مد التعظيم
تعرف على مد التعظيم، أحد أنواع المد المنفصل، وأهميته في تعظيم كلمة التوحيد. نوضح تعريفه، شروطه، وأقوال العلماء فيه كابن الجزري والنووي، مع بيان الأوجه عند من قصر المنفصل من طرق الطيبة.

-
مقدمة
علم التجويد من أعظم العلوم التي تخدم كتاب الله تعالى، ومن فنونه الدقيقة: المدود، وهي تطويل الصوت بحرف من حروف المد. وقد عُني العلماء بتقسيم المد إلى أنواع شتى بحسب أسبابه. ومن أنواع المدود التي أخذت طابعًا خاصًا في الأداء القرآني: مدّ التعظيم، وهو مدّ معنويّ خُصّ بكلمة التوحيد العظيمة "لا إله إلا الله" ونحوها، يقصد به تعظيم شأن الألوهية، والمبالغة في نفيها عما سوى الله.
-
تعريف مدّ التعظيم
مدّ التعظيم هو: مدّ الألف في كلمة "لا" النافية للجنس في مواضع التوحيد، مثل:
- ﴿لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾
- ﴿لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾
- ﴿لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ﴾
ويكون المد بمقدار أربع حركات غالبًا، ويقع هذا المدّ في الأصل ضمن المدّ المنفصل لوقوع الهمزة بعد حرف المد، غير أن السبب هنا ليس لفظيًّا فقط، بل يجتمع فيه السبب اللفظي والمعنوي، وهو ما ميّزه عن بقية أنواع المدود.
- ﴿لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾
-
الفرق بين المدّ اللفظي والمعنوي
- المدّ اللفظي: سببه وجود همز أو سكون، وهو أقوى الأسباب عند القرّاء.
- المدّ المعنوي: سببه دلالة المعنى، كالمبالغة في النفي والتعظيم، وهو سبب ضعيف في الميزان التجويدي، لكنه معتبر في الأداء القرآني.
ولذا جاء عن الإمام ابن الجزري قوله:
"يشير إلى كونه اجتمع سببان، وهما المبالغة ووجود الهمزة، وقد استحب العلماء المحققون مدّ الصوت في لا إله إلا الله إشعارًا بما ذكرنا." - المدّ اللفظي: سببه وجود همز أو سكون، وهو أقوى الأسباب عند القرّاء.
-
مشروعية مدّ التعظيم
ورد مدّ التعظيم عن بعض قراء القراءات العشر من طريق طيبة النشر، خاصةً لمن كانت روايته قصر المنفصل، وفضّله بعضهم لما فيه من تدبر وتعظيم لله، كما قال الإمام النووي في الأذكار:
"المذهب الصحيح المختار استحباب مدّ الذاكر قوله لا إله إلا الله لما فيه من التدبر."لكنّه لم يرد في طريق الشاطبية ولا التيسير، مما يعني أنه ليس عامًا في كل الطرق، وإنما يُراعى في مواضع مخصوصة، ووفق ضوابط دقيقة سنفصلها لاحقًا.
-
مقدار مدّ التعظيم
- مقدار مدّ التعظيم غالبًا أربع حركات.
- لا يبلغ حد الإشباع الكامل (ست حركات).
- يُؤدّى بالتوسّط، لا بالقصر المحض ولا بالإشباع المفرط.
قال الإمام ابن الجزري:
"وقدر المدّ في ذلك وسط لا يبلغ الإشباع، وكذا نص عليه الأستاذ ابن القصاع." - مقدار مدّ التعظيم غالبًا أربع حركات.
-
شروط الأخذ بمدّ التعظيم
ذكر العلماء شروطًا دقيقة للأخذ بهذا الوجه، خاصةً عند من يقرأ بالقصر في المدّ المنفصل، ومن ذلك:
1. ترك الغنة في اللام والراء لمن لا يجمع بين الغنة والتعظيم.
2. عدم التقليل في لفظ ﴿التوراة﴾ لمن يقرأ بالتقليل.
3. التزام الطريقة الواردة عن القارئ وفق طرق طيبة النشر.
توضيح لبعض القراء:
· قالون من طريق الحلواني، وورش من طريق الأصبهاني:
- لا يمدّان للتعظيم إلا بترك التقليل أو الإمالة في ﴿التوراة﴾.
- وترك الغنة في اللام والراء.
· أبو عمرو، هشام، حفص، وأبو جعفر:
- لا يمدّون مدّ التعظيم إلا بترك الغنة في اللام والراء.
- لا يمدّان للتعظيم إلا بترك التقليل أو الإمالة في ﴿التوراة﴾.
-
مدّ التعظيم في التلاوة: تطبيقات وأوجه
1. إذا تقدّم مدّ التعظيم على المنفصل
كما في قوله تعالى:
﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾
في هذه الحالة، ينشأ للقراء أصحاب قصر المنفصل ثلاثة أوجه:- القصر في التعظيم والمنفصل.
- التوسّط في مدّ التعظيم مع قصر المنفصل.
- التوسّط في كليهما.
وهذا بناءً على قاعدة:
"إذا تقدَّم الضعيف على القوي ساوى القوي الضعيف وارتفع عنه."2. إذا تقدّم المدّ المنفصل على التعظيم
كما في قوله تعالى:
﴿اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾
فهنا تتغير القاعدة، وتكون الأوجه الثلاثة:- القصر في كليهما.
- القصر في المنفصل مع توسّط مدّ التعظيم.
- التوسّط في كليهما.
وذلك بناءً على قاعدة:
"إذا تقدَّم القوي على الضعيف ساوى الضعيف ونزل عنه." - القصر في التعظيم والمنفصل.
-
ضوابط وتوجيهات عامة في مدّ التعظيم
- ليس مدًّا مستقلًّا بذاته، بل هو فرع من المدّ المنفصل، لكن أعطي خصوصية بسبب المعنى.
- لا يُؤخذ به إلا لمن وردت به روايته، ولا يجوز القياس عليه في غير المواضع المأثورة.
- المستحب في الأذكار والتلاوة التأنّي في النطق بـ﴿لا إله إلا الله﴾ لما فيه من استحضار التعظيم.
يجوز الأخذ به لمن قصر المنفصل، بشروطه المذكورة
- ليس مدًّا مستقلًّا بذاته، بل هو فرع من المدّ المنفصل، لكن أعطي خصوصية بسبب المعنى.
-
الخاتمة
مدّ التعظيم من الخصوصيات البيانية التي تجلت في أداء القرآن الكريم، فهو تعبير صوتي عن تعظيم المعنى الجليل لكلمة التوحيد، وفيه تعظيم لله وتفخيم لشأنه. وقد تناوله العلماء بالدراسة والتحقيق، وأوردوه في كتب القراءات المعتبرة. والضابط في ذلك هو المنهج المروي والمحرر في طرق الأداء، مع مراعاة المعنى والتدبر، وعدم الإخلال بقواعد التجويد الأصيلة.