لماذا النساء أكثر أهل النار – دراسة شرعية

توضيح الأحاديث الصحيحة التي وردت في بيان أن النساء أكثر أهل النار، مع شرح المعنى الصحيح لها، وبيان علاقتها بالنساء المؤمنات والكافرات، والحكمة من ورودها، والنصائح الشرعية للنجاة من النار والفوز بالجنة.

لماذا النساء أكثر أهل النار – دراسة شرعية
لماذا النساء أكثر أهل النار – دراسة شرعية
  • مقدمة

    من الأحاديث النبوية التي أثارت تساؤلات كثيرة عند الناس حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "اطَّلَعْتُ في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء" (رواه البخاري ومسلم).
    وقد يُفهم من هذا الحديث أن النساء قليلات في الجنة أو أن أغلبهن لا ينجون من النار، وهو ما جعل بعض الناس يتساءلون: هل هذا الحديث موجه للمؤمنات فقط؟ وهل يدخل فيه النساء الكافرات؟ وما الحكمة من هذا البيان النبوي؟

    في هذا المقال سنعرض الأحاديث الصحيحة، ثم نحللها بعمق، مع بيان مقاصدها الشرعية، ونسلط الضوء على ما ورد في ذلك من أقوال أهل العلم، ليتضح المراد بعيدًا عن المفاهيم الخاطئة.

  • الأحاديث الصحيحة في هذا الباب

    1.    حديث ابن عباس رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
    "
    أُرِيتُ النار فلم أر منظراً كاليوم قط أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء"، قيل: لم يا رسول الله؟ قال: "بكفرهن"، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط" (رواه البخاري).

    2.    حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء يوم العيد:
    "
    تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار"، فقلن: لمَ يا رسول الله؟ قال: "تكثرن اللعن وتكفرن العشير" (رواه البخاري ومسلم).

    3.    حديث عمران بن حصين رضي الله عنه:
    "
    اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء" (رواه البخاري ومسلم).

    هذه النصوص ثابتة وصحيحة، ولا خلاف عند أهل العلم في صحتها.

  • معنى (أكثر أهل النار النساء)

    المراد من هذه النصوص ليس التعميم المطلق بأن جميع النساء في النار، وإنما المقصود: غلبة صفات معينة بين النساء، مثل:

    • كثرة كفران العشير (جحود فضل الزوج).
    • كثرة الشكوى والتسخط.
    • الإكثار من اللعن والدعاء على الآخرين.

    ولهذا جاء الحديث بصيغة التحذير، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بالصدقة، أي: أرشدهن إلى العمل الصالح الذي يكون سببًا لنجاتهن.

    إذن: الحديث ليس تقريرًا لقدَر حتمي، وإنما هو تنبيه على خطورة بعض السلوكيات الشائعة، وتحفيز للنساء للنجاة بأعمالهن الصالحة.

  • هل النساء أقل في الجنة؟

    ورد في بعض الأحاديث الضعيفة ما يشير إلى أن النساء أقل أهل الجنة، مثل حديث: "إن من يدخل الجنة من النساء مثل الغراب الأعصم"، وهو حديث ضعيف لا يصح نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم.
    بينما ثبت في القرآن الكريم والسنة أن المؤمنين والمؤمنات جميعًا موعودون بالجنة إن هم آمنوا وعملوا الصالحات. قال الله تعالى:

    ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ... أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35].

    فالموازنة واضحة:

    • النساء قد يكثرن في النار بسبب صفات وسلوكيات معينة.
    • لكن النساء المؤمنات الصادقات لهن نصيب عظيم في الجنة، وقد جاء في الحديث: "إن أدنى أهل الجنة منزلةً له مثل الدنيا وعشرة أمثالها" (رواه مسلم)، فكيف بالمرأة المؤمنة التي تصبر وتعبد الله وتطيع ربها وزوجها بالمعروف؟
  • هل يدخل في الحديث النساء الكافرات فقط؟

    الجواب: لا.
    النبي صلى الله عليه وسلم كان يخاطب نساء المسلمين، وأمرهن بالصدقة حتى يتقين النار.
    أما النساء الكافرات فحكمهن أوضح، إذ أنهن مخلدات في النار بنصوص القرآن الكريم، مثل قوله تعالى:

    ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [البينة: 6].

    إذن فالمقصود بالحديث: المؤمنات اللاتي قد يقعن في هذه الذنوب، وليس الكافرات فقط.

  • الحكمة من تخصيص النساء بهذا التحذير

    1.   كثرة الابتلاء بالعاطفة والانفعال: وهذا قد يدفع إلى كثرة الشكوى والتسخط.

    2.   الانشغال بالزينة والدنيا: وقد يكون سببًا في الغفلة عن الطاعة.

    3.   كثرة الاختلاط في البيوت والأسر: مما يؤدي إلى كثرة الكلام والغيبة واللعن.

    4.   رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء: إذ لم يذكر ذلك للتقنيط، بل للتحذير والإنقاذ، ولهذا أرشدهن إلى الصدقة والعمل الصالح.

  • توجيهات عملية للنساء للنجاة من النار

    • المحافظة على الصلاة: فهي أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة.
    • كثرة الصدقة: فهي تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
    • شكر الزوج وعدم كفران العشير: بأن تعترف المرأة بفضل زوجها وتحفظ حقوقه.
    • الابتعاد عن اللعن والغيبة: فاللسان هو أكثر ما يُهلك الناس.
    • التمسك بالحياء والعفة: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحياء شعبة من الإيمان".
  • خاتمة

    الأحاديث الصحيحة التي نصت على أن النساء أكثر أهل النار هي للتوجيه والتحذير، وليست حكمًا قاطعًا على جميع النساء. فالمؤمنات الصالحات لهن في الجنة مكانة عظيمة، بل قد تكون بعضهن من سيدات أهل الجنة، مثل: فاطمة الزهراء، ومريم عليها السلام، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد رضي الله عنهن.

    إذن، الخلاصة:

    • النساء أكثر أهل النار بسبب صفات سلوكية، لا بسبب نقص في الخِلقة أو الظلم.
    • الحديث موجَّه للمؤمنات للتحذير، لا للكافرات فقط.
    • الجنة مفتوحة لكل مؤمن ومؤمنة، ولا يظلم الله أحدًا.

    فالنجاة ليست بالانتماء للجنس، وإنما بالإيمان والعمل الصالح.