة الثانية فلا تُنطق همزة محققة ولا ألفًا كاملة، بل بينهما (كهمزة مخففة).
- يكون الصوت بين الهمزة والألف: (ءَأَلله).
ملاحظات مهمة:
- وجه الإبدال هو المشهور والمعتمد في رواية حفص من طريق الشاطبية والطيبة.
- وجه التسهيل.
- لا يُجمع بين الوجهين في نفس التلاوة، بل يُقرأ بأحدهما فقط حسب الطريق.
- في جميع الحالات، يُراعى مقدار المد عند أداء وجه الإبدال (ست حركات إلزامًا).
- يتم إبدال همزة الوصل ألفًا مدية بعد دخول همزة الاستفهام.
-
لماذا نقول إنه "مد لازم" وليس "مد واجب"؟
- المد الواجب المتصل هو: أن تأتي همزة في الكلمة بعد حرف المد مباشرة (كـ: "جاء").
- أما مد الفرق فهو مد ناشئ عن دخول همزة الاستفهام على اسم معرف بـ"أل"، وفيه تُثبت همزة الوصل وتُبدل ألفًا مدية لازمة.
- لذا فـمد الفرق يُصنف تحت المد اللازم الكلمي:
- مثقل: إذا جاء بعد المد حرف مشدد، كما في: "ءآلله" و"ءآلذكرين".
- مخفف: إذا جاء بعد المد حرف ساكن غير مشدد، كما في: "ءآلآن".
- المد الواجب المتصل هو: أن تأتي همزة في الكلمة بعد حرف المد مباشرة (كـ: "جاء").
-
الحكمة من إثبات هذا المد
لو حُذفت همزة الوصل بعد دخول همزة الاستفهام، لحدث التباس كبير عند السامع بين الجملة الخبرية والاستفهامية، ومن هنا جاءت الحكمة الشرعية والبلاغية واللغوية في إثبات همزة الوصل وتحويلها إلى ألف مدِّيّة، لتُميِّز الاستفهام عن الخبر.
-
خلاصة مد الفرق
مد الفرق عند حفص هو أحد فروع المد اللازم الكلمي، يأتي في مواضع معدودة، ويُلفظ بمد ست حركات، وهدفه الأساس هو إزالة اللبس بين الجمل الخبرية والاستفهامية. وهو مد لازم مثقل إذا تبعه حرف مشدد، ومخفف إذا تبعه حرف ساكن غير مشدد، ولو وحهين في الأداء الإبدال والتسهيل، وكل ذلك من أجل الحفاظ على فصاحة القرآن الكريم وبيانه.