دعاء القنوت: صيغته وأدعيته ومواطنه في الصلوات

اكتشف الصيغ الكاملة لدعاء القنوت كما وردت في السنة النبوية، مع شرح مواضعه في الصلاة عند المذاهب الأربعة، وذكر الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، وحكم القنوت وآدابه بالتفصيل.

دعاء القنوت: صيغته وأدعيته ومواطنه في الصلوات
دعاء القنوت
  • مقدمة

    دعاء القنوت من الأدعية الجامعة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من السنن العظيمة التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى في صلاته، سواء في الوتر أو في النوازل أو في صلاة الفجر على مذهب بعض الأئمة. وقد اختلفت صيغ دعاء القنوت ومواضعه بين المذاهب الأربعة، لكن الجامع بينها أنه دعاء خشوع وابتهال، يجمع بين طلب الهداية والعفو والرحمة، وبين التضرع ودفع البلاء.

    في هذا المقال نستعرض الصيغ المأثورة لدعاء القنوت كما وردت في السنة وأقوال الصحابة، مع بيان مواضعه في الصلاة عند الأئمة الأربعة، ونورد الأدعية الكاملة من القرآن والسنة التي يُستحب الدعاء بها في القنوت.

  • تعريف دعاء القنوت

    • لغةً: القنوت يعني الطاعة والقيام بين يدي الله تعالى بخشوع.
    • اصطلاحاً: هو دعاء مخصوص مشروع في الصلاة في مواضع معينة، إمّا قبل الركوع أو بعده، بحسب اختلاف الفقهاء.
  • الصيغة المأثورة عن النبي ﷺ

    الصيغة المأثورة عن النبي ﷺ
    دعاء القنوت المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المذهب الشافعي

    ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم الحسن بن علي رضي الله عنهما دعاء القنوت في الوتر فقال:

    «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت»
    (رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح).

    ويستحب أن يأتي الإمام بصيغة الجمع فيقول:

    اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت.

  • صيغ دعاء القنوت عند المذاهب الأربعة

    صيغ دعاء القنوت عند المذاهب الأربعة
    دعاء القنوت على المذهب الحنفي

    1- مذهب الشافعي

    • القنوت في صلاة الفجر دائمًا، وفي الوتر، وعند النوازل.
    • الصيغة: «اللهم اهدنا فيمن هديت…»
    • موضعه: بعد الركوع من الركعة الثانية.

    2- مذهب أبي حنيفة

    • القنوت في الوتر فقط، وفي النوازل.
    • الصيغة:

    «اللهم إنا نستعينك ونستهديك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق».

    • موضعه: قبل الركوع من الركعة الأخيرة.

    3- مذهب مالك

    • القنوت في صلاة الفجر فقط.
    • موضعه: قبل الركوع من الركعة الثانية، ويكون سراً.
    • الصيغة قريبة من صيغة الحنفية.

    4- مذهب أحمد

    • القنوت في الوتر، وفي النوازل.
    • موضعه: بعد الركوع.

    صيغته: دعاء الحسن بن علي رضي الله عنهم

  • القنوت في النوازل

    عند حلول الكوارث والشدائد بالأمة، يُشرع القنوت في جميع الصلوات الخمس، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما قُتل القراء في بئر معونة، فقنت شهرًا يدعو على المشركين.

  • أدعية القنوت من القرآن الكريم

    المأثورة من الكتاب والسنة، بعيدًا عن التكلّف أو السجع المتكلف. ومن الأدعية الثابتة:

    الأدعية القرآنية:

    • {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
    • {وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.
    • {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
    • {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا...}.
    • {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً}.
    • {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}.
    • {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ}.
    • {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ...}.
    • {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا...}.
    • {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
    • {أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا...}.
    • {عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً...}.
    • {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً...}.
    • {رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا}.
    • {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ...}.
    • {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا...}.
    • {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا...}.

    {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا...}

  • أدعية القنوت من السنة

    الأدعية النبوية:

    • «اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر».
    • «اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى».
    • «اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك».
    • «اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك».
    • «اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل... اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك».
    • «اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء».
    • «اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله... ونسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل».
    • «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا».
    • «اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، ونسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، ونسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك».
    • «اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك».
    • «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوّن به علينا مصائب الدنيا...».
    • «اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، ونعوذ بك منك، لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك».
    • «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد».
  • حكم القنوت

    • في الوتر: سنة مؤكدة عند الجمهور.
    • في الفجر: سنة عند الشافعية والمالكية، خلافًا للحنفية والحنابلة.
    • في النوازل: متفق على مشروعيته.
  • آداب القنوت

    1.   الإخلاص لله والخشوع.

    2.   الالتزام بالأدعية المأثورة.

    3.   رفع اليدين عند الدعاء.

    4.   ختم الدعاء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

  • الخاتمة

    دعاء القنوت من السنن الجامعة التي تحمل في طياتها معاني الهداية والعفو والرحمة. وقد جاءت نصوص صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين صيغته ومواضعه، واتفق الأئمة على مشروعيته في الوتر والنوازل، واختلفوا في صلاة الفجر. والواجب على المسلم أن يتحرى الدعاء بالمأثور، ويخشع فيه، ليكون أقرب للقبول والرحمة.