معنى حديث "ناقصات عقل ودين" شرح صحيح ودلالة علمية وفقهية
تعرف على التفسير الصحيح لحديث "ناقصات عقل ودين" كما ورد في صحيح البخاري، مع توضيح أقوال العلماء، وربط ذلك بالمعطيات العلمية الحديثة حول الفرق بين دماغ المرأة والرجل، ومكانة المرأة في الإسلام.

-
مقدمة
من أكثر الأحاديث النبوية التي أسيء فهمها وتداولها بغير علم، حديث النبي ﷺ عن النساء:
«ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن».وقد استغل البعض هذا النص لتصوير المرأة وكأنها كائن ضعيف أو أقل شأنًا من الرجل، وهو طرح يتنافى مع حقيقة الإسلام الذي جاء ليكرّم المرأة، ويجعلها شقيقة الرجل في التكليف والمسؤولية.
وفي هذه المقالة، سنعرض النص النبوي الصحيح، التفسير الفقهي الموثوق، وأبرز أقوال العلماء، ثم نربط ذلك بالمعطيات العلمية الحديثة حول اختلاف دماغ المرأة والرجل، لنصل إلى الفهم الصحيح الذي يجمع بين الشرع والعلم.
-
نص الحديث الشريف كما ورد في البخاري
روى الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
"خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمرّ على النساء، فقال: «يا معشر النساء تصدّقن فإني أُريتكن أكثر أهل النار»، فقلن: وبِمَ يا رسول الله؟ قال: «تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن». قلن: وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله؟ قال: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟» قلن: بلى. قال: «فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟» قلن: بلى. قال: «فذلك من نقصان دينها»." (البخاري رقم 304).
-
معنى نقصان الدين عند المرأة
بيّن النبي ﷺ أن نقصان الدين عند المرأة لا يعني ضعف تدينها أو قلة ثوابها، بل هو متعلق بالتكاليف الشرعية:
- المرأة إذا حاضت أو نفست سقطت عنها الصلاة أداءً وقضاءً، وسقط عنها الصيام أداءً فقط، ثم تقضيه بعد ذلك.
- هذا السقوط ليس عجزًا منها أو قصورًا، وإنما هو تشريع رحيم من الله عز وجل مراعاة لطبيعتها الجسدية.
- النقص هنا نسبي مقارنة بالرجل، لكنه لا ينقص من إيمانها ولا من منزلتها عند الله.
يقول الإمام النووي: "نقص الدين قد يكون على وجه لا إثم فيه، كترك الحائض الصلاة والصوم"، وهو نقص تكليف لا نقص قيمة.
- المرأة إذا حاضت أو نفست سقطت عنها الصلاة أداءً وقضاءً، وسقط عنها الصيام أداءً فقط، ثم تقضيه بعد ذلك.
-
معنى نقصان العقل عند المرأة
النقص في العقل ليس معناه ضعف التفكير أو غياب الحكمة، وإنما هو نقص نسبي في مجال محدد:
- الشهادة المالية، حيث جعل الإسلام شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد، كما في قوله تعالى:
﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ … أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ [البقرة: 282]. - السبب في ذلك أن المرأة لم تكن -غالبًا- تمارس الأعمال التجارية أو المالية بشكل مباشر، بحكم دورها الأسري والاجتماعي، مما يجعلها أقل خبرة في هذا المجال.
- النقص إذن ليس عامًا في جميع شؤونها، بل مرتبط بمجال محدد، تمامًا كما أن الرجل قد لا تُقبل شهادته في بعض القضايا النسائية الخاصة (مثل الرضاعة والولادة).
- الشهادة المالية، حيث جعل الإسلام شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد، كما في قوله تعالى:
-
تكامل العقل والعاطفة بين الرجل والمرأة
الإسلام لا يصف المرأة بضعف مطلق، بل يقر بأن العاطفة تغلب على عقلها في بعض المواقف، وهذا ليس نقصًا، بل هو كمال في مهمتها الاجتماعية.
- عاطفة الأمومة مثلًا لو لم تغلب عقل المرأة، لما صبرت على السهر والتربية ورعاية الأبناء.
- وفي المقابل، يغلب على الرجل جانب العقل والمنطق، مما يجعله أكثر تركيزًا على القيادة والتدبير.
- بهذا تتكامل الأدوار: عقل الرجل + عاطفة المرأة = أسرة متوازنة ومجتمع متماسك.
- عاطفة الأمومة مثلًا لو لم تغلب عقل المرأة، لما صبرت على السهر والتربية ورعاية الأبناء.
-
البعد العلمي – الفرق بين دماغ المرأة ودماغ الرجل
أثبتت دراسات علم الأعصاب أن هناك فروقًا حقيقية بين دماغ المرأة ودماغ الرجل، وهي فروق وظيفية لا قيمية:
1. تعدد المهام (Multitasking):
o دماغ المرأة يمتاز بكثرة الوصلات العصبية بين نصفي الدماغ (الأيسر والأيمن).
o هذه التركيبة تجعلها أكثر قدرة على القيام بعدة مهام في آن واحد، مثل متابعة الأطفال، تجهيز الطعام، والتواصل الاجتماعي.
2. التركيز العميق (Deep Focus):
o دماغ الرجل يعمل غالبًا عبر نصف دماغ واحد أثناء أداء مهمة محددة.
o هذا يجعله أكثر قدرة على التركيز العميق في عمل واحد، لكنه أقل كفاءة في توزيع الانتباه.
3. العاطفة والذاكرة الشعورية:
o المرأة تتميز بفعالية أكبر في منطقتي اللوزة الدماغية (Amygdala) والحُصين (Hippocampus)، ما يجعلها أكثر حساسية للمشاعر والذكريات العاطفية.
4. التفكير المكاني والقدرة البصرية:
o الرجل غالبًا يتفوق في المهام التي تتطلب التفكير المكاني (كالقيادة واستخدام الخرائط) بسبب نشاط أكبر في الفص الجداري.
هذه الفروق العلمية تؤكد أن كلًّا من الرجل والمرأة مجهّز بقدرات تكمل الآخر، وليست هناك أفضلية مطلقة لأحدهما، بل تنوع في الإمكانات.
-
مكانة المرأة في الإسلام – شواهد قرآنية ونبوية
لكي نفهم الحديث بشكل صحيح، لا بد أن ننظر إلى النصوص الأخرى:
- قال ﷺ: «إنما النساء شقائق الرجال» (رواه أحمد).
- قدّم النبي ﷺ الأم على الأب في البر ثلاث مرات: «أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك».
- جعل الإسلام الجنة تحت أقدام الأمهات.
- نص القرآن على أن المعيار الحقيقي للفضل هو التقوى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13].
- قال ﷺ: «إنما النساء شقائق الرجال» (رواه أحمد).
-
الرد على الشبهات المعاصرة
1. الحديث ليس ذمًا للمرأة: بل وصف لحالة خاصة، مع بقاء تكريمها ومساواتها في التكليف والثواب.
2. الإسلام لم ينتقص من المرأة: بدليل أن النساء في صدر الإسلام كن عالمات، راويات للحديث، ومربيات للأجيال.
3. النقص نسبي وليس مطلقًا: فكم من امرأة فاقت كثيرًا من الرجال في عقلها ودينها وقيادتها.
-
خاتمة
إن حديث «ناقصات عقل ودين» لا يصح أن يُفهم على أنه إهانة للمرأة، بل هو وصف جزئي لحالات محددة:
- نقصان الدين بسبب إسقاط بعض العبادات عنها رحمةً بها.
- نقصان العقل في باب الشهادة المالية فقط، وليس في جميع شؤون الحياة.
والعلم الحديث اليوم يؤكد أن المرأة تتمتع بقدرات عقلية وعاطفية فريدة تؤهلها لأدوار أساسية لا يمكن للرجل القيام بها. وهكذا يظهر التكامل بين النص الشرعي الصحيح والمعطيات العلمية الحديثة، في انسجام بديع يثبت أن الإسلام دين يكرم المرأة ويرفع مكانته
- نقصان الدين بسبب إسقاط بعض العبادات عنها رحمةً بها.