ما الصلوات التي يجب على المرأة قضاؤها بعد الطهر من الحيض؟

مقال فقهي يوضح حكم الصلوات التي يجب على المرأة أداؤها إذا طهرت من الحيض أو النفاس خلال أوقات الصلوات المفروضة، مع بيان أقوال كبار العلماء كابن باز وابن جبرين وشيخ الإسلام ابن تيمية، ومذهب جمهور الفقهاء. يتناول المقال تفاصيل المسألة مع التفريق بين الطهر قبل غروب الشمس أو قبل طلوع الفجر، وبيان الحكم الشرعي في كل حالة، مع أدلة من السنة وأقوال الصحابة، ويهدف لتوضيح الأحكام الشرعية للنساء في باب الطهارة والصلاة وفق منهج علمي موثق.

ما الصلوات التي يجب على المرأة قضاؤها بعد الطهر من الحيض؟
ما الصلوات التي يجب على المرأة قضاؤها بعد الطهر من الحيض؟
  • مقدمة

    الطهارة من الحيض والنفاس من المسائل التي تحتاج إلى بيان دقيق، لما يترتب عليها من أحكام شرعية تتعلق بعبادة الصلاة، والتي هي عمود الدين. ومن الأسئلة المتكررة: إذا طهرت المرأة في أحد أوقات الصلاة، فما هي الصلوات التي يجب عليها قضاؤها؟ وهل يجب عليها الجمع بين صلاتين؟ في هذا المقال نتناول هذه المسألة بشيء من التفصيل، معتمدين على أقوال جمهور العلماء والأدلة الشرعية من القرآن والسنة وأقوال الصحابة والفقهاء.

  • الأصل في الصلاة على الحائض

    اتفق العلماء على أن الحائض لا تُصلّي ولا تقضي الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم:
    "
    أليس إذا حاضت لم تُصل ولم تصم؟" [رواه البخاري ومسلم].
    ولكن بعد الطهر، يترتب عليها قضاء بعض الصلوات في حالات معينة، وهو ما سنبينه بالتفصيل في هذا المقال.

  • إذا طهرت في وقت الصلاة، فهل تقضي الصلاة السابقة؟

    1. القاعدة العامة:

    إذا طهرت المرأة في وقت الصلاة الثانية من صلاتين يُجمع بينهما (أي: الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء)، فإنها تصليهما معًا، وهذا هو مذهب جمهور العلماء: المالكية والشافعية والحنابلة، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية.

    2. أمثلة تطبيقية:

    • إذا طهرت في وقت العصر: وجب عليها أن تصلي الظهر والعصر.
    • إذا طهرت في وقت العشاء: وجب عليها أن تصلي المغرب والعشاء.
    • إذا طهرت بعد طلوع الفجر وقبل شروق الشمس: تصلي الفجر فقط.
    • إذا طهرت بعد طلوع الشمس: سقطت عنها صلاة الفجر، لأنها طهرت بعد خروج الوقت.
    • إذا طهرت قبل غروب الشمس بزمن يسع ركعة: تصلي الظهر والعصر.
    • إذا طهرت قبل طلوع الفجر الثاني بزمن يسع ركعة: تصلي المغرب والعشاء.
  • الدليل على وجوب الجمع بين الصلاتين عند الطهر

    جاء عن الصحابي عبد الرحمن بن عوف وابن عباس – رضي الله عنهما – أنهما قالا:

    "في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة: تصلي المغرب والعشاء. وإذا طهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر."

    وقد أفتى بذلك جماعة من الصحابة ولم يُعرف لهم مخالف، كما نقله ابن قدامة في "المغني".

  • أقوال العلماء في المسألة

    • الشيخ ابن باز – رحمه الله – قال:

    "إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس، وجب عليها أن تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل طلوع الفجر، وجب عليها أن تصلي المغرب والعشاء."

    • الشيخ ابن جبرين – رحمه الله – قال:

    "إذا طهرت قبل دخول وقت المغرب صلت الظهر والعصر، وإذا طهرت بعد دخول وقت المغرب، صلت المغرب فقط، وإذا طهرت قبل صلاة الظهر فلا تصلي شيئًا، وإذا طهرت بعد العشاء وقبل الفجر صلت المغرب والعشاء."

    • قول المالكية:
      المرأة تدرك الصلاتين المشتركتين في الوقت الضروري بفضل ركعة واحدة من الأولى، فإذا طهرت قبل غروب الشمس بما يسع ركعة وجب عليها الظهر والعصر.
  • هل تقضي المرأة الصلاة التي دخل وقتها ثم حاضت؟

    ·        قول جمهور العلماء (الشافعي وأحمد):
    إذا حاضت المرأة بعد دخول وقت الصلاة، فإنها تقضي تلك الصلاة بعد طهرها.

    ·        قول المالكية وأبي حنيفة وابن تيمية:
    لا تقضي؛ لأنها لم تفرّط، ولم يكن عندها وقت كافٍ، والمانع كان قهريًا.

    ·        الرأي الراجح:
    أن القضاء أحوط، والأولى أن تقضي الصلاة التي دخل وقتها ثم حاضت قبل أدائها.

  • قاعدة الوقت المشترك بين الصلاتين

    من المسائل الفقهية المهمة في هذا الباب:

    أن وقت الصلاة الثانية يعتبر وقتًا مشتركًا مع الأولى في حال الأعذار كالسفر والمرض والحيض، لذا إذا طهرت المرأة في هذا الوقت لزمتها الصلاتان.

  • ضوابط وملاحظات فقهية

    • يجب التأكد من الطهر الكامل، ويشترط نزول القَصّة البيضاء أو الجفاف التام.
    • يجب أداء الصلاة فور الطهر إن بقي من الوقت ما يكفي لأدائها.
    • في حال الشك في وقت الطهر، يُرجع إلى غلبة الظن، فإن غلب على ظنها أنها طهرت في وقت الصلاة وجب القضاء.
    • لا يجب على المرأة قضاء الصلاة التي فاتت أثناء الحيض، إلا في الحالات التي ذكرناها.
  • خاتمة

    تُعد هذه المسألة من المسائل الدقيقة التي تحتاج إلى فهم لطبيعة الوقت، ومعرفة ما إذا كان الوقت وقت جمع أو وقت أداء منفرد. وقد بيّنت أقوال العلماء والمجامع الفقهية أن من طهرت في وقت مشترك بين صلاتين، فإنها تقضي كلتا الصلاتين، وذلك تأسيًا بفتاوى الصحابة والتابعين، واحتياطًا للدين. وينبغي للمرأة المسلمة أن تحرص على السؤال والرجوع لأهل العلم في مثل هذه الأمور، خاصةً في مسائل العذر الشرعي، فإن الجهل بها قد يوقع في التقصير أو الحرج.