حكم تسمية السقط والعقيقة عنه

تعرف على حكم تسمية السقط والعقيقة عنه في الإسلام، وهل تجب الصلاة عليه والعقيقة للجنين بعد الإجهاض قبل أو بعد نفخ الروح؟ قراءة شاملة لأقوال العلماء والفقهاء مع الأدلة الشرعية.

حكم تسمية السقط والعقيقة عنه
حكم تسمية السقط والعقيقة عنه
  • مقدمة

    تتعرض بعض النساء لفقدان الجنين قبل تمام الحمل، ويُعرف ذلك في الفقه الإسلامي بـ السقط. وهنا تثار عدة أسئلة شرعية حول أحكام هذا الجنين: هل يُسمى؟ هل تُشرع له العقيقة؟ وهل يُصلى عليه؟ هذه المسائل اختلف فيها العلماء، ودار حولها نقاش فقهي دقيق، لارتباطها بمسائل نفخ الروح، وأحكام المولود، والعقيقة، والصلاة على الجنين.
    في هذه المقالة، نستعرض آراء الفقهاء في حكم تسمية السقط والعقيقة عنه، مع بيان الأدلة الشرعية والخلافات الفقهية، وذكر الخلاصة العملية التي يحتاجها المسلم في هذه المسألة

  • مفهوم السقط لغة وشرعًا

    • السقط لغةً: هو الولد الذي يسقط من بطن أمه قبل تمامه، سواء أكان ذكرًا أو أنثى، يقال: "أسقطت المرأة" إذا ألقت ولدها قبل أوانه.
    • السقط اصطلاحًا عند الفقهاء: هو الولد الخارج من بطن أمه ميتًا، أو قبل اكتمال خلقه. (انظر: المغني لابن قدامة 2/389، البحر الرائق 1/229).

    والتفريق بين السقط قبل نفخ الروح وبعده مهم؛ لأن الأحكام الشرعية تختلف باختلاف الحال.

  • متى تنفخ الروح في الجنين؟

    أجمع العلماء على أن الروح تُنفخ في الجنين بعد مرور 120 يومًا (أربعة أشهر)، استنادًا إلى الحديث الصحيح:

    قال النبي ﷺ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ...» (رواه البخاري ومسلم).

    وبناءً على ذلك:

    • ما قبل 120 يومًا: لم تنفخ فيه الروح، فلا يُسمى، ولا يُصلى عليه، ولا يُعق عنه.
    • ما بعد 120 يومًا: يعتبر قد نفخت فيه الروح، فتترتب عليه بعض الأحكام الخاصة بالتسمية، والصلاة، والعقيقة.
  • حكم تسمية السقط

    • إذا كان السقط قبل أربعة أشهر: لا يسمى؛ لأنه لم تُنفخ فيه الروح، ولا يأخذ حكم الإنسان الكامل.
    • إذا كان بعد أربعة أشهر: يستحب تسميته؛ لأنه بُعث يوم القيامة ويُعد فرطًا لوالديه، أي شفيعًا لهم، والتسمية هنا من باب تكريمه.

    قال الإمام أحمد رحمه الله: "إذا سقط وقد استبان فيه الخلق صُلي عليه وسمي" (المغني لابن قدامة 2/389).

  • حكم العقيقة عن السقط

    العقيقة سنة مؤكدة عند جمهور العلماء، وقد وردت نصوص كثيرة في مشروعيتها، لكن الخلاف وقع في مسألة العقيقة عن السقط، خاصة بعد نفخ الروح فيه.

    1- المالكية والحنابلة ومقتضى مذهب الحنفية

    • يرون أن العقيقة لا تُشرع عن السقط، ولو بعد نفخ الروح؛ لأن سبب العقيقة هو الولادة والحياة، وهما لم يتحققا.
    • استدلوا بأن العقيقة مرتبطة بحلق شعر المولود يوم السابع، والسقط لم يُولد حيًّا، فلا تُشرع له.

    2- الشافعية

    • ذهبوا إلى استحباب العقيقة عن السقط إذا نُفخت فيه الروح، لأنه سيُبعث يوم القيامة وينتفع بشفاعته لوالديه، فيُشرع أن يُعق عنه.
    • قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى (4/257): "العقيقة إنما تسن عن سقط نُفخت فيه الروح... أما قبل ذلك فلا تسن له عقيقة لأنه جماد لا يبعث".

    3- فتاوى المعاصرين

    • اللجنة الدائمة للإفتاء: أفتت بأن السقط بعد أربعة أشهر يُسمى ويُعق عنه استحبابًا.
    • دار الإفتاء المصرية (2022م): رأت أنه لا تُشرع العقيقة عن السقط ولو بعد نفخ الروح، لكن إن فعل الوالدان ذلك فلهما ثواب الصدقة والعقيقة.
  • هل يُختن السقط؟

    • لا يُختن السقط؛ لأنه ميت، وقد قال ابن تيمية: "لا يختن أحد بعد الموت".
    • وذهب الشافعية إلى أن من مات قبل الختان لا يُختن، لزوال التكليف عنه.
  • خلاصة القول

    1.    التسمية:

    o       قبل 120 يومًا: لا يسمى.

    o       بعد 120 يومًا: يستحب أن يُسمى.

    2.    الصلاة عليه:

    o       قبل 120 يومًا: لا يُصلى عليه.

    o       بعد 120 يومًا: يُغسل ويُصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة.

    3.    العقيقة:

    o       الجمهور (المالكية والحنابلة والحنفية): لا تُشرع.

    o       الشافعية: تستحب إذا نُفخت فيه الروح.

    o       المعاصرون: ذهب بعضهم إلى أنه لا عقيقة عنه، لكن إن فعل الوالدان نالوا ثواب العقيقة والصدقة.

    4.    الختان: لا يُختن السقط بعد موته.

  • الخاتمة

    مسألة تسمية السقط والعقيقة عنه من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين الفقهاء، والراجح أن ما بعد 120 يومًا يأخذ بعض أحكام الأحياء من حيث التسمية والصلاة عليه، أما العقيقة ففيها خلاف قوي، والأمر فيها واسع، فمن عقّ عنه أثيب، ومن ترك فلا حرج عليه. وينبغي للمسلم أن يحتسب عند الله فقد جنينه، ويستبشر بما ورد أن السقط يكون فرطًا لوالديه يشفع لهما يوم القيامة.

    قال رسول الله ﷺ:

    «والذي نفسي بيده، إن السقط ليجرّ أمّه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).