مد التبرئة في القرآن الكريم
تعرّف على مد التبرئة في القرآن الكريم، وأحكامه الخاصة عند حمزة الزيات وحفص، ومقدار مده، مع بيان وجوه السكت والمد عند الوقف.

-
مقدمة
مد التبرئة عند حمزة يُعدّ مد التبرئة من أنواع المدود الخاصة المرتبطة بـ"لا النافية للجنس"، وله خصائص وأحكام دقيقة في الأداء والتطبيق، لا سيما عند الإمام حمزة الزيات وراوييه، وأيضًا عند حفص عن عاصم من طريق هبيرة في موضع خاص. تتجلى أهمية هذا النوع من المد في دوره البلاغي والدلالي، حيث يُعبر عن المبالغة في النفي، كما في قوله تعالى:
﴿ لَا رَيْبَ ﴾ [البقرة: 2]، و﴿ لَا شِيَةَ فِيهَا ﴾ [البقرة: 71]، و﴿ مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286]، وغيرها. -
تعريف مد التبرئة
مدّ التبرئة هو مدّ ناتج عن المبالغة في النفي بـ"لا النافية للجنس"، وقد سُمي بهذا الاسم لأنه يفيد التبرئة التامة من الشك أو النقيصة، كما في قوله تعالى:
﴿ لَا رَيْبَ ﴾ أي لا يوجد أدنى شك.
ويقع هذا النوع من المدود في سياق "لا" النافية للجنس الداخلة على النكرة، وتكون الجملة خبرية تُفيد نفيًا مؤكدًا. -
شواهد قرآنية لمد التبرئة
من أشهر شواهد مد التبرئة في القرآن الكريم:
- ﴿ لَا رَيْبَ ﴾ – [البقرة: 2]
- ﴿ لَا شِيَةَ فِيهَا ﴾ – [البقرة: 71]
- ﴿ مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ – [البقرة: 286]
- ﴿ لَا مَرَدَّ لَهُ ﴾ – [الروم: 43]
- ﴿ لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ﴾ – [هود: 22]
وهذه الآيات تُظهر موقع "لا" النافية للجنس من السياق، ومدى دلالتها على النفي المطلق.
- ﴿ لَا رَيْبَ ﴾ – [البقرة: 2]
-
مقدار المد في مد التبرئة
يُمد مد التبرئة أربع حركات (توسطًا)، وهذا ما أقره الإمام حمزة الزيات بروايتيه خلف وخلاد، ويُعتبر هذا النوع من المد من قبيل المد الفرعي بسبب السكون.
أما حفص عن عاصم، فقد قرأ به فقط في قوله تعالى: ﴿ لَا رَيْبَ ﴾ [البقرة: 2]، وذلك من طريق هبيرة، ولم يرد عنه في مواضع أخرى.
المصدر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري، 1/344 – الإضاءة في بيان أصول القراءة للضباع.
-
اجتماع وجهي السكت ومد التبرئة والهمز وقفًا عند حمزة
من المواضع التطبيقية المهمة في هذا الباب ما ورد في قوله تعالى:
﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ ﴾
﴿ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾
[الجاثية: 32 - 33]في هذه الآية اجتمعت عدة عناصر أداء: السكت، مد التبرئة، وتسهيل الهمز أو إبداله أو حذفه عند الوقف، ويترتب عليها اثنا عشر وجهًا أداءً عند الإمام حمزة، وهي كما يلي:
الوجوه الاثنا عشر بالتفصيل:
1. عدم السكت في الجميع + قصر (لا ريب) + ثلاثة أوجه ليستهزؤون (تسهيل، إبدال، حذف).
2. السكت في الساكن المنفصل فقط دون مد + قصر (لا ريب) + التسهيل.
3. السكت في الساكن المنفصل فقط دون مد + قصر (لا ريب) + الإبدال.
4. السكت في الساكن المنفصل فقط دون مد + قصر (لا ريب) + الحذف.
5. السكت في الساكن المنفصل فقط دون مد + توسط (لا ريب) + التسهيل.
6. السكت في الساكن المنفصل فقط دون مد + توسط (لا ريب) + الإبدال.
7. السكت في الساكن المنفصل فقط دون مد + توسط (لا ريب) + الحذف.
8. السكت في الكل + قصر (لا ريب) + التسهيل.
9. السكت في الكل + قصر (لا ريب) + الإبدال.
10. السكت في الكل + قصر (لا ريب) + الحذف.
هذه الوجوه تظهر دقة وتنوع الأداء عند الإمام حمزة، ويستوجب الإتقان في كل وجه.
-
الخاتمة
يُعدّ مد التبرئة من المدود ذات الخصوصية في الأداء القرآني، وقد اختص به الإمام حمزة في مواضع عدة، وحفص في موضع واحد فقط. كما أن فهم هذا النوع من المد، إلى جانب أوجه السكت والتسهيل عند الوقف، يُعد من الأمور الدقيقة في علم التجويد، ولا يتم إلا بدراسة متأنية وعملية.