حكم الترتيب بين الصلوات الفائتة والحاضرة في الفقه الإسلامي

تعرف على حكم الترتيب بين الصلوات الفائتة والحاضرة في الفقه الإسلامي، وأقوال المذاهب الأربعة، مع الأدلة الشرعية من القرآن والسنة، وبيان كيفية قضاء الفوائت عند ضيق الوقت واتساعه.

حكم الترتيب بين الصلوات الفائتة والحاضرة في الفقه الإسلامي
حكم الترتيب بين الصلوات الفائتة والحاضرة
  • مقدمة

    الصلاة هي عمود الدين وأعظم شعائر الإسلام، وقد أمر الله تعالى بالمحافظة عليها في أوقاتها، فقال سبحانه:
    ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ [المعارج: 34].

    ومع ذلك قد يتعرض المسلم لأعذار تؤدي إلى فوات بعض الصلوات، إما بالنوم أو النسيان أو غير ذلك. وهنا يثور سؤال مهم: هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة والحاضرة عند قضائها؟
    هذا المقال يستعرض أقوال الفقهاء في المسألة مع الأدلة الشرعية والتطبيقات العملية.

  • حكم قضاء الصلاة عند فواتها

    اتفق العلماء على وجوب قضاء الصلاة إذا فاتت المسلم بعذر أو بغير عذر، لقول النبي ﷺ:
    «مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» (رواه مسلم، حديث رقم 1103).

    فمن نام أو نسي صلاة وجب عليه أن يصليها فور تذكرها، ولا يؤخرها إلى اليوم التالي، كما يعتقد بعض الناس خطأً.

  • أقوال الفقهاء في الترتيب بين الصلوات الفائتة والحاضرة

    1. الحنفية والمالكية والحنابلة

    • يرون أن الترتيب بين الصلوات واجب إذا كان الوقت متسعاً.
    • فإذا فاتت صلاة أو أكثر وكان المسلم في وقت صلاة أخرى، فعليه أن يبدأ بالفائتة ثم يؤدي الحاضرة.
    • الاستثناء: إذا لم يتسع الوقت إلا للحاضرة فقط، فيؤديها أولاً حتى لا تفوته، ثم يقضي الفوائت بعد ذلك.

    ???? مذهب المالكية فيه تفصيل: يرون أن وجوب الترتيب يختص بقضاء الفوائت اليسيرة مع الحاضرة، ولو خرج وقتها، أما إذا كثرت الفوائت فيسقط الترتيب تخفيفاً.

    2. الشافعية

    • لا يرون وجوب الترتيب، وإنما يستحب.
    • فمن فاتته صلاة الصبح مثلاً، فالأفضل أن يبدأ بها قبل صلاة الظهر، وهكذا محاكاة للأداء.
    • لكن إن خشي فوات الحاضرة، وجب أن يبدأ بها حتى لا تصير فائتة، ثم يقضي ما عليه.
  • الأدلة الشرعية على وجوب الترتيب

    1. من السنة القولية

    • قول النبي ﷺ: «مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا».
      يدل على المبادرة بالقضاء فور التذكر، دون تأخير إلى وقت آخر.

    2. من السنة الفعلية

    • حديث صلاة الخندق: حين شُغل النبي ﷺ وأصحابه عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس، فأمر بلالًا أن يقيم للصلاة فصلوا الظهر، ثم العصر، ثم المغرب بترتيبها.
      (رواه النسائي، وصححه الألباني).

    وهذا دليل عملي على وجوب ترتيب الصلوات الفائتة قبل أداء الحاضرة إذا كان الوقت يسمح.

  • التطبيق العملي للمسألة

    1. إذا فاتت المسلم صلاة واحدة وكان وقت الصلاة الحالية متسعاً:

    • يبدأ بالفائتة ثم يصلي الحاضرة.

    2. إذا لم يتبقَّ من وقت الصلاة الحالية إلا ما يكفي لأدائها فقط:

    • يصلي الحاضرة أولاً حتى لا تفوته، ثم يقضي الفائتة بعدها.

    3. إذا فاتته صلوات كثيرة:

    • يجب قضاؤها كلها على الترتيب عند الحنفية والحنابلة.
    • عند المالكية: يجب الترتيب فقط إذا كانت الفوائت يسيرة (صلاة أو صلاتين)، أما الكثيرة فلا يجب.
    • عند الشافعية: الترتيب مستحب وليس واجباً.
  • الحكمة من وجوب الترتيب

    • المحافظة على نظام الصلوات كما شُرعت.
    • سد الذرائع حتى لا يتهاون المسلم في أداء الصلوات بانتظار وقت آخر.
    • محاكاة هيئة الأداء الأصلي كما فعل النبي ﷺ يوم الخندق.
  • خاتمة

    الصلوات الخمس عمود الدين وأعظم ما فرض الله على عباده، والمحافظة عليها في أوقاتها أعظم القربات. لكن إذا فاتت المسلم صلاة لعذر أو تفريط، وجب عليه قضاؤها، والأصل أن يبدأ بالفائتة قبل الحاضرة إن كان الوقت متسعاً، اتباعاً لهدي النبي ﷺ، وعملاً بقول جمهور الفقهاء.

    نسأل الله أن يجعلنا من المحافظين على الصلاة في أوقاتها، كما قال سبحانه:
    ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].