كيفية صلاة الاستخارة وأحكامها: دليل شامل للمسلم
تعرف على كيفية صلاة الاستخارة خطوة بخطوة مع دعائها الصحيح كما ورد عن النبي ﷺ، وهل يشترط رؤية منام بعدها، وحكم مخالفة الاستخارة، مع شرح العلامات وأهم الأخطاء الشائعة، ودليل شامل يساعدك على اتخاذ القرار الصحيح.

-
مقدمة
دعاء الاستخارة صلاة الاستخارة من أعظم السنن النبوية التي شرعها الإسلام رحمة بالعباد، ليلجؤوا فيها إلى الله تعالى عند الحيرة أو التردد في أمورهم المهمة. فهي عبادة تجمع بين التوكل على الله، والتفويض الكامل له في اختيار ما فيه الخير، سواء في أمور الدين أو الدنيا.
في هذا المقال سنشرح كيفية صلاة الاستخارة خطوة بخطوة، ونوضح هل يشترط رؤية منام بعدها، وهل يجوز مخالفة الاستخارة، مع ذكر الأدلة الشرعية وأقوال العلماء، ليكون المقال مرجعًا متكاملًا لكل من يبحث عن الفهم الصحيح لهذه السنة المباركة.
-
معنى صلاة الاستخارة
كلمة "الاستخارة" في اللغة تعني: طلب الخِيَرة، أي طلب الاختيار الأمثل.
أما في الاصطلاح الشرعي: فهي طلب المسلم من الله تعالى أن يختار له ما فيه الخير في دينه ودنياه وعاقبة أمره، وأن يصرف عنه ما فيه شر. -
حكم صلاة الاستخارة
أجمع العلماء على أن صلاة الاستخارة سنة مؤكدة، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
"كان رسول الله ﷺ يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم..." (رواه البخاري).
-
متى تُشرع صلاة الاستخارة؟
تُشرع الاستخارة في الأمور المباحة أو المستحبة التي يتردد فيها المسلم، كالسفر، الزواج، شراء بيت، الدخول في تجارة، أو اختيار مجال دراسة.
أما في الأمور الواجبة فلا استخارة، لأن الواجب يجب فعله، وفي الأمور المحرمة لا استخارة، لأنها ممنوعة شرعًا. -
كيفية صلاة الاستخارة خطوة بخطوة
1. النية
ينوي المسلم أداء ركعتين من صلاة الاستخارة تقربًا إلى الله تعالى، وتكون النية في القلب دون التلفظ بها.
2. أداء ركعتين من غير الفريضة
يصلي المسلم ركعتين خفيفتين أو طويلتين، ويقرأ في كل ركعة:
- الفاتحة، ثم ما تيسر من القرآن.
- يستحب قراءة سورة الكافرون في الركعة الأولى بعد الفاتحة، وسورة الإخلاص في الركعة الثانية، لما فيهما من التوحيد، لكن يجوز قراءة أي سورة.
3. الدعاء بعد السلام
بعد الانتهاء من الركعتين، يرفع المصلي يديه ويدعو بدعاء الاستخارة الوارد في السنة، وهو:
"اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به".
4. تسمية الحاجة
عند قول "هذا الأمر"، يذكر حاجته بالتحديد، مثل: "زواجي من فلانة"، أو "سفري إلى الدولة الفلانية"، أو "شراء هذا المنزل".
5. الرضا بالقضاء
بعد الدعاء، يسلّم العبد أمره لله تعالى، ويرضى بما يقدره له، سواء حصل الأمر أو صرفه الله عنه.
- الفاتحة، ثم ما تيسر من القرآن.
-
هل يشترط رؤية منام بعد صلاة الاستخارة؟
من الأخطاء الشائعة الاعتقاد بأن الاستخارة لا تتم إلا برؤية منام. والصحيح:
- لا يشترط رؤية منام بعد الاستخارة، بل العبرة بما يقدره الله في الواقع.
- قد يشعر المسلم بانشراح صدر تجاه الأمر أو ضيق منه، وقد يرى منامًا، أو قد تيسر الأمور أو تتعسر، وكل ذلك من علامات تيسير الخير أو صرف الشر.
- قال الإمام النووي: "يفعل ما ينشرح له صدره، ولا يعتمد على انشراح كان له قبل الاستخارة، بل ينتظر حتى يحصل له ذلك بعد الاستخارة".
- لا يشترط رؤية منام بعد الاستخارة، بل العبرة بما يقدره الله في الواقع.
-
هل يجوز مخالفة الاستخارة؟
الاستخارة ليست وحيًا ملزمًا كالقرآن، لكنها طلب الخير من الله. والأصل أن يرضى المسلم بما يقدره الله بعد الاستخارة.
- إذا اختار المسلم خلاف ما انشرح له صدره بعد الاستخارة، فهو غير آثم، لكن قد يفوته الخير الذي اختاره الله له.
- الاستخارة لا تعني التواكل وترك الأخذ بالأسباب، بل يجب الجمع بين الاستخارة + الاستشارة + دراسة الأمر.
- إذا اختار المسلم خلاف ما انشرح له صدره بعد الاستخارة، فهو غير آثم، لكن قد يفوته الخير الذي اختاره الله له.
-
أخطاء شائعة في صلاة الاستخارة
1. ربطها فقط برؤية المنام، والصحيح أن علامات القبول تظهر في الواقع.
2. تكرار الاستخارة بلا حاجة، إلا إذا استجد أمر أو بقي التردد.
3. ترك الاستشارة ظنًا أن الاستخارة تغني عنها.
4. عدم تسمية الحاجة في الدعاء، وهو مخالف للسنة.
-
فوائد صلاة الاستخارة
- غرس التوكل على الله.
- تجنيب العبد الندم على قراراته.
- الاطمئنان النفسي قبل الإقدام على أي خطوة.
- الحماية من اختيار ما فيه شر أو مفسدة.
- غرس التوكل على الله.
-
الخلاصة
صلاة الاستخارة عبادة عظيمة تفتح للمسلم باب الاطمئنان والتسليم لله، وهي ركعتان من غير الفريضة يعقبهما دعاء مخصوص، يطلب فيه العبد من الله أن يختار له الخير ويصرف عنه الشر.
ولا يشترط بعدها رؤية منام، بل يكفي ما يقدره الله من تيسير أو صرف، ويستحب للمسلم الرضا بما قسمه الله بعد الاستخارة.