الآيات السبع المنجيات: الحقيقة والموقف الشرعي
انتشر بين الناس ما يُعرف بـ"السبع المنجيات" من القرآن الكريم، لكن هل ورد هذا الاسم في السنة أو القرآن؟ تعرف على الحقيقة الكاملة، وأقوال العلماء، والحكم الشرعي في هذه التسمية، مع ذكر الآيات وأثرها في الشفاء والفرج.

-
مقدمة
انتشر في السنوات الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي، وفي بعض الكتيبات والمطويات، ما يسمى بـ"السبع المنجيات" أو "السبع آيات المنجيات". ويُروَّج لها على أنها آيات مخصوصة تُقرأ عند الكرب أو الشدة لجلب الفرج. وفي بعض الأوساط، خاصة في مصر وبعض الدول العربية، تُتداول هذه الآيات على نطاق واسع باعتبارها وصفة روحانية مأثورة.
لكن، ما حقيقة هذه التسمية؟ وهل ثبتت في الشرع؟ وما موقف العلماء منها؟ -
ما هي الآيات "السبع المنجيات"
الآيات السبع المنجيات تتضمن هذه المجموعة سبع آيات من سور متفرقة، وهي:
1. ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: 51]
2. ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس: 107]
3. ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [هود: 6]
4. ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [هود: 56]
5. ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [العنكبوت: 60]
6. ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [فاطر: 2]
7. ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ [الزمر: 38]
-
أصل التسمية وانتشارها
في مصر وبعض الدول العربية، تنتشر كتيبات صغيرة أو رسائل ورقية بعنوان "السبع آيات المنجيات"، وغالباً تُربط هذه التسمية بأقوال منسوبة لكعب الأحبار أو بعض القصص التراثية، دون سند صحيح.
يُضاف إليها أحياناً نصائح مثل: "اقرأ هذه الآيات بنية الفرج" أو "أرسلها لكل من تحب"، مما ساعد على انتشارها في البيوت، بل وكتابتها على جدران بعض المساجد.
لكن عند التحقيق في المصادر الشرعية الموثوقة، لا نجد أي دليل من القرآن أو السنة على تخصيص هذه الآيات بهذا الاسم أو الفضل. -
الموقف الشرعي الموثوق
1. فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء
أوضحت اللجنة أنه لا أصل لهذه التسمية، وأن القرآن كله شفاء ورحمة، ولا يجوز تفضيل آيات معينة بوصف أو ثواب مخصوص إلا بدليل من الوحي.
2. فتوى موقع "إسلام ويب"
أكد الموقع أنه "لم نقف - فيما اطلعنا عليه - على نص من نصوص الوحي يخصها بهذا الاسم (السبع المنجيات)"، وحذّر من نشر الرسالة إلا بعد التحقق.
3. فتوى موقع "الإسلام سؤال وجواب"
جاء في الفتوى: "تخصيص هذه الآيات باسم السبع المنجيات لا أصل له، وهو من البدع المحدثة"، مع التوصية بالتمسك بالآيات والأدعية الثابتة عن النبي ﷺ.
-
النصوص الثابتة في دفع الكرب
على المسلم إذا أصابه هم أو حزن أن يلجأ إلى:
- المعوذات صباحاً ومساءً.
- آية الكرسي بعد كل صلاة وعند النوم.
- خواتيم البقرة ليلاً.
- الأدعية النبوية المأثورة مثل: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم...".
- المعوذات صباحاً ومساءً.
-
الخلاصة: الجواز مع التحذير من التخصيص
- أصل الفكرة: القرآن كله شفاء ورحمة للمؤمنين، ويجوز قراءة أي آيات لأي غرض مشروع من الرقية أو الدعاء.
- التقييد الخاطئ: لكن لا يجوز اعتقاد أن مجموعة معينة من الآيات ثابت تسميتها شرعاً بـ"السبع المنجيات" إلا بدليل، لأنه لم يرد عن النبي ﷺ ولا الصحابة.
- الخلاصة: يجوز قراءة هذه الآيات إذا قصد القارئ ما تضمنته من معانٍ ودعاء وتوسل إلى الله، لا باعتقاد خصوصية عددها أو تسميتها، فالقرآن لما قُرئ له.
-
خاتمة
القرآن الكريم كله منجاة وشفاء ورحمة، لكن الشرع الحكيم لم يخصص مجموعة بعينها تحت مسمى "السبع المنجيات". إنما هذه تسمية شعبية انتشرت في بعض البلدان، وخاصة في مصر، دون دليل شرعي.
والواجب على المسلم أن يتحرى صحة ما يُنسب إلى الدين، وألا ينشر إلا ما ثبت عن النبي ﷺ، قال صلى الله عليه وسلم: "من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار".