المد اللازم: تعريفه وأقسامه وأمثلة عليه

يُعدّ علم التجويد أحد أهم علوم القرآن الكريم التي تعين القارئ على أداء التلاوة على الوجه الصحيح، ومن أبرز أبواب هذا العلم باب "المدود". ويأتي المد اللازم كواحد من أركان المدود التي أجمع القراء على مده ست حركات وصلاً ووقفًا. يمتاز المد اللازم بخصائص تجعل منه قاعدة ثابتة لا خلاف عليها في الأداء، ويستند في أحكامه إلى السكون الأصلي، ويقع في الكلمات أو الحروف المقطعة. وفي هذا المقال، سنقوم باستعراض دقيق وشامل لكل ما يتعلق بالمد اللازم، مع الاستشهاد بكلام كبار علماء التجويد، وعلى رأسهم الدكتور أيمن سويد، ومراجع موثوقة من كتب التجويد والمواقع القرآنية المعتمدة.

المد اللازم هو أن يأتي بعد حرف المد (الألف، أو الواو الساكنة المضمور ما قبلها، أو الياء الساكنة المكسور ما قبلها) حرفٌ ساكنٌ سكونًا أصليًا في نفس الكلمة أو في أحد الحروف المقطعة في أوائل السور.
وقد سُمي "لازمًا" لأن مده لازم لجميع القراء ولا يُقصر أبدًا، بل يُمد ست حركات بالإجماع، سواء في الوصل أو الوقف.

قال د. أيمن سويد: "المد اللازم لا خلاف فيه بين القراء، لأنه مرتبط بسكون أصلي لا يتغير، ويقع في كلمات أو حروف لا تحتمل التقدير".

ينقسم المد اللازم إلى قسمين رئيسيين، وكل منهما إلى نوعين:

1️⃣ المد اللازم الكلمي

ويقع في كلمة واحدة، ويشترط أن يأتي بعد حرف المد سكون أصلي.

 أ) المد الكلمي المثقّل

وهو أن يأتي بعد حرف المد حرف مشدد (أي ساكن مدغم).

• سبب التسمية: "مثقّل" لوجود التشديد.
• أمثلة:
• {وَلَا الضَّالِّينَ}
• {الْحَاقَّةُ}
• {الصَّاخَّةُ}
• {الطَّامَّةُ}
• {دَابَّةٌ}
• {أَتُحَاجُّونِّي}، {تَأْمُرُونِّي}

ب) المد الكلمي المخفّف

وهو أن يأتي بعد حرف المد حرف ساكن غير مدغم في كلمة واحدة.

• مثاله الوحيد في رواية حفص عن عاصم:
• {ءَآلْـٰنَ} في سورة يونس (الآيتان 51، 91)

قال علماء التجويد: "هذا النوع نادر جدًا في المصحف برواية حفص، ولا يتكرر إلا في موضعين."

2️⃣ المد اللازم الحرفي

ويقع في الحروف المقطعة في أوائل بعض السور. ويُشترط أن يكون هجاء الحرف ثلاثيًا، أوسطه حرف مد، وآخره ساكن أصلي.

 أ) المد الحرفي المثقّل

وهو أن يُدغم الحرف الساكن الأخير من هجاء الحرف فيما بعده.

• أمثلة:
• {الــم} → يُمد حرف اللام بسبب إدغام ميمه في ميم "مِيمْ"
• {طســم} → السين تُدغم في الميم، وتُمد ست حركات

 ب) المد الحرفي المخفّف

وهو أن لا يكون هناك إدغام بين الحرف الممدود وما بعده.

• أمثلة:
• مد السين في {كهيعص}
• مد الصاد في {ص}

بحسب تقسيم الدكتور أيمن سويد:

✳️ أولاً: ما لا يُمد (حرف الألف)

• الهجاء: أَلِفْ
• السبب: لا يحتوي على حرف مد
• الشاهد: "وَمَا فِي أَلِفْ مِنْ حَرْفِ مَدٍّ فَيُمْطَلَا"

✳️ ثانيًا: ما يُمد مدًا طبيعيًا (حركتين)

• مجموعة: (حَيٌّ طَهُرْ)
• الحروف: حا، يا، طا، ها، را

✳️ ثالثًا: ما يُمد مدًا لازماً (ست حركات)

• مجموعة: (نَقَصَ عَسَلُكُمْ)
• الحروف: نون، قاف، صاد، عين، سين، لام، كاف، ميم
• تنبيه على العين:
  لها وجهان في الأداء:
• الإشباع (6 حركات) – وهو الأرجح
• التوسط (4 حركات) – جائز

• المد اللازم لا يُقصر أبداً، بل هو من المواضع الثابتة.
• لا يُخلط بينه وبين المد العارض للسكون الذي يتغير حكمه بالوقف، فالمد اللازم سكونه أصلي والعارضة للسكون سكونه عارض بسبب الوقف.
• في "الم" مثلاً، لا يُقرأ المد بالهوى أو التقدير، بل يُضبط بالسماع والمشافهة.

المد اللازم من الأحكام الصوتية الدقيقة التي تُظهر فصاحة اللسان وجمال الأداء عند تلاوة كتاب الله. وتكمن أهميته في ثباته ومقداره الذي لا يختلف فيه القراء، مما يعكس إعجاز القرآن في ضبط النطق والأداء. ولذا، يجب على كل من أراد إتقان التلاوة أن يتقنه نظريًا وعمليًا، من خلال التلقي والمشافهة مع أهل العلم، والاستعانة بالمصادر الموثوقة.