كيفية الغسل الصحيح من الجنابة والحيض والنفاس وفق السنة النبوية
تعرف في هذا المقال على الطريقة الصحيحة للغسل من الجنابة والحيض والنفاس كما وردت في السنة النبوية، مع بيان الفرق بين الغسل الكامل والغسل المجزئ، وتفصيل معنى "ثلاث حثيات" وحكم نقض الشعر، كل ذلك بأسلوب واضح ومبسط ومدعوم بالأدلة الشرعية.

-
مقدمة
الغسل من الجنابة أو الحيض أو النفاس عبادة عظيمة تتعلق بطهارة المسلم، وهو شرط لصحة بعض العبادات كالصلاة والطواف. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم صفة الغسل الصحيحة في عدة أحاديث، وفي هذا المقال نشرح بالتفصيل كيفية الغسل الموافق للسنة، ونوضح معاني بعض الألفاظ الواردة في السنة كـ"ثلاث حثيات"، ونتناول مسألة نقض الشعر للنساء، ونتعرف على الفرق بين الغسل الكامل والغسل المجزئ، بما يعين المسلم والمسلمة على أداء الغسل على الوجه المشروع دون وسوسة أو مشقة.
-
أنواع الغسل
1. الغسل الكامل الموافق للسنة (وهو الأفضل):
ويبدأ المسلم بنية الغسل في قلبه، ثم:
- يغسل كفيه ثلاث مرات.
- يغسل فرجه بيده اليسرى، ثم ينظف يده.
- يتوضأ وضوءًا كاملاً كما يتوضأ للصلاة، ويؤخر غسل القدمين إلى آخر الغسل.
- يخلل أصول شعر الرأس بالماء، ثم يغسله ثلاث مرات.
- يغسل جميع بدنه مبتدئًا بالشق الأيمن، ثم الأيسر، مع إيصال الماء إلى معاطف البدن وما خفي منه.
- يختم بغسل قدميه إذا كان أخرهما.
هذا هو الغسل الأكمل، ويشمل جميع السنن الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2. الغسل المجزئ (الواجب):
ويتحقق بمجرد:
- النية في القلب.
- غسل البدن كاملًا بالماء، مع تعميمه لجميع الجسد، ويُضم إليه المضمضة والاستنشاق.
- يغسل كفيه ثلاث مرات.
-
تفصيل بعض المسائل المهمة
1. معنى "ثلاث حثيات" على الرأس
جاء في حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت:
يا رسول الله، إني امرأة أشد شعر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال:
"إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضي عليك الماء فتطهرين."
(رواه مسلم)ومعنى الحثيات:
الحَثْيَة هي ملء الكفين من الماء، فتأخذ المرأة الماء بكفيها وتُفرغه على رأسها، وتكرر ذلك ثلاث مرات. وهذا يُغني عن نقض الشعر إذا وصل الماء إلى أصول الشعر، فيُكفى تعميمه بالماء ولا يلزم فركه أو غسله خصلة خصلة.2. حكم نقض الشعر للغسل
للغسل من الجنابة:
لا يُشترط نقض الشعر، لما ثبت في حديث أم سلمة رضي الله عنها، والنبي صلى الله عليه وسلم أقرها على عدم النقض. والشرط فقط هو وصول الماء إلى أصول الشعر وفروة الرأس.
للغسل من الحيض والنفاس:
يستحب فيه نقض الشعر، خاصة إذا كان كثيفًا أو مضفورًا، لأن مدة الحيض والنفاس تطول، وورد في بعض الأحاديث الأمر بـ"نقضي رأسك"، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
قال العلماء:
- نقض الشعر في الغسل من الجنابة غير واجب.
- وفي الغسل من الحيض والنفاس مستحب، وليس بواجب، ويجوز أن يُمر الماء على الشعر دون نقض إذا تحقق تعميمه.
- نقض الشعر في الغسل من الجنابة غير واجب.
-
ما يجب تعميمه بالماء
من المهم إيصال الماء إلى جميع الجسد، ومنه:
- ما بين الأليتين.
- باطن السرة.
- خلف الأذنين.
- الإبطين.
- تحت الركبتين.
- ما بين أصابع اليدين والرجلين.
- جميع جلد الرأس وما عليه من شعر.
وقد نقل ابن قدامة في المغني أن من تيقن أو غلب على ظنه وصول الماء إلى سائر جسده فقد أجزأه، ولا يشترط الدلك عند الجمهور.
- ما بين الأليتين.
-
الغسل في العصر الحديث (تحت الدش)
يجوز للمرء أن يغتسل تحت "الدش"، فيغمر بدنه بالماء، ويبدأ بالاستنجاء وغسل الفرج، ثم يتوضأ، ثم يُعمّم بدنه بالماء، ويغسل رأسه، وبهذا يكون قد أدى الغسل كاملاً.
ولا يلزم له فصل كل عضو أو مغسلة مستقلة، بل يكفي جريان الماء على الجسد مع غلبة الظن بوصوله لجميع الأعضاء. -
الغسل يجزئ عن الوضوء
إذا نوى الشخص الغسل من الحدث الأكبر (كغسل الجنابة أو الحيض) وعمم جسده بالماء، فإنه يُجزئه عن الوضوء ولا حاجة لأن يتوضأ بعده، ما لم يُحدث أثناء الغسل.
-
التنبيهات المهمة
- لا يشترط أن يكون الماء كثيرًا، وإنما المهم تعميم البدن.
- لا يُشترط ترتيب معين، لكن البدء بالشق الأيمن سنة.
- لا حرج في الصلاة بالملابس التي حصل فيها الجماع، ما دامت طاهرة.
- الوسوسة في الغسل من الشيطان، والعبرة بغلبة الظن لا باليقين الموهوم.
- لا يشترط أن يكون الماء كثيرًا، وإنما المهم تعميم البدن.
-
الخاتمة
الغسل عبادة عظيمة تطهر بها الأبدان والقلوب، واتباع السنة فيها دليل على محبة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به. فلا حاجة للتشديد أو الوسوسة، بل يُكتفى بما جاءت به النصوص، واليسر والسهولة سمة هذا الدين.
قال تعالى:
“وما جعل عليكم في الدين من حرج” [الحج: 78].