حكم إزالة شعر الوجه للمرأة – دراسة شرعية وطبية متكاملة

تعرف في هذا المقال على حكم إزالة شعر الوجه للنساء، مع بيان أقوال العلماء والتفصيل في الفرق بين النمص المشروع والممنوع، بالإضافة إلى معلومات طبية حول إزالة الشعر بالليزر وأثره على البشرة، وفقًا للضوابط الشرعية والطبية المعاصرة.

حكم إزالة شعر الوجه للمرأة – دراسة شرعية وطبية متكاملة
حكم إزالة شعر الوجه للمرأة
  • مقدمة

    كثير من النساء يتساءلن عن حكم إزالة شعر الوجه، خاصة مع ظهور وسائل التجميل الحديثة وانتشار ظاهرة إزالة الشعر بالخيط أو الليزر أو الحلاوة. ويختلط على البعض الحكم الشرعي، خصوصًا عند ربط إزالة شعر الوجه بحديث "لعن الله النامصة والمتنمصة". وفي هذا المقال نوضح حكم إزالة شعر الوجه للمرأة تفصيليًا، مدعومًا بأقوال العلماء الثقات، والأدلة الشرعية، إلى جانب رأي الأطباء والمتخصصين في الجلدية والتجميل.

  • الأدلة الشرعية المتعلقة بإزالة شعر الوجه

    ورد في الحديث الصحيح الذي رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

    "لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله"
    (رواه البخاري ومسلم)

    وقد فهم العلماء من هذا الحديث تحريم النمص، وهو في اللغة: "إزالة شعر الحاجبين". لكن ما يُستفاد من الحديث يشمل فقط الحاجبين، فهل يدخل باقي شعر الوجه في الحكم؟

    أقوال العلماء في إزالة شعر الوجه:

    1.    الرأي الأول: المنع المطلق
    ذهب بعض العلماء إلى أن كل إزالة لشعر الوجه تدخل في النمص، وبالتالي فهي محرّمة، استنادًا إلى عموم الحديث.

    2.    الرأي الثاني: الجواز بضوابط (وهو الراجح)
    رجّح هذا القول ابن عثيمين واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، واعتبروا أن النمص المقصود به إزالة شعر الحاجبين فقط، وما عدا ذلك فهو مسكوت عنه، وبالتالي الأصل فيه الإباحة، خاصة إن كان فيه تشويه للخلقة أو رغبة في التزين للزوج.

    قال الشيخ ابن عثيمين:

    "شعر الوجه ما عدا الحاجبين من المسكوت عنه، فمن العلماء من قال: يجوز للمرأة أن تزيله، ومنهم من قال لا يجوز، والأقرب الجواز إذا كان كثيرًا أو يشوّه الخلقة، أو تتزين به لزوجها".

    وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة:

    "لا حرج على المرأة في إزالة شعر الشارب والفخذين والساقين والذراعين، وليس هذا من النمص المنهي عنه". (فتاوى اللجنة 5/194)

    دليل آخر من فعل السيدة عائشة رضي الله عنها:

    روى الطبري أن امرأة جاءت إلى السيدة عائشة تسألها عن نتف الشعر من وجهها لتتزين لزوجها، فرخّصت لها، وهذا يدل على أن ما عدا الحاجبين لا يدخل في النمص المحرّم.

  • الحالات التي يجوز فيها إزالة شعر الوجه

    1.    ظهور شعر غير معتاد (كثيف أو داكن):
    كظهور شعر على الشارب أو الذقن أو الخدين بشكل غير معتاد للنساء، ويُسبب حرجًا أو تشويهًا، فيجوز إزالته دون خلاف.

    2.    التزين للزوج:
    إذا رغبت المرأة في إزالة شعر وجهها لتتزين لزوجها دون تغيير لخلق الله، فذلك جائز ولا حرج فيه.

    3.    العلاج من مرض أو اضطراب هرموني:
    إذا كان الشعر الزائد ناتجًا عن حالة طبية مثل تكيس المبايض أو اضطراب الغدد، فإزالته لأسباب علاجية أو نفسية مباح شرعًا.

  • الرأي الطبي في إزالة شعر الوجه

    من الناحية الطبية، إزالة شعر الوجه قد تكون ضرورية أو موصى بها في بعض الحالات، منها:

    • نمو شعر غير مرغوب فيه نتيجة اضطرابات هرمونية.
    • فرط الشعر (Hirsutism) عند النساء والذي يصيب الذقن أو الشارب.
    • آثار نفسية بسبب مظهر الوجه، مما قد يؤثر على الثقة بالنفس والعلاقات الاجتماعية.
    • تحسين نظافة البشرة، حيث إن إزالة الشعر الزائد قد تساعد في تقليل الرؤوس السوداء والالتهابات.

    ويوصي أطباء الجلدية باستخدام وسائل مناسبة حسب نوع البشرة، مثل:

    • الخيط (الفتلة) للبشرة العادية.
    • الليزر للبشرة الحساسة أو من تعاني من شعر كثيف.
    • الحلاوة أو الكريمات مع اختبار الحساسية أولاً.
  • ضوابط شرعية يجب مراعاتها

    1.    عدم التشبه بالرجال أو الفاسقات
    يجب على المرأة أن تحرص على أن تكون نيتها في إزالة شعر الوجه الزينة المشروعة وليس التشبه بغير جنسها أو بالمتبرجات، لأن التشبه المحرم يدخل في دائرة النهي.

    2.    عدم تغيير خلق الله لغير سبب شرعي
    إذا كانت إزالة الشعر تهدف إلى تغيير دائم لخلق الله بلا حاجة، كما في بعض عمليات التجميل، فقد تدخل في مفهوم التغيير المنهي عنه، أما إن كانت لتحسين الهيئة أو إزالة تشوه فلا بأس.

    3.    عدم كشف العورة أمام من لا يجوز
    في حال لجأت المرأة إلى إزالة شعر الوجه في عيادات التجميل، يجب أن تراعي أن من يقوم بذلك امرأة ثقة، وألا تنكشف على رجل أجنبي، لأن ذلك حرام شرعًا إلا في حالات الضرورة.

    4.    عدم إلحاق الضرر بالنفس
    قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    "لا ضرر ولا ضرار" (رواه ابن ماجه)
    لذا فإن استخدام أدوات أو مواد تسبب التهابات أو حساسية أو تترك آثارًا على الوجه يجب تجنبه، ويُنصح باستشارة طبيبة جلدية قبل أي إجراء.

  • الفرق بين النمص وإزالة شعر الوجه

    من المهم التفريق بين ما ورد في الحديث من النمص، وبين إزالة سائر شعر الوجه:

    النوع

    الحكم الشرعي

    التعليل

    إزالة شعر الحاجبين (النمص)

    محرم للزينة

    لأنه وارد في النص النبوي بلعن الفاعلة

    إزالة شعر الوجه (الذقن، الشارب، الخدود)

    جائز في الأصل

    لأنه غير داخل في النمص، بل قد يكون من النظافة والزينة المباحة

    إزالة الشعر لأجل العلاج

    مباح بل قد يكون مستحبًا

    لدفع الضرر وتحقيق مصلحة بدنية أو نفسية

    إزالة الشعر بشكل دائم (كالليزر)

    جائز إن لم يغير خلق الله

    ما دام لا يضر الجسم ولا يخل بالحياة الزوجية أو الشرعية

  • حكم إزالة شعر الوجه بالليزر

    إزالة شعر الوجه بالليزر جائزة شرعًا إذا خلت من المحاذير الشرعية، فهي لا تدخل في باب النمص المحرم ما دامت لا تشمل إزالة شعر الحاجبين. وقد أجاز العلماء استخدام الوسائل الحديثة كـ"الليزر" لإزالة الشعر الزائد إذا كان ذلك لأجل النظافة، أو الزينة المشروعة، أو التخفيف من كثافة الشعر المؤذي، بشرط ألا يكون فيه ضرر طبي أو كشف للعورة أمام غير المختصات.

    كما أن الليزر يعد من الوسائل غير الدائمة بشكل قاطع في معظم الحالات، ولا يعد من تغيير خلق الله إذا كان القصد منه إزالة ما يُنفّر أو يُشوه.
    قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "إزالة الشعر الذي في وجه المرأة ما عدا الحاجبين لا بأس به إذا كان كثيرًا يُشوّه وجهها" (فتاوى نور على الدرب).
    وبذلك يُستحب استشارة طبيبة جلدية لتحديد الحاجة والوسيلة الآمنة لذلك، مع مراعاة الضوابط الشرعية في كشف الوجه أمام الطبيبات عند الضرورة فقط.

  • نصائح طبية لإزالة شعر الوجه بطريقة آمنة

    • استشارة طبيبة جلدية قبل الخضوع لأي جلسات ليزر أو تقنيات حديثة.
    • تجنب إزالة الشعر خلال فترات الحيض أو الاضطرابات الهرمونية، حيث يكون الجلد أكثر حساسية.
    • تجربة المنتج على منطقة صغيرة من الجلد أولاً في حالة الكريمات.
    • استخدام زيوت مهدئة بعد إزالة الشعر مثل زيت اللافندر أو زيت شجرة الشاي.
    • عدم مشاركة أدوات إزالة الشعر مع الغير لتجنب انتقال العدوى الجلدية.
  • خاتمة

    يتضح مما سبق أن إزالة شعر الوجه للمرأة لا تدخل في النمص المحرم إلا في حال التعرض للحاجبين، أما غير ذلك فهو جائز شرعًا، خاصة إذا كان فيه إزالة لتشويه أو تزين للزوج أو راحة نفسية. كما أن الطب الحديث يدعم هذه الإزالة في حالات كثيرة.

    فينبغي للمرأة أن توازن بين الضوابط الشرعية والنصائح الطبية لتصل إلى الخيار الصحيح الذي يحقق لها الراحة النفسية ويرضي الله عز وجل.