حكم إلقاء بقايا الطعام والشراب في المجاري والقمامة
تعرف على الحكم الشرعي لإلقاء بقايا الطعام والشراب في المجاري أو القمامة، مع أقوال اللجنة الدائمة وابن باز والفوزان وابن عثيمين، والضوابط الشرعية لحفظ النعمة ومنع الإسراف.

-
مقدمة
حفظ النعم من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية، وقد أمر الله تعالى بشكرها ونهى عن إضاعتها أو امتهانها، فقال:
﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31].ومع تزايد النفايات الغذائية اليوم، يكثر التساؤل عن حكم الشرع في إلقاء بقايا الأطعمة والأشربة في مجاري المياه أو صناديق القمامة، وما الضوابط التي وضعها الفقهاء والعلماء في هذا الباب.
-
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
ورد في فتاوى اللجنة الدائمة (22/341):
"يجب حفظ الطعام الباقي للمرة الثانية، أو إطعامه المحتاجين، فإن لم يوجدوا فالحيوانات، ولو بعد تجفيفه لمن يتيسر له ذلك".
وهذا النص الفقهي يبين أن إهدار الطعام الصالح يُعد مخالفة، وأن الأولى الاستفادة منه بجميع الوسائل الممكنة، قبل التفكير في التخلص منه.
-
قول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
جاء في فتاوى إسلامية (3/633):
"أما الخبز واللحوم وأنواع الأطعمة فلا يجوز طرحها في البيارات، بل يجب دفعها إلى من يحتاج إليها، أو وضعها في مكان بارز لا يُمتهن، رجاء أن يأخذها من يحتاجها إلى دوابه أو يأكلها بعض الدواب والطيور.
ولا يجوز وضعها في القمامة ولا في المواضع القذرة ولا في الطريق؛ لما في ذلك من الامتهان لها، ولما في وضعها في الطريق من الامتهان وإيذاء من يسلك الطريق".يتضح من كلامه أن الأطعمة الصالحة لا يجوز أن تُلقى في المجاري أو القمامة، بل تصان ويُنتفع بها بطرق متعددة.
-
قول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله
قال في المنتقى من فتاوى الفوزان (11/63):
"لا يجوز إلقاء شيء من الطعام في المحلات القذرة والمحلات النجسة كالحمامات؛ لأن هذا فيه إهدار وإساءة إلى النعمة وعدم شكر الله.
وقد وجد النبي صلى الله عليه وسلم تمرة في الطريق، وقال: (لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة؛ لأكلتها) رواه البخاري.
وأمر صلى الله عليه وسلم الآكل بلعق أصابعه قبل أن يغسلها أو يمسحها بالمنديل، وأمر بأخذ اللقمة إذا سقطت وإماطة ما عليها وأكلها.
فدل هذا على أنه لا يجوز إلقاء شيء من الطعام أو من التمر أو من المأكولات في المحلات القذرة والنجسة، بل النعم تصان وتحترم ويحتفظ بها؛ لأن ذلك من شكرها؛ ولأن هذه النعم ربما يأتي من يحتاجها ويأكلها، ولو من البهائم؛ فإلقاؤها في المزابل لا يجوز -
فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
جاء في فتاوى نور على الدرب (6/205):
"أما ما لا يُؤكل فلا بأس كقشور البرتقال والتفاح والموز وما أشبه ذلك؛ لأن هذا لا حرمة له في نفسه.
وأما ما يُؤكل كبقايا الخبز والإدام وشبهه فإنه لا يُلقى في الأماكن القذرة، وإذا كان لا بد أن يُلقى في الزبالة فليُجعل له كيس خاص يوضع فيه حتى يعرف المنظفون أنه محترم".وهذا يوضح التفريق بين ما هو طعام محترم صالح للأكل، فلا يُلقى في النجاسات، وبين ما هو بقايا لا حرمة لها، فيجوز التخلص منها.
-
حكم بقايا الأشربة والأطعمة الفاسدة
الأطعمة الفاسدة أو المشروبات المنتهية الصلاحية مثل اللبن الفاسد أو بقايا الشاي والقهوة، لا حرمة لها شرعاً، ويجوز رميها في القمامة أو مجاري المياه.
وقد جاء في بعض الفتاوى:"فإذا كانت بقايا الشاي أو غيرها من المطعوم والمشروب لا تصلح للاستعمال ولا يمكن الاستفادة منها، فلا مانع شرعاً من التخلص منها ورميها في أي مكان مخصص لرمي القمامة؛ لأنها فقدت قيمتها فلا احترام لها حينئذ."
-
ضوابط شرعية للتعامل مع بقايا الطعام والشراب
1. اجتناب الإسراف ابتداءً: فلا يُعد طعام فوق الحاجة.
2. حفظ الطعام الصالح: بإعادة استخدامه أو توزيعه.
3. إفادة الحيوانات والطيور: إذا لم يوجد محتاج من البشر.
4. التفريق بين الصالح والفاسد: فالصالح لا يُلقى مع القاذورات، بينما الفاسد يجوز التخلص منه.
5. إكرام النعمة: بوضعها في مكان لا يمتهنها.
-
الخاتمة
يتبين من مجموع النصوص الفقهية أن:
- الطعام الصالح للأكل: لا يجوز رميه في القاذورات أو المجاري أو القمامة، بل يجب الاستفادة منه أو حفظه أو إعطاؤه للحيوانات والطيور.
- المشروبات والأطعمة الفاسدة: يجوز التخلص منها في القمامة أو المجاري لعدم صلاحيتها.
- على المسلم أن يوازن بين شكر النعمة واجتناب الإسراف، اقتداءً بقوله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: 67].
- الطعام الصالح للأكل: لا يجوز رميه في القاذورات أو المجاري أو القمامة، بل يجب الاستفادة منه أو حفظه أو إعطاؤه للحيوانات والطيور.