المد الجائز المنفصل في التجويد: أنواعه، أحكامه، تطبيقاته

القرآن الكريم كتاب الله العزيز الذي أنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليُتلى ويتعبد به، وقد أولى علماء التجويد اهتمامًا بالغًا بأحكام تلاوته، ومن أبرز هذه الأحكام المدود، ومنها المد المنفصل، الذي يُعد من أكثر أنواع المد استعمالًا في التلاوة وهذا ما سنتناوله بالتفصيل.

المد الجائز المنفصل هو: أن يقع حرف المد في آخر الكلمة، ويقع بعده سبب المد (الهمز) في أول الكلمة التالية.

مثال:

• (بِمَا أُنزِلَ)، حيث "ما" فيها حرف مد (الألف) وجاء بعده الهمز في كلمة "أُنزِلَ".

سُمِّي منفصلًا لانفصال حرف المد عن الهمز، حيث يكون كل منهما في كلمة مستقلة. ولذلك يختلف عن المد المتصل الذي يكون فيه المد والهمز في كلمة واحدة.

وسمي جائزاً لعدم إجماع القراء على وجوب مده، و لجواز القصر فيه بمقدار حركتين من طريق طيبة النشر.

1. المد الجائز المنفصل الحقيقي:

وهو ما ثبت فيه حرف المد والهمز رسماً ولفظاً، مثال:

• (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ)
• (قَالُوا إِنَّا)
• (إِنِّي أَنَا)

2. المد الجائز المنفصل الحكمي:

وهو ما حُذف فيه حرف المد من الرسم وبقي في اللفظ، كأن يكون ياء النداء أو ها التنبيه متصلة بالكلمة التالية رسماً، ومفصولة لفظاً.

أمثلة:

• (يَا أَيُّهَا) مكتوبة في الرسم: (يأيها)
• (هَا أَنتُمْ) مكتوبة: (هأنتم)

تنبيه: لا يجوز الوقف على الجزء الأول (يا أو ها) لأنهما مرتبطتان رسماً بالكلمة التي بعدهما.

ويلحق بالمد الجائز المنفصل: مد الصلة الكبرى يُلحق بالمد الجائز المنفصل لأنه يشترك معه في سبب المد، وهو الهمز بعد حرف المد في كلمتين.

تعريف مد الصلة الكبرى:

هو: مد هاء الضمير المفرد الغائب بين حرف متحرك وهمز متصل بها، بمقدار أربع أو خمس حركات، بشرط أن تكون الهاء بين متحركين، ويأتي بعدها همز في الكلمة التالية.

مثال قرآني:

قوله تعالى:
﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُۥٓ أَخْلَدَهُۥ﴾
[الهمزة: 3]

• علامة الصلة الكبرى هنا هي: هُۥٓ، حيث توضع علامة المد والصلة على الهاء للدلالة على مد الصلة الكبرى.
• وتمتد الهاء أربع أو خمس حركات عند الوصل إلحاقاً له بالمد الجائز المنفصل

من طريق الشاطبية:

• المد واجب بمقدار أربع إلى خمس حركات (توسط فقط).

من طريق الطيبة:

• المد جائز: يجوز فيه القصر (حركتين)، أو التوسط (أربع حركات)، أو الإشباع (خمس حركات) حسب الطريقة المأخوذة.

المعتمد في الأداء حسب الطريق:

• من طريق الشاطبية والتيسير: التوسط فقط.
• من طريق الطيبة والنشر: جواز التوسط أو القصر، بحسب الرواية.

جاء القصر من اعتبار أن الهمز يزول عند الوقف، وبالتالي ينتفي السبب الذي من أجله زيد المد. وعند الوقف على الكلمة التي فيها حرف المد فقط، يتحول إلى مد طبيعي.

مثال:

• (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ) عند الوقف على (إِنَّا) فقط، يصير المد طبيعيًا لأن الهمز زال.

1. تسوية المدود:

لا يجوز الخلط بين مد منفصل وآخر أثناء التلاوة.

مثال خاطئ: أن تقرأ (إِنَّا) بقصر و(أَنزَلْنَاهُ) بتوسط، بل يجب توحيدهما.

2. عدم الوقف على أجزاء الكلمات المتصلة رسمًا:

• لا يوقف على: (يا) من (يا أيها)
• ولا على: (ها) من (ها أنتم)

  أقوال الأئمة حول ضبط الأداء

  النويري في شرح الدرة:

  "القراءة بخلط الطرق وتركيبها حرام أو مكروه أو معيب".

  القسطلاني في اللطائف:

  "يجب على القارئ الاحتراز من التركيب في الطرق وتمييز بعضها من بعض، وإلا وقع فيما لا يجوز وقرأ ما لم يُنزل".

أولًا: "هاؤم"

• كلمة أصلية في اللغة، وليست مركبة من "ها" التنبيهية وكلمة أخرى.
• تتكون من: هاء أصلية، ثم ألف مدية، ثم همزة، ثم ميم الجمع.
• وردت في قوله تعالى: "هاؤمُ اقرءوا كتابِيهْ" [الحاقة: 19].

الحكم التجويدي:

• المد هنا يسمى مدًا متصلًا، لأن المد (الألف) والهمزة وقعا في كلمة واحدة.
• يمد بمقدار 4 أو 5 أو 6 حركات عند بعض القرّاء بحسب التوسط أو الإشباع.

التمييز الأساسي:

• الهاء في "هاؤم" من أصل الكلمة وليست أداة تنبيه منفصلة، وهذا هو الفارق الجوهري عن المد المنفصل.

المد المنفصل من الأحكام المهمة في علم التجويد، ومعرفة تفاصيله وأقسامه وأحكامه عند القراء -خاصة حفص عن عاصم- ضرورة لكل قارئ ومتقن للقرآن الكريم. ويجب الالتزام بالطرق المروية عن الأئمة وعدم الخلط بينها. كما يجب الرجوع للمشايخ المجازين لفهم الوجوه التطبيقية بدقة.