قصة نبي الله داوود وحكمته في الإسلام

تعرف على قصة نبي الله داوود عليه السلام من البداية حتى وفاته: معركته مع جالوت، الزبور، معجزاته في إلانة الحديد، عذوبة صوته، حكمته في القضاء، عبادته وزهده، ودروس عظيمة من سيرته في الإسلام.

قصة نبي الله داوود وحكمته في الإسلام
قصة داوود عليه السلام
  • مقدمة

    يُعدّ نبي الله داوود عليه السلام أحد أعظم أنبياء بني إسرائيل الذين جمع الله لهم بين النبوة والملك، وجعل له من المعجزات ما يثبت صدقه ويُظهر فضله، كما منحه صوتًا عذبًا وكتابًا سماويًا هو الزبور. وقصته تحمل في طياتها دروسًا عظيمة في الإيمان، الصبر، العبادة، والحكمة في القضاء.

  • نسب داوود عليه السلام

    يعود نسب داوود عليه السلام إلى خليل الله إبراهيم، فهو: داوود بن إيشا بن عويد بن باعز بن سلمون بن نحشون بن عويناذب بن إرم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل. وقد ورد ذكره في مواضع عدة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى:

    ﴿وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ﴾ [البقرة: 251].

  • داوود من راعي الغنم إلى ملك ونبي

    نشأ داوود عليه السلام في بيت لحم، وكان شابًا بسيطًا يرعى الغنم، قصير القامة، أزرق العينين، قليل الشعر، طاهر القلب، نقي السريرة. وقد هيأه الله برسالة عظيمة ليكون نبيًا وملكًا لبني إسرائيل.

  • معركة داوود وجالوت

    أشهر محطات حياته كانت معركة جالوت، حيث اصطف جيش بني إسرائيل بقيادة طالوت لمواجهة جالوت وجنوده. ولم يجرؤ أحد على مواجهة العملاق جالوت إلا داوود الشاب، الذي حمل مقلاعه البسيط متوكلاً على الله. فأصاب جالوت بحجر في جبهته فسقط صريعًا، وبذلك كتب الله النصر لبني إسرائيل.

    بعد هذا النصر المبين، أحبّ الناس داوود، وزوّجه الملك طالوت من ابنته، ليبدأ بعدها رحلته نحو الملك والنبوة.

  • ملك داوود عليه السلام

    بعد وفاة طالوت، ورث داوود الملك، فجمع الله له بين الحكم والنبوة، وهو أول من جمع له ذلك من أنبياء بني إسرائيل. كان ملكًا عادلاً، وقاضيًا حكيمًا، وقد بعثه الله ليدعو قومه إلى توحيده، وأوحى إليه الزبور، وهو كتاب مليء بالحكمة والتسبيح.

  • معجزات داوود عليه السلام

    1. عذوبة صوته

    كان الله قد وهبه صوتًا شجيًا مؤثرًا، حتى أن الجبال والطير كانت تُسبح معه إذا تلا الزبور، قال تعالى:

    ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ﴾ [سبأ: 10].

    2. إلانة الحديد

    من أبرز معجزاته أن الله ألان له الحديد، فكان يشكّله بيده دون نار أو مطرقة، ويصنع منه الدروع المتقنة، قال تعالى:

    ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ [سبأ: 10-11].

    3. حكمته في القضاء

    اشتهر بحكمه العادل، ومن قصصه المعروفة قصة الزرع والغنم، حيث حكم أولاً لصاحب الحقل بأغنام خصمه تعويضًا له، لكن ابنه سليمان عليه السلام اقترح أن ينتفع صاحب الحقل بالغنم حتى يعود الزرع كما كان. فأعجب داوود بالحكم ووافق عليه.

  • عبادة داوود وزهده

    كان داوود عليه السلام عابدًا زاهدًا، يصوم يومًا ويفطر يومًا، ويقوم الليل باكيًا متضرعًا لله، وهو ما ورد في حديث النبي ﷺ:

    "أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود" (رواه البخاري ومسلم).

    كما أنه كان لا يأكل إلا من عمل يده، وكان يصنع الدروع ويبيعها ليتقوّت من ثمنها.

  • وفاة داوود عليه السلام

    عاش داوود عليه السلام مئة عام، وكان الله قد كتب له في الأصل ستين عامًا، لكن آدم عليه السلام وهبه أربعين عامًا من عمره. توفي داوود فجأة، وتولى الحكم بعده ابنه سليمان عليه السلام الذي ورث النبوة والملك.

  • الدروس والعبر من قصة داوود عليه السلام

    قصة نبي الله داوود عليه السلام تحمل معاني عميقة للمسلمين:

    ·        أن النصر لا يتحقق بالقوة المادية فقط، بل بالإيمان بالله والثقة في نصره.

    ·        أن الله يرفع من يشاء ولو كان بسيطًا ضعيفًا.

    ·        أن الحاكم العادل قدوة لأمته، وأن الحكم أمانة.

    ·        أن العبادة والذكر هما زاد المؤمن في الدنيا والآخرة.

  • خاتمة

    إن قصة نبي الله داوود عليه السلام ليست مجرد رواية تاريخية، بل هي منهج تربوي وإيماني، تُعلمنا الشجاعة في مواجهة الباطل، والعدل في الحكم، والزهد في الدنيا، والرجوع إلى الله بالتوبة والإنابة. لقد جمع داوود بين الملك والنبوة، فكان مثالًا للقيادة الصالحة التي تجمع بين قوة الإيمان وحكمة القضاء.