كيفية صلاة الوتر في المذاهب الأربعة: دراسة فقهية شاملة
تعرف على كيفية صلاة الوتر في المذاهب الأربعة مع بيان حكمها وعدد ركعاتها وصفتها وأفضل وقتها، وفق أقوال الفقهاء والأدلة الشرعية من القرآن والسنة، في شرح تفصيلي شامل يساعد المسلم على أداء الوتر على الوجه الصحيح.

-
مقدمة
صلاة الوتر من أعظم النوافل التي حثَّ عليها النبي ﷺ، وهي خاتمة صلاة الليل. وقد قال ﷺ: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا» (رواه البخاري ومسلم). واختلفت المذاهب الفقهية الأربعة في بيان حكمها، وعدد ركعاتها، وكيفية أدائها، مما يجعل دراستها من المسائل المهمة للمسلم الباحث عن الاتباع الصحيح.
-
حكم صلاة الوتر في المذاهب الأربعة
1- مذهب الحنفية
- الحكم: يرون أن الوتر واجب وليس مجرد سنة، فهو عندهم دون الفرض وفوق السنة.
- الدليل: استدلوا بأحاديث منها قوله ﷺ: «الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا» (رواه أبو داود)، وفهموا من هذا الأمر الوجوب.
2- مذهب المالكية
- الحكم: الوتر سنة مؤكدة، لا يأثم تاركه ولكن يفوته فضل عظيم.
- الدليل: استدلوا بحديث النبي ﷺ: «إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن» (رواه الترمذي).
3- مذهب الشافعية
- الحكم: سنة مؤكدة، والمواظبة عليها من هدي النبي ﷺ.
- الدليل: استدلوا بأحاديث عامة في الحث على الوتر، وبفعله ﷺ، حيث كان يحافظ عليها في السفر والحضر.
4- مذهب الحنابلة
- الحكم: سنة مؤكدة، حتى قال بعضهم: من تركها فهو رجل سوء، مع أنهم لم يبلغوا بها الوجوب.
- الدليل: حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي ﷺ كان يوتر على البعير» (رواه البخاري)، مما يدل على المواظبة.
- الحكم: يرون أن الوتر واجب وليس مجرد سنة، فهو عندهم دون الفرض وفوق السنة.
-
عدد ركعات صلاة الوتر
٠
عند الحنفية
- يرون أنها ثلاث ركعات متصلة، على هيئة صلاة المغرب، لكن مع فرق مهم: لا يجلس في الركعة الثانية للتشهد الأوسط.
- ويُقرأ في كل ركعة بالفاتحة وسورة.
عند المالكية
- الوتر عندهم ركعة واحدة فقط، لكن لا تصح إلا إذا سبقتها ركعتان شفع.
- أي أن صلاتهم للوتر غالبًا ثلاث: ركعتا شفع ثم ركعة وتر.
عند الشافعية
- تصح الوتر بركعة واحدة، لكن الأكمل عندهم ثلاث.
- وللمصلي الخيار بين أن يسلم بعد ركعتين ثم يأتي بركعة، أو يصلي ثلاثًا متصلة بسلام واحد.
عند الحنابلة
- تصح الوتر بركعة واحدة، لكن الأكمل ثلاث.
- ولهم أن يصلوها متصلة أو مفصولة، فإن وصلها بثلاث جعل لها تشهدين وسلامًا واحدًا.
- يرون أنها ثلاث ركعات متصلة، على هيئة صلاة المغرب، لكن مع فرق مهم: لا يجلس في الركعة الثانية للتشهد الأوسط.
-
هيئة صلاة الوتر عند المذاهب
الحنفية
- يصلونها ثلاث ركعات متصلة.
- يقنتون في الركعة الثالثة بعد القراءة وقبل الركوع.
- يرفعون أيديهم عند دعاء القنوت.
المالكية
- يصلون ركعتي الشفع ويسلمون.
- ثم يصلون ركعة الوتر مفردة، ووصلها بالشفع مكروه عندهم.
- القنوت عندهم في الوتر لا يكون إلا في النصف الأخير من رمضان.
الشافعية
- يصلون ركعة أو ثلاثًا أو أكثر، والأفضل ثلاث.
- القنوت عندهم يكون في الركعة الأخيرة بعد الرفع من الركوع، في جميع ليالي السنة.
- يسوغ وصلها أو فصلها.
الحنابلة
- يصلون الوتر ركعة واحدة، أو ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، لكن الغالب ثلاث.
- القنوت عندهم في الوتر يكون أحيانًا لا دائمًا، في النصف الأخير من رمضان خاصة.
- يسوغ وصلها أو فصلها.
- يصلونها ثلاث ركعات متصلة.
-
وقت صلاة الوتر
- اتفق العلماء على أن وقتها يبدأ بعد صلاة العشاء ويمتد إلى طلوع الفجر.
- والأفضل جعلها في آخر الليل لمن يثق بالاستيقاظ، لقول النبي ﷺ: «من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل» (رواه مسلم).
- اتفق العلماء على أن وقتها يبدأ بعد صلاة العشاء ويمتد إلى طلوع الفجر.
-
خلاصة عملية للمسلم
٠
- إذا كان على مذهب الحنفية: يوتر بثلاث ركعات متصلة مع قنوت في الثالثة.
- إذا كان على مذهب المالكية: يصلي ركعتين شفعًا، ثم ركعة واحدة وترًا.
- إذا كان على مذهب الشافعية: له الخيار بين ركعة واحدة أو ثلاث مفصولة أو موصولة، مع القنوت دائمًا.
- إذا كان على مذهب الحنابلة: يوتر بركعة أو ثلاث غالبًا، والقنوت عندهم في رمضان خاصة.
- إذا كان على مذهب الحنفية: يوتر بثلاث ركعات متصلة مع قنوت في الثالثة.
-
الخاتمة
صلاة الوتر عبادة جليلة، ومهما اختلفت المذاهب في هيئتها وعددها، فإنهم أجمعوا على مشروعيتها وأهميتها في حياة المسلم. فهي زينة صلاة الليل وخاتمتها، وهي التي تُظهر تعلق العبد بربه في وقت السكون والخلوة. قال ﷺ: «إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن» (رواه الترمذي).
ومن الحكمة أن يحرص المسلم على هذه السنة العظيمة بما يتيسر له، وفق مذهبه أو بما يغلب على ظنه أنه الأقرب لهدي النبي ﷺ.