صفات الحروف في علم التجويد وأقسامها

يُعدّ علم التجويد من أهم علوم القرآن الكريم، إذ به تُصان الألفاظ القرآنية من التحريف ويُؤدَّى كلام الله تعالى كما أُنزل على نبيّه ﷺ. ومن أبرز أبواب هذا العلم صفات الحروف، فهي التي تميّز كل حرف عن غيره، وتمنحه الخصائص الصوتية التي تُضبط بها القراءة الصحيحة.

يقول الإمام ابن الجزري في مقدمته:

"وَالأَخْذُ بِالتَّجْوِيدِ حَتْمٌ لاَزِمُ، مَنْ لَمْ يُصَحِّحِ الْقُرَانَ آثِمُ"

فإتقان صفات الحروف ليس مجرد ترفٍ صوتي، بل هو عبادة يُثاب عليها القارئ لأنها صون لكلام الله.

تعريف الصفة لغةً واصطلاحًا

• اللغة: الصفة هي الكيفية الملازمة للشيء، أو ما يدل على معنى في موصوفه.
• الاصطلاح: الصفة هي الكيفية التي تُعطى للحرف عند النطق به، بحيث تميزه عن غيره من الحروف المشاركة له في المخرج.

مثال ذلك: حروف الثاء والذال والظاء تشترك في نفس المخرج، لكن تُميز كلًّا منها صفاته الخاصة.

معرفة صفات الحروف ليست علماً نظرياً فحسب، بل لها فوائد عملية عظيمة، منها:

1.   تمييز الحروف المشتركة في المخرج: مثل التفريق بين الثاء والذال والظاء.

2.   إعطاء الحرف حقّه ومستحقّه: أي إعطاؤه مخرجه وصفاته اللازمة، وما يعرض له من صفات أخرى.

3.   تحسين النطق وتجويد التلاوة: فيخرج الحرف واضحًا سليمًا خاليًا من التحريف.

4.   معرفة قوة الحروف وضعفها: وهو ما يُعين القارئ على فهم أحكام الإدغام، والإخفاء، والتفخيم، والترقيق.

تنقسم الصفات إلى قسمين رئيسيين:

1.   الصفات اللازمة: صفات ملازمة للحرف لا تنفك عنه مطلقًا، مثل: الاستعلاء، الهمس، الشدة، وهي الصفات المتضادة، والصفات التي لا ضد لها

2.   الصفات العارضة: صفات تطرأ على الحرف في مواضع معينة، مثل: التفخيم والترقيق، الإدغام، الإخفاء، المد.

اختلف العلماء في عدد الصفات اللازمة، وأشهر الأقوال أنها سبعة عشر صفة، وهو ما اعتمده ابن الجزري.

هي صفات تكون في أزواج متقابلة، فلا يجتمع الضدان في حرف واحد. وكل حرف من حروف الهجاء لا بد أن يتصف بواحدة من كل زوج:

1. الهمس والجهر

• الهمس: جريان النفس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج.
• حروفه: (فحثه شخص سكت).
• مثال قرآني: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يوسف:18].
• الجهر: انحباس النفس لقوة الاعتماد على المخرج.
• حروفه: باقي الحروف غير المهموسة.
• مثال: {قَالَ رَبِّ} [الأنبياء:4].

2. الشدة والرخاوة والتوسط

• الشدة: انحباس الصوت لقوة الاعتماد. حروفها: (أجد قط بكت).
• الرخاوة: جريان الصوت لضعف الاعتماد. حروفها باقي الحروف
• التوسط (البينية): منزلة بين الشدة والرخاوة. حروفها: (لن عمر).

3. الاستعلاء والاستفال

• الاستعلاء: ارتفاع أقصى  اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف
• حروفه: (خص ضغط قظ).
• الاستفال: انخفاض أقصى  اللسان إلى الحنك الأسفل
• حروفه: باقي الحروف.

4. الإطباق والانفتاح

• الإطباق: التصاق طائفة من اللسان بالحنك الأعلى. حروفه: (ص، ض، ط، ظ).
• الانفتاح: انفتاح ما بين اللسان والحنك.

5. الإذلاق والإصمات

• الإذلاق: خفة في النطق، وحروفه: (فر من لب).
• الإصمات: ثقل في النطق، وبقية الحروف.

وهي صفات مستقلة لا يقابلها ضد، وعدّها العلماء سبع صفات:

1.   القلقلة: اضطراب المخرج عند النطق بالحروف المقلقلة (قطب جد).

2.   الصفير: صوت يشبه صفير الطائر عند النطق بالصاد والسين والزاي.

3.   الانحراف: ميل الحرف عن مخرجه إلى مخرج آخر (اللام والراء).

4.   التكرير: ارتعاد طرف اللسان عند النطق بالراء (يُحذر من المبالغة فيه).

5.   التفشي: انتشار الهواء في الفم عند النطق بالشين.

6.   الاستطالة: امتداد الصوت من أول حافة اللسان إلى آخرها (الضاد).

7.   اللِّين: خروج الواو والياء الساكنتين المفتوح ما قبلهما بسهولة ويسر.

ويضيف بعض العلماء: الغنة (في الميم والنون المشددتين) والخفاء.

لاستخراج صفات أي حرف:

1.   نحدد الصفات المتضادة (في كل مجموعة نختار واحدة).

2.   نعرض الحرف على الصفات التي لا ضد لها، ونثبت ما اتصف به منها.

وبذلك لا يقل أي حرف عن خمس صفات (من المتضادة)، ولا يزيد عن سبع صفات.

. الصفات القوية

مثل: الجهر، الشدة، الاستعلاء، الإطباق، القلقلة، الصفير، الانحراف، التفشي.

2. الصفات الضعيفة

مثل: الهمس، الرخاوة، الاستفال، الانفتاح، اللين، الاخفاء.

3. الصفات المتوسطة

مثل: التوسط، الإصمات، الإذلاق

ويُقسّم بعض العلماء الصفات إلى قوي وضعيف فقط، فيجعلون التوسط مع الضعيف، والإصمات مع القوي.

• تصحيح التلاوة وضبط الأداء.
• تجنّب اللحن الخفي والظاهر.
• إدراك الفروق الدقيقة بين الأصوات القرآنية.
• الارتقاء بالخشوع في الصلاة وتلاوة القرآن الكريم.

إن صفات الحروف في التجويد من أهم أبواب هذا العلم الشريف، بها يُعرف تميز الحروف، ويُحسّن القارئ نطقه، ويضبط أداءه للقرآن الكريم. فالواجب على المسلم العناية بها كما يعتني بالمخارج، لتكون تلاوته صحيحة خالية من التحريف، مصداقًا لقوله تعالى:

﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل:4].