حكم صلاة الوتر وأقوال العلماء فيها
تعرف على حكم صلاة الوتر في الإسلام، وهل هي واجبة أم سنة مؤكدة، مع بيان أقوال المذاهب الأربعة، وأدلة العلماء، وكيفية أدائها وعدد ركعاتها، وحكم تركها، وفضلها العظيم ووقت قضائها. مقال شامل يوضح مكانة صلاة الوتر كأعظم نوافل الليل.

جدول المحتويات
- مقدمة
- معنى صلاة الوتر
- حكم صلاة الوتر عند جمهور العلماء
- حكم صلاة الوتر عند الحنفية
- الفرق بين الفرض والواجب وتطبيقه على صلاة الوتر
- أقوال السلف والعلماء
- فضل صلاة الوتر
- عدد ركعات الوتر وكيفيتها
- وقت صلاة الوتر
- قضاء صلاة الوتر
- حكم ترك صلاة الوتر
- صلاة الوتر في السفر
- الوتر وعلاقته بقيام الليل
- نصائح عملية للمحافظة على الوتر
- الخاتمة
- مقالات ذات صلة
-
مقدمة
تُعَدّ صلاة الوتر من أعظم النوافل وأشرف القربات التي حثّ عليها رسول الله ﷺ، حتى قال عنها العلماء: هي تاج صلاة الليل وزينة العبادات التطوعية. وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها وفضلها، لكنهم اختلفوا في حكمها: هل هي واجبة أم سنة مؤكدة؟ وفي هذه المقالة سنعرض بالتفصيل حكم صلاة الوتر، مع بيان أقوال المذاهب الفقهية، وأدلتهم، وأثر تركها، وكيفية قضائها، وفضائلها.
-
معنى صلاة الوتر
- الوتر لغةً: الفرد المخالف للزوج، ومنه قول النبي ﷺ: «إن الله وتر يحب الوتر» (رواه مسلم).
- الوتر اصطلاحاً: صلاة مخصوصة تُختم بها صلاة الليل، وأقلها ركعة واحدة، وأكثرها إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة عند أكثر العلماء.
- الوتر لغةً: الفرد المخالف للزوج، ومنه قول النبي ﷺ: «إن الله وتر يحب الوتر» (رواه مسلم).
-
حكم صلاة الوتر عند جمهور العلماء
ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن صلاة الوتر سنة مؤكدة وليست واجبة، وذلك لعدة أدلة، من أهمها:
1- حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه
أن رجلاً سأل النبي ﷺ عن الإسلام، فقال: «خمس صلوات في اليوم والليلة». فقال: هل علي غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع» (متفق عليه).
قال الباجي المالكي: هذا نص في أنه لا يجب من الصلوات غير الخمس، لا وتر ولا غيره.2- حديث الأعرابي
حين قال: «والله لا أزيد على هذا ولا أنقص»، فقال النبي ﷺ: «أفلح إن صدق» (رواه البخاري ومسلم). وهذا دليل على أن الالتزام بالصلوات الخمس يكفي لتحصيل الفلاح.
3- قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه
«الوتر ليس بحتم كصلاتكم المكتوبة، ولكن سنة سنّها رسول الله ﷺ» (رواه ابن حبان والحاكم).
-
حكم صلاة الوتر عند الحنفية
خالف الحنفية جمهور العلماء، وقالوا: إن الوتر واجب، وليس فرضاً لكنه دون الفرض في المرتبة. واستدلوا على ذلك بما يلي:
- حديث عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله ﷺ يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن» (رواه الحاكم).
- ما ورد عن الصحابة أنهم شبّهوا الوتر بصلاة المغرب، مما يدل على خصوصيته.
- حرص النبي ﷺ على المداومة على الوتر في السفر والحضر، حتى كان يوتر على راحلته، والمواظبة من أمارات الوجوب عند الأحناف.
وبناءً على هذا القول، أوجب الحنفية قضاء الوتر إذا فات، سواء كان الفوات نسياناً أم عمداً، وسواء طالت المدة أم قصرت.
- حديث عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله ﷺ يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن» (رواه الحاكم).
-
الفرق بين الفرض والواجب وتطبيقه على صلاة الوتر
أولاً: تعريف الفرض والواجب عند العلماء
1- تعريف الفرض
- لغةً: التقدير والإيجاب.
- اصطلاحًا عند الجمهور: ما ثبت بدليل قطعي، وأوجبه الشرع على وجه الإلزام، بحيث يأثم تاركه ويثاب فاعله.
- اصطلاحًا عند الحنفية: ما ثبت بدليل قطعي الثبوت والدلالة، كالنصوص القرآنية والأحاديث المتواترة.
2- تعريف الواجب
- عند الجمهور: الواجب هو الفرض نفسه، ولا فرق بينهما.
- عند الحنفية: الواجب هو ما ثبت بدليل ظني الثبوت أو الدلالة، مثل خبر الآحاد أو القياس الصحيح. تركه إثم ومعصية، لكن لا يصل إلى درجة إنكار الفرض.
ثانياً: الفرق بين الفرض والواجب
عند الجمهور (المالكية، الشافعية، الحنابلة):
- لا فرق بين الفرض والواجب.
- كلاهما يلزم أداؤه ويأثم تاركه.
- الأمثلة: الصلوات الخمس، الزكاة، صيام رمضان، الحج.
عند الحنفية:
- الفرض: ما ثبت بدليل قطعي، تركه كفر أو فسق عظيم.
- الواجب: ما ثبت بدليل ظني، تركه إثم ومعصية لكن لا يصل إلى درجة الكفر.
- الفرض أعلى مرتبة من الواجب، لكن كلاهما ملزم.
ثالثاً: تطبيق الفرق على صلاة الوتر
1- حكم صلاة الوتر عند الجمهور
- الوتر سنة مؤكدة وليست فرضًا ولا واجبًا.
- دليلهم: حديث الأعرابي حين قال: "والله لا أزيد على هذا ولا أنقص"، فقال النبي ﷺ: "أفلح إن صدق" (متفق عليه).
- قال النووي: في هذا الحديث دليل على أن الوتر ليس بواجب.
2- حكم صلاة الوتر عند الحنفية
- الوتر واجب وليس فرضًا.
- استدلوا بمواظبة النبي ﷺ عليها في السفر والحضر، حتى إنه أوتر على راحلته، مما يدل على تأكيدها.
- قالوا: الواجب عندنا يُقضى إذا فات، لذلك يلزم قضاء الوتر إن فات بالنوم أو النسيان أو العمد.
رابعاً: حكم تارك صلاة الوتر
عند الجمهور:
- لا يأثم تاركه، لكنه فوّت سنة مؤكدة عظيمة.
- قال ابن تيمية: الوتر سنة مؤكدة باتفاق المسلمين، ومن أصر على تركه فإنه ترد شهادته.
عند الحنفية:
- تارك الوتر آثم، لأنه واجب.
- يجب عليه قضاؤه متى ما تذكره، ولو بعد طلوع الفجر.
- قال الإمام أحمد – موافقًا لقول الحنفية في شدّة التوكيد –: من ترك الوتر عمداً فهو رجل سوء، ولا ينبغي أن تُقبل له شهادة.
- لغةً: التقدير والإيجاب.
-
أقوال السلف والعلماء
- قال النووي: فيه دليل على أن الوتر ليس بواجب.
- قال ابن قدامة في "المغني": الوتر غير واجب، وبهذا قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: هو واجب.
- قال الإمام أحمد: من ترك الوتر عمداً فهو رجل سوء، ولا ينبغي أن تقبل له شهادة.
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الوتر سنة مؤكدة باتفاق المسلمين، ومن أصرّ على تركه فإنه ترد شهادته.
- قال النووي: فيه دليل على أن الوتر ليس بواجب.
-
فضل صلاة الوتر
- روى مسلم عن أبي سعيد أن النبي ﷺ قال: «أوتروا قبل أن تصبحوا».
- روى أبو داود عن علي رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «يا أهل القرآن أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر» (صححه الألباني).
- قال ابن القيم: صلاة الوتر من آكد سنن الإسلام وأعظمها، وهي أفضل من جميع تطوعات النهار.
- روى مسلم عن أبي سعيد أن النبي ﷺ قال: «أوتروا قبل أن تصبحوا».
-
عدد ركعات الوتر وكيفيتها
- أقل الوتر
ركعة واحدة، لما ثبت في الصحيحين أن النبي ﷺ قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة».
2- الوتر بثلاث
يجوز أن يصليها متصلة، أو ركعتين ثم يسلم، ثم يصلي ركعة، لكن ورد النهي عن تشبيهها بالمغرب: «لا توتروا بثلاث تشبهوا بالمغرب» (رواه الحاكم وصححه).
3- الوتر بخمس أو سبع
يجوز الإيتار بخمس أو سبع أو تسع، كما جاء في الأحاديث الصحيحة.
4- الوتر عند الأحناف
يوتر بثلاث ركعات متصلة، بتشهد بعد الثانية، ثم قراءة دعاء القنوت في الثالثة.
-
وقت صلاة الوتر
- يبدأ وقتها من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر.
- الأفضل جعلها في آخر الليل لمن قدر، لقوله ﷺ: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً» (رواه البخاري ومسلم).
- من خشي أن لا يقوم آخر الليل فليوتر قبل أن ينام.
- يبدأ وقتها من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر.
-
قضاء صلاة الوتر
- الجمهور: لا يجب قضاء الوتر إذا فات، لكنه يُستحب قضاؤه، استناداً إلى حديث عائشة: كان النبي ﷺ إذا شغله نوم أو مرض عن صلاة الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (رواه مسلم).
- الحنفية: يجب قضاء الوتر في أي وقت، لأنه واجب عندهم.
- الجمهور: لا يجب قضاء الوتر إذا فات، لكنه يُستحب قضاؤه، استناداً إلى حديث عائشة: كان النبي ﷺ إذا شغله نوم أو مرض عن صلاة الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (رواه مسلم).
-
حكم ترك صلاة الوتر
- من تركها أحياناً لا إثم عليه لكنه فاته خير عظيم.
- من داوم على تركها، قال بعض العلماء: ترد شهادته، لكونها من آكد السنن.
- قال الإمام أحمد: من ترك الوتر عمداً فهو رجل سوء.
- من تركها أحياناً لا إثم عليه لكنه فاته خير عظيم.
-
صلاة الوتر في السفر
- كان النبي ﷺ يوتر في السفر على راحلته، مما يدل على تأكيدها.
- وهذا أيضاً دليل عند الجمهور على أنها ليست واجبة، إذ الواجب لا يؤدى على الراحلة إلا للضرورة.
- كان النبي ﷺ يوتر في السفر على راحلته، مما يدل على تأكيدها.
-
الوتر وعلاقته بقيام الليل
- الوتر هو ختام صلاة الليل.
- قيام الليل أوسع وأطول، بينما الوتر ركعة أو أكثر تُختم بها القيام.
- قال النبي ﷺ: «أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» (رواه مسلم).
- الوتر هو ختام صلاة الليل.
-
نصائح عملية للمحافظة على الوتر
1. اجعل الوتر عادة يومية لا تتركها.
2. إذا خشيت النوم فصلِّ الوتر قبل أن تنام.
3. إذا فاتك فاقضه شفعاً في النهار.
4. احرص على القنوت في الوتر، ففيه دعاء جامع للخير.
-
الخاتمة
- صلاة الوتر سنة مؤكدة عند جمهور العلماء، وواجبة عند الحنفية.
- أقل الوتر ركعة، وأكثره إحدى عشرة أو ثلاث عشرة.
- من فاتته يُستحب قضاؤه عند الجمهور، ويجب عند الأحناف.
- من تركه عمداً وداوم على ذلك فقد فرّط في سنة عظيمة، وقد ترد شهادته عند بعض العلماء.
- الوتر من أحب الصلوات إلى الله، وهو زينة قيام الليل، فلا ينبغي لمسلم أن يفرط فيه.
- صلاة الوتر سنة مؤكدة عند جمهور العلماء، وواجبة عند الحنفية.