حكم الفحص الداخلي للمرأة وأثره على الطهارة والصيام
تعرفي على الحكم الشرعي للفحص الداخلي للمرأة أثناء الصيام أو خارجه، وهل يوجب الغسل أو الوضوء، وهل يُفطر الصائمة، مع عرض آراء المذاهب الفقهية والأدلة الشرعية والنصائح العملية.

-
مقدمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
تتعرض بعض النساء لضرورة إجراء فحص داخلي للفرج، سواء كان ذلك لأغراض علاجية أو تشخيصية، الأمر الذي يثير تساؤلات حول أثر هذا الفحص على الطهارة والصيام، وهل يُوجب الغسل أو الوضوء، وهل يُفطر الصائم أم لا؟
هذه المسألة لها أهمية خاصة؛ إذ تجمع بين جانب فقهي دقيق يتعلق بفقه الطهارة والصيام، وجانب عملي يمس حياة النساء في واقعهن الطبي. -
أثر الفحص الداخلي على الغسل
1. القاعدة الفقهية
أحكام نواقض الوضوء والغسل من المسائل التوقيفية، أي أنها لا تثبت إلا بدليل شرعي من كتاب أو سنة أو إجماع.
وعليه، فإن مجرد إدخال أداة طبية أو أصبع الطبيبة في فرج المرأة لا يوجب الغسل، ما لم يخرج من المخرج ما يوجب ذلك.2. حالات يترتب عليها الغسل
- إذا خرج منيّ من المرأة نتيجة الفحص، فقد وجب عليها غسل الجنابة، لقوله ﷺ:
"إنما الماء من الماء" (رواه مسلم).
- إذا خرج دم الحيض متصلاً بعادتها، وجب الغسل لرفع حدث الحيض.
3. حالات لا توجب الغسل
- إذا لم يخرج أي شيء من المخرج.
- إذا خرج دم يسير أو إفرازات طبيعية أو دم فساد (استحاضة)، فهنا يكتفى بالوضوء والاستنجاء فقط.
- إذا خرج منيّ من المرأة نتيجة الفحص، فقد وجب عليها غسل الجنابة، لقوله ﷺ:
-
أثر الفحص الداخلي على الصيام
. اختلاف المذاهب الفقهية
اختلف الفقهاء في حكم إدخال شيء في فرج المرأة أثناء الصيام، وتفصيلهم كالآتي:
- الحنفية: إذا أدخلت المرأة شيئاً بحيث لا يبقى منه جزء في الخارج، أو بقي لكن الطرف الداخل كان مبلولاً قبل الدخول، فإنها تفطر بذلك.
- المالكية: تُفطر إذا كان الداخل مائعاً لا جامداً.
- الشافعية: تُفطر مطلقاً، سواء كان الداخل مائعاً أو جامداً.
- الحنابلة: كالشافعية، يفطر إدخال أي شيء في الفرج.
- الظاهرية وبعض المالكية ورأي ابن تيمية: لا يُفطر ذلك مطلقاً، لعدم وجود نص صريح.
2. الرأي الراجح
الأقرب إلى الصواب هو ما ذهب إليه جمهور العلماء (الشافعية والحنابلة) من أن إدخال أي جسم غريب إلى الفرج يفطر الصائمة، احتياطاً للعبادة.
3. النصيحة العملية
- الأفضل: جدولة الفحص في الليل، بعد الإفطار.
- إن اضطرت المرأة إلى الفحص نهاراً، فالأحوط أن تُكمل يومها ثم تقضي هذا اليوم لاحقاً.
- الحنفية: إذا أدخلت المرأة شيئاً بحيث لا يبقى منه جزء في الخارج، أو بقي لكن الطرف الداخل كان مبلولاً قبل الدخول، فإنها تفطر بذلك.
-
حكم الدم أو الإفرازات الخارجة بعد الفحص
- إذا كان الدم دم فساد (استحاضة)، فلا يؤثر على صحة الصيام.
- إذا كان الدم دم حيض، فهذا يعني بدء الحيض، فيبطل الصيام ويجب الغسل.
- الإفرازات الطبيعية أو الناتجة عن الفحص لا تُفطر ولا توجب الغسل، وإنما يلزم الاستنجاء والوضوء.
- إذا كان الدم دم فساد (استحاضة)، فلا يؤثر على صحة الصيام.
-
الضوابط الشرعية في إجراء الفحص
ينبغي الالتزام بالترتيب الشرعي في اختيار من يقوم بالفحص:
1. طبيبة مسلمة.
2. طبيبة كتابية (مسيحية أو يهودية) عند عدم وجود المسلمة.
3. طبيب مسلم عند عدم وجود النساء الطبيبات.
4. طبيب كتابي عند الضرورة القصوى.
والأصل أن تُجري المرأة الفحص عند الطبيبة، وأن تتجنب كشف العورة أمام الرجال إلا عند الضرورة الملحّة، لقوله ﷺ:
"لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة" (رواه مسلم).
-
ملخص الاحكام
الحالة
حكم الغسل
حكم الصيام
لا خروج لأي شيء بعد الفحص
لا يلزم الغسل
لا يفطر
خروج إفرازات أو دم استحاضة
وضوء واستنجاء فقط
لا يفطر
خروج دم حيض
يجب الغسل
يبطل الصيام
إدخال أي أداة أو إصبع أثناء الصوم
لا يلزم الغسل
يفطر عند جمهور العلماء
-
الخلاصة
الفحص الداخلي للمرأة لا يوجب الغسل إلا إذا خرج منيّ أو دم حيض، لكنه في الغالب مفسد للصيام عند جمهور الفقهاء إذا تم نهاراً، لذا يوصى بإجرائه ليلاً إن أمكن. أما الإفرازات أو دم الفساد فلا يوجبان الغسل ولا يبطلان الصيام.
والمسلمة مطالبة بالموازنة بين الضرورة الطبية والمحافظة على عبادتها، مع الالتزام بضوابط الشريعة في كشف العورة.