همزة الوصل وهمزة القطع في علم التجويد

علم التجويد هو علم يُعنى بضبط ألفاظ القرآن الكريم وأصواته بما يوافق طريقة التلاوة التي وردت عن النبي ﷺ، ومن أبرز موضوعاته الهمزات التي تمثل جزءاً أساسياً من أحكام النطق الصحيح. تنقسم الهمزات في التجويد إلى نوعين أساسيين: همزة الوصل وهمزة القطع، ولكل منهما قواعد محددة، ومواضع في القرآن الكريم، وأحكام عند الابتداء والوصل والوقف.

في هذا المقال سنعرض شرحاً وافياً لهذين النوعين من الهمزات، مع ذكر التعريفات والأمثلة القرآنية والتطبيقات العملية، بما يساعد طلاب العلم وقراء القرآن على التمكن من أدائه أداءً صحيحاً يوافق أحكام التجويد.

·        همزة الوصل: هي همزة زائدة تقع في أول الكلمة، تثبت عند الابتداء وتسقط في درج الكلام حال الوصل. وقد رسمت في المصحف الشريف بعلامة (صـ) صغيرة على الألف.
مثال: كلمة اهدنا في قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (الفاتحة: 6).

·        همزة القطع: هي الهمزة التي تثبت في النطق حالتي الابتداء والوصل، وتكتب وترسم على الألف أو تحتها أو على الواو أو على الياء بحسب الحركة.
مثال: كلمة أكرمكم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: 13).

يظهر الفرق بين الهمزتين في عدة جوانب أساسية:

1.    الثبوت والسقوط:

o       همزة القطع تثبت وصلاً وابتداءً.

o       همزة الوصل تثبت فقط عند الابتداء وتسقط عند الوصل.

2.    المواضع:

o       همزة القطع تأتي في أول الكلمة ووسطها وآخرها.

o       همزة الوصل لا تأتي إلا في أول الكلمة.

3.    الحركة:

o       همزة القطع قد تكون ساكنة أو متحركة.

o       همزة الوصل لا تكون إلا متحركة دائماً.

4.    الرسم:

o       همزة القطع تكتب دائماً برسم الهمزة (أ، إ، ؤ، ئ).

o       همزة الوصل تُكتب ألفاً مجردة غالباً أو مع علامة صغيرة (صـ).

مواضع همزة القطع هي:

1.    ماضي الفعل الثلاثي ومصدره

o       نحو: أكلَ – أكلاً – أخذَ – أخذاً.

2.    أول الماضي الرباعي وأمره ومصدره

o       نحو: أعطى – أعطِ – إعطاء.

3.    أول الفعل المضارع مطلقاً، رباعياً أم غيره

o       نحو: أسأل – أتمَنّى – أحترم.

4.    أول الأسماء كلها عدا الأسماء العشرة المسموعة من العرب

o       نحو: أحمد – إمام – إبراهيم.

5.    أول الحروف

o       نحو: أنْ – أو – إلا – إلى – إنّ.

همزة الوصل في لام التعريف

من أشهر مواضع همزة الوصل وقوعها في أل التعريف، حيث تثبت عند البدء وتسقط عند الوصل.

·        مثال قرآني:
قوله تعالى: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ﴾ (التوبة: 112).
هنا تثبت همزة الوصل عند البدء بـ التائبون وتسقط وصلاً مع ما قبلها.

·        تنبيه مهم: إذا دخلت همزة الاستفهام على أل التعريف، فإن همزة الوصل تُبدل ألفاً مثل (آللَّهُ) في قوله تعالى:
﴿قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ (يونس: 59).
أو تُسهّل مثل قوله: ﴿أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ (فصلت: 44).

·        حالة خاصة: عند البدء بكلمة (الاسم) في قوله تعالى: ﴿بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ﴾ (الحجرات: 11)، يجوز قراءتها بإثبات الهمزة (أَلِسْمُ) أو بحذفها والبدء باللام (لِسْمُ).

همزة الوصل في الأسماء السماعية

تأتي همزة الوصل في عشرة أسماء سماعية محفوظة، ورد منها سبعة في القرآن الكريم، وهي:

1.   ابن – ﴿عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ (البقرة: 87)

2.   ابنة – ﴿ابْنَتَ عِمْرَانَ﴾ (التحريم: 12)

3.   امرؤ – ﴿امْرُؤٌ هَلَكَ﴾ (النساء: 176)

4.   امرأة – ﴿امْرَأَةُ الْعَزِيزِ﴾ (يوسف: 30)

5.   اسم – ﴿اسْمَ رَبِّكَ﴾ (الأعلى: 1)

6.   اثنان – ﴿اثْنَيْنِ﴾ (الأنعام: 144)

7.   اثنتان – ﴿اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً﴾ (البقرة: 60)

وجميعها تُنطق بهمزة مكسورة عند البدء وتسقط في حال الوصل، وأما التي لم تذكر فهي(است-ايمن الله-ابنم)

تدخل همزة الوصل على الأفعال الآتية

تظهر همزة الوصل في بعض الأفعال الماضية والأمر والمصادر، وخاصة في الأفعال الثلاثية والخماسية والسداسية.

1.    الأفعال الثلاثية:

o       الأمر فقط: مثل اضرب، افتح، ادخل.

2.    الأفعال الخماسية:

o       الماضي: مثل فانتقمنا، اختلف، اسودّت.

o       الأمر: مثل اقترب، واصطبر.

o       المصدر: مثل اختلاق، انبعاث.

3.    الأفعال السداسية:

o       الماضي: مثل استكبر، واستفتحوا.

o       الأمر: مثل استغفر، استعينوا.

o       المصدر: مثل استكباراً، استغفاراً.

تنبيه: لا تأتي همزة الوصل في الأفعال الرباعية.

• في لام التعريف: دائماً مفتوحة.
• في الأسماء السماعية: دائماً مكسورة.
• في الأفعال:
• إذا كان الحرف الثالث مكسوراً أو مفتوحاً → تكسر الهمزة.
• مثال: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (الفاتحة: 6).
• إذا كان الحرف الثالث مضموماً ضماً أصلياً → تضم الهمزة.
• مثال: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ (الأعراف: 49).
• إذا كانت الضمة عارضة → تعود للأصل (الكسر)، كما في: امشوا، اقضوا، ابنوا، امضوا، ائتوا.

حتى لا يلتقي ساكنان، تُحرّك الحروف الساكنة قبل همزة الوصل كالتالي:

1.    إذا سبق التنوين همزة الوصل → يحرك بالكسر:
﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي﴾ (غافر: 8).

2.    إذا سبقت كلمة من همزة الوصل → تحرك بالفتح:
﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ (الناس: 6).

3.    إذا سبقت ميم الجمع همزة الوصل → تحرك بالضم:
﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ (التكاثر: 1).

4.    في غير ذلك → يُكسر الحرف الساكن:
﴿أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا﴾ (ص: 6).

إن دراسة همزة الوصل وهمزة القطع وفهم أحكامهما في القرآن الكريم ضرورة لكل من يريد قراءة القرآن قراءة صحيحة متقنة كما أُنزل. وقد تناولنا في هذا المقال التعريفات، والفرق بينهما، ومواضع كل منهما في الأسماء والأفعال والحروف، مع بيان الحركات المختلفة والأمثلة القرآنية، لتكون مرجعاً شاملاً لطلاب التجويد ومحبي القرآن الكريم.

قال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ (المزمل: 4)، وهذا لا يتحقق إلا بضبط مثل هذه القواعد الدقيقة.